هل يهدف انتقاد إدارة بايدن للنظام السعودي إلى الإطاحة بمحمد بن سلمان؟ / د. كاظم ناصر
د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الإثنين 1/3/2021 م …
اعترفت الويات المتحدة الأمريكية بالمملكة العربية السعودية وأقيمت العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين عام 1940. ومنذ ذلك الحين، ورغم الاختلاف البائن بين نظاميهما السياسيين، فقد تحالف البلدان للمحافظة على النظام ودعم العائلة السعودية الحاكمة، وضمان سلامة حقول النفط وطرق نقله وإيصاله لدول العالم، والتصدي للحركات القومية واليسارية والإسلامية المطالبة بالتغيير، والمساعدة في احتواء إيران، وفي تحقيق سلام مع إسرائيل.
خلال فترة ولاية دونالد ترامب ازدادت العلاقات الأمريكية السعودية قوة، ونجح الرئيس الأمريكي السابق في ابتزاز المملكة بمئات المليارات من الدولارات مقابل وعود بحمايتها .. وسكوت .. إدارته عن حربها ضد اليمن، وعن سياساتها الداخلية القمعية وانتهاكاتها لحقوق الانسان وقتل الصحفي جمال خاشقجي، واعتقالها لآلاف المواطنين من بينهم الأمراء أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف وعبد العزيز بن فهد وأمراء آخرين، ورجال دين واعلام وناشطين وناشطات يطالبون بإجراء إصلاحات سياسية في البلاد.
وفي المقابل وعد بايدن الشعب الأمريكي خلال حملته الانتخابية بالتخلي عن سياسة التستر والحماية التي منحتها إدارة ترامب للأنظمة الدكتاتورية وخاصة النظام السعودي، وأوفى بوعده منذ تسلمه سلطاته الدستورية حيث مارست إدارته ضغوطا قوية على المملكة وطالبتها بوقف انتهاكاتها لحقوق الانسان، وأطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات المطالبين بإصلاحات سياسية، وإنهاء حرب اليمن، وأصدرت تقريرا عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي يدل على أن إدارة بايدن نأت بنفسها عن محمد بن سلمان ولي العهد ورجل السعودية القوي من خلال اتهامه بالمشاركة في عملية الاغتيال. وبعد نشر التقرير بوقت قصير أعلنت الإدارة حظر دخول الأراضي الأمريكية على 76 سعوديا، وقال وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن انها عقوبات تندرج تحت اسم ” حظر خاشقجي “، ربما كان الهدف غير المعلن منها هو إحراج المملكة وخاصة الأمير محمد بن سلمان!
إدارة بايدن لا تريد تصدعا لتحالفها مع المملكة العربية السعودية، وستحافظ على علاقاتها معها، وستبتزها ماليا كما ابتزتها الإدارات الأمريكية السابقة، وتستخدمها في حماية مصالحها في المنطقة، وتنفيذ سياساتها الرامية لاحتواء إيران، ومحاربة الإرهاب، والمساعدة في التطبيع مع إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية، ومنع التغلغل السياسي والاقتصادي والعسكري الروسي والصيني في المنطقة. فلماذا إذا هذه الهجمة الأمريكية المفاجئة على النظام السعودي وولي العهد محمد بن سلمان؟ هل هي من أجل عيون السعوديين والعرب أم من أجل حماية النظام ومصالح أمريكا وإسرائيل؟
إدارة بايدن لا تهمها حقوق ومصالح الشعب السعودي والشعوب العربية؛ ولكنها تخشى أن يؤدي تهور محمد بن سلمان ومغامراته الغير مدروسة إلى خلافات داخل أسرة آل سعود الحاكمة وزعزعة استقرار المملكة، وتعزيز النفوذ الإيراني، وإلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية في المنطقة؛ ولهذا يمكن القول ان الهدف الخفي من الهجمة الأمريكية الحالية على السعودية هو .. الإطاحة .. بولي العهد محمد بن سلمان واستبداله بأحمد بن عيد العزيز، أو بمحمد بن نايف ولي العهد السابق، أو بأمير آخر لضمان استقرار المملكة؛ أي إن القضية ليست حقوق الشعب السعودي، بل هي استمرار النفوذ الأمريكي ودفع المنطقة إلى المزيد من التشرذم والخراب.
التعليقات مغلقة.