المخطط / أسعد العزوني

أسعد العزوني ( الأردن ) – الثلاثاء 16/2/2021 م …




أثناء تشييع الراحل الحسين عام 1997 ،جاءني من يهمس في  أذني أن الكاتب الصحفي العالمي الشهير توماس فريدمان ،موجود في ثنايا المكان ،فطلبت منه التأشير عليه ،فهو صيد صحفيّ ثمين بالنسبة لي.

توجهت إليه فورا وقدمت نفسي إليه ،وسألته عن  أحوال المنطقة، كونه متخصصا في شؤونها ،ويرتبط بعلاقات وثيقة مع صناع القرار فيها ،فأجابني بدون تفكير مسبق وكأنه كان ينتظر مثل هذا السؤال،وقال أن المنطقة تنتظر أوضاعا صعبة لن تقدروا على مواجهتها،وصمت وكأنه جهاز إنتهى شحنه.

كانت هذه الكلمات القليلة حافزا قويا لي على الإلحاح بطلب المزيد ،لكنني وللمرة الأولى فشلت في إنتزاع أي حرف إضافي على ما قاله سابقا،فقلت له أنني مصمم على الحوار ولا أحد يرفض لي طلبا ،لكنه وضع سبابتيه في أذنيه وقال لا أقدر البوح بالمزيد، ومن ثم إختفى في سيل البشر العرم وأضعته في الزحام،وكلماته تطحن في رأسي.

بقيت كلماته المعدودات تطحن في رأسي وترن في أذناي كأجراس الكنائس يوم الأحد ولا جواب،وبحكم عملي في الصحافة ،كنت ألتقي العديد من المسؤولين الغربيين الذين يزورون الأردن ،وكانوا يركزن على تحولهم نحو التنظيمات خارج إطار الدولة ،وعلى مؤسسات المجتمع المدني،وكانوا يقولون أن هذه المؤسسات تستجيب لمطالبهم بسرعة وتزودهم بالتقارير اللازمة عن الأوضاع في البلد، وبثمن لا يقارن مع ما تتقاضاه الحكومات كمساعدات ومنح وقروض ،ولا تقدم شيئا يطلب منها عن الأوضاع الداخلية.

عام 2010 تلقيت دعوة من سفارة الإتحاد الأوربي، للمشاركة في الإحتفال الخاص بإزالة آخر لغم في الأراضي الأردنية المحاذية للحدود مع الشقيقة سوريا،توجهنا في الحافلة من عمّان إلى منطقة الحدود ،ووجدنا جهدا كبيرا تم بذله لإحداث تسويات وتمهيدات في الأرض وجعلها كالكف.

خلال المؤتمر الصحفي قيل لنا  أنهم وبعد تمهيد الأرض وإعادة تأهيلها للحركة فيها ،سيعيدونها لأصحابها الأردنيين لزراعتها مجددا،ولا أدري أي شيطان تلبسني عندما قلت لهم أن ما رأيناه من جهود وتسوية وتمهيد للأرض،لا يدل على أنهم سيعيدونها لأصحابها الأردنيين لزراعتها ،فسألوني الحجة وإن كان لدي معلومات حول هذا الأمر ، ولم أجب.

بعد أشهر معدودات ،إنفجر الوضع السوري في درعا عن طريق “تلاميذ”مدارس طالبوا بإقالة المحافظ،لكن السلطات لم تستجب لهم  ،فإمتدت النيران في جميع أرجاء سوريا ،ورأينا كل شياطين الأرض وقد إرتدوا العمائم والجبة وأطلقوا اللحى ،وشوهد المدد غير المتخيل.

كما هو معروف فإن الربيع العربي إندلع في تونس أولا وإنطلقت شراراته إلى مصر وليبيا وسوريا والعديد من دول الخليج والمغرب والأردن ،وتمت معالجة الموضوع في الخليج بسرعة متناهية بسبب الوفرة المادية ،بينما في المغرب فقد كان الحل بأمر من الملك محمد السادس أن يشكل الإسلاميون الحكومة ،وهكذا دواليك.

الغريب في الأمر أن الربيع العربي قد تم إختطافه من قبل الأعداء الذين رسموا لنا المخطط وفضحهم مبكرا توماس فريدمان ،وأصبح المتصهينون أمثال جون ماكين  واليهودي الفرنسي بيرنارد ليفي  وآخرون ،من أيقونات الثورات العربية ،ولنتخيل كيف سيكون التغيير في حال كان رائده صهيوني ،لذلك ليس غريبا أن تكون النهايات كما نراها حاليا من إمعان في التقتيل والتدمير في البلدان العربية،كما أنه ليس مستغربا ان نجد مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينة الإرهابية، تتربع في ثنايا هذه الحراكات التي أطلقوا عليها لقب الثورات،ولا أدري أي ثورة تدعو للتطبيع مع مستدمرة إسرائيل كما وعد قادة “الثورة”السورية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.