ننشرها لأهميتها … الرسالة الأولى من راهب فلسطيني إلى الصهاينة واليهود




أنطونيوس حنانيا* ( فلسطين ) – الإثنين 8/3/2021 م …

* الراهب الأرثوذكسي العكاوي الجليلي الفلسطيني 

رسالتي صريحة ومباشرة لشعب يحتاج لسماع صوت صارخ يوقظه من غفلة عميقة في بَرّيَتِه، أساسها الصدمات النفسية عبر التاريخ، كالشعور بالرفض من الآخرين، والتقوقع داخل مجتمع منغلق وسري، ورفض التعامل مع الواقع الأليم الذي وصل إليه (بسبب الشعور الفوقي على كل الأمم).

هو شعب متورّط في كل الدول ولكنه غافل عن نفسه وخلاصه. منذ أن انفتح على دول الجزيرة العربية، ابتدأ ينشر خدمات القروض المالية لسرقة مال العرب والمسلمين وإفقارهم. يبثّ إعلانات توظيف جواسيس في سوريا من دول الخليج العربي مع مراتب عالية لاصطياد عملاء خونة كان الأفضل لهم أن لا يولدوا في هذه الحياة. هو شعب (اليهودي الصهيوني) يحتاج لمعالجة نفسية طويلة كي يتخلص من عقدة “أنه ضحية دائمة أينما ذهب وتوجّه”. بالحقيقة هذا الشعب هو الذي خلق هذه العقدة لنفسه. يذهب إلى مكان على أنه ضحية التمييز ويُستَقْبَل من المستضيفين. ثم يكبر ويزدهر ويبدأ بالسيطرة على موارد البلد المستضيف.
يتقوقع باسم ديانته مستعلياً على مضيفيه الذين يبدأون بالشعور الدوني والعداء. تبدأ الفتن والإنقسامات وينهال غضب المستضيفين على “الشعب المختار” ويُطْرَد من هذه البلاد ليبدأ نفس الموّال في مكان آخر. بعض علماء النفس، وجدوا أن التفرط في زيادة التعظيم بالنفس يعكس الصورة المعاكسة وينتهي تشخيص هذا الإنسان بعقدة النقص. الإستعلاء الحقيقي بالله يبدأ بالتواضع المفرط إلى درجة إخلاء النفس والتشبه بسائر البشر.
قد يشمئز البعض ظانين أن النبي يوحنا المعمدان عاد من جديد في آخر الأزمنة. حسنا، أنا من أحفاده الحقيقيين (عام هاشم = شعب صاحب الإسم) ومن كنيسة قريبه يسوع (يشوع ها مشيح) ومن نهج طريقته (هالاخا – نهج الشريعة). لماذا لا نقول أن روح إيليا بدأت تظهر رويدا رويدا لتدعوا هذا الشعب إلى التوبة والعودة إلى الله وإصلاح ما أفسده إن أمكن؟
أنا لست ضد اليهود ولست ضد ديانتهم لأن لليهود الحق في اختيار إيمانهم بالله ولا يَصْلُح إكراههم في الدين.
درست هذه الديانة أكثر من عشرين عاما لأفهم لماذا آمن البعض منا بالمسيح والبعض الآخر (الأكثرية) رفضه.
أن أكون فلسطينيا في اللغة الآرامية تعني أنني أنتمي إلى الأرض المباركة التي أعطانا إياها إبراهيم لكل الذين ينتمون إليه من اليهود والمسيحيين والمسلمين.
على زمن المسيح، كان العالم القديم يسمع باليهود الفلسطينيين واليهود البابليين وبالتلمود الفلسطيني والتلمود البابلي (راجعوا كتاب حكمة التلمود للحاخام بوكسر بن صهيون بالإنكليزية).
فقط منذ إنشاء دولة الإغتصاب, أصبحوا يستعملون عبارة التلمود الأورشليمي لكي لا يلفظوا اسم فلسطين لشدة كرههم لشعب الأرض الأصيل. نحن الذين آمنا بالمسيح، أصبحنا نُدْعَى بالمسيحيين الفلسطينيين. لأن العنصرة أزالت جدار العداوة مع الأمميين، أما التلموديين الفريسيين، استمروا منغلقين على حالهم رافضين التآخي مع سائر البشر.
نحن والرسل اعترفنا بالمسيح، أما اليهود الآخرون رفضوه وحاربوه إلى يومنا هذا.
إنتماؤنا الفلسطيني لهذه الأرض حقائق يذكرها رئيس وزراء الدولة الصهيونية الثاني بعد بن غوريون واسمه إسحق بن صفي، في كتابه المنفيون والمفديون باللغة الإنكليزية. ثم في عصرنا هذا, العالِم بعلوم سلالات الشعوب، ميسيناي صفي، يؤكد هذه الحقائق بالحمض النووي. هذا لا يعني أننا سنَتَيَهْوَد أو نتصهين بل هذا يعني أننا فلسطينيون من هذه الأرض المباركة, مسيحيون ومسلمون وسامريون ويهود شرقيون – من الذين عاشوا معظم حياتهم في فلسطين قبل 1917 حتى ولو كانوا قلّة صغيرة.
لليهود تاريخ قديم لم يبدأ إلا عندما قبلوا العهد مع الله في سيناء. قبل سيناء، كانوا من الآراميين التائهين وبدون حضارة (تثنية 10:26).
على الناس أن يفهموا أن هنالك أنواع من هذا الشعب اختلفت عبر العصور وليس بالضرورة أن يكونوا منتمين إلى الحقبات القديمة.
مثل على ذلك، لو كان النبي موسى حاضراً معنا الآن لرفضهم وزجرهم على رفضهم للمسيح، وأنّبَهُم على ألاعيبهم الوسخة في سياسة العالم وأثبت لهم أنهم على خطأ جسيم في تقييم الأمور وتفسير آيات الأنبياء.
لا شيء يؤكد رضى الله عنهم في الحالة التي وصلوا إليها، بل نرى أن الله يُمَرْمِرَهم بسبب معاصيهم محاولاً أن يقول لهم “توبوا قبل فوات الأوان”.
منذ اغتصابهم لفلسطين لم يعرفوا يوما هادئا ولن يعرفوا الهدوء في ظل القمع والعربدة السياسية. ألم يغضب الله عليهم رافضا أن يدخلوا راحته (عبرانيين 11:3)؟ بالرغم من ماضيهم المليء بالشرور، الله الرحوم يدعوهم للعودة إلى ذواتهم ليدركوا ما فعلوه من فتن ومجازر بحق شعوب الأرض لربما يتوبون. توبتهم تعني أن يعود يهود أوروبا إلى ديارهم ويعطوا بيوت هؤلاء تعويضا للفلسطينيين الذين خسروا بيوتهم وممتلكاتهم.
توبتهم تعني بقاء اليهود العرب معنا لكي نتعايش معهم متساوين ومسالمين أمام الله. توبتهم تعني انحلال الصهيونية إلى لا رجعة وأخذ الضمانات من الفلسطينيين أن الذين قبلوا أن يعيشوا معنا لن يمسّهم سوء. عندما نعطي كلمة ثقة، يكون الله شاهداً على وعودنا. نحن نختلف عن هؤلاء (المنظمات الدولية المتصهينة) الذين أعطوا وعوداً سنة 1982 في لبنان، بحماية مخيماتنا، وبعد انسحاب منظمة التحرير بكوادرها البواسل والأبطال، افتعلوا مجازر صبرا وشاتيلا. ليس فقط هذا، بل حاول الكثيرون الدخول لمخيماتنا آنذاك، واحتلالها للتخلص من الفلسطينيين، ليبتلوا بالهزائم بسبب شهداء الثورة الفلسطينية البطلة والدفاع الإلهي عن شعبه، حدقة عينه. أية محاولة للنيل من شعبنا الفلسطيني ستنتهي بالفشل الذريع.
إن النبي إيليا سيدعوهم بقساوة للتوبة عندما يعود إلى أرضنا.
في القرن الرابع ميلادي، حاول اليهود إعادة بناء الهيكل في القدس ولكن النار هبّت من بين الأنقاض ومُنِعوا من الله. القديس يوحنا الذهبي الفم يذكر ذلك في كتابه ستة عظات ضد المتيهودين المسيحيين. آفي يونا، في كتابه يهود فلسطين بالإنكليزية، يقول بأن زلزالاً حصل وخرجت النار من بين الأنقاض ولم يقدروا أن يتابعوا عملهم. تعدّدت الأسباب والموت واحد. يكمل القديس يوحنا الذهبي الفم السوري الأصل ويقول بأن الهيكل لن يُبْنَى. هذا القديس كان يسمع بولس الرسول يهمس في أذنه معاني الإنجيل والرسائل. السماء لن تبارك بناء الهيكل الثالث.
هناك من يعتبر وجودهم في فلسطين نبوءة من الله، ولكن المتدينين الحسيد كالسَتْمَار والناطورَيْ كرتا يؤمنون بأن هذا الكيان إنما هو شيطاني بحت وعلماني معادي للدين ومشجع للشذوذ الجنسي كما هو الحال في مدينة يافا وأماكن أخرى. فقط المسيا اليهودي يعيد ملك داوود، والمسيا الناصري هو ذلك المسيا.
أي مسيا آخر لن يكون سوى شيطان آتٍ من جهنم من وادي جهينوم. حتى السامريين، فإنهم يشعرون بأن هؤلاء الذين أتوا من أوروبا الشرقية، لا يَمُتّون بصلة إلى شعب إسرائيل الحقيقي القديم لأن عاداتهم خازارية مختلفة وغريبة.
اليهود العرب يشعرون بأن هؤلاء الأشكناز (يهود أوروبا) غرباء عن إسرائيل التوراة، وعلينا أن ندرك أن المحاولة الصهيونية لربط جذور الأشكيناز بالتوراة ليست سوى نظرية فكرية لا تمت بصلة إلى الواقع. إن قرأنا كتاب آرثر كوستلر القبيلة الثالثة عشرة، نفهم البندقة الخازارية لهذا الشعب. هرمان ووك، الكاتب اليهودي الأرثوذكسي، في كتابه، هذا إلهي، يقول بأن لباس المتدينين اليهود ليس يهوديا إنما هو زي الأوروبيين الأمميين من القرون الوسطى. قبعة الصوف المستديرة، التي يلبسها المتدينون، اُخِذَتْ من مشايخ فلسطين المسلمين الذين يظهرون في صور كتاب غيردنر مقدمة للإسلام. نحن في فلسطين، كنا معتادين على وجود اليهود فيما بيننا، ولكننا عندما أحسسنا بغرابة الآتين إلى ديارنا المشرقية انتفضنا وما زلنا منتفضين.
أنا، كراهب أرثوذكسي، عكاوي، جليلي، فلسطيني، يؤمن بمسيحه الذي أتى وسوف يأتي باسم الرب، يتساءل عن صفات هذا المسيح الذي سيأتي لليهود بينما هناك مسيح واحد. ولذلك، شعرت أنه من واجبي أن أدعوهم لينهضوا من سبات نومهم العميق، والمُخَدّر بعبادة الذات، ليعرفوا أن المسيا الذي ينتظرونه ليس سوى شيطان.
طبعاً، أتمنى أن لا يتجرأ صهيوني خازاري على اتهامي بالعداء للسامية, لأنني سامي بامتياز وألفظ حروف ال’ح’ وال’ع’ بوضوح تام. آكل الأطباق الشرقية بامتياز ولم أستورد وجبات من أوروبا الشرقية وألمانيا وروسيا. ألفظ كلمة السبت بوضوح وأقول ’شبات’ بدل من ’شابوس’. أقول ’آمين’ بدل من ’أومَيْن’. لن أتطرّق إلى أمور أخرى تتعلق بإنتمائي الأصيل الذي ورثته عن عائلتي من جهة أبي وجهة أمي، بل سأترك الأمور تأخذ مجراها إلى اليوم المحدد الذي يختاره الله لكشف المحجوب حتى ولو كره المتآمرون.
أنا لا ألتزم بمنطق معايير دول العالم ولا بمنطق معايير الأمم المتحدة لأنهم متصهينون ومنحازون, وكل العلوم الحاضرة ليست سوى فَبْرَكة وانحراف لتخدم مصالح الماسونية اليهودية (رأس الحية) والماسونية المسيحية والإسلامية (عبيد المشروع الصهيوني في العالم وذنب الحية). أحترم الأمم المتحدة فقط عندما تدافع عن كامل حقوق شعبنا الفلسطيني وعندما تتوقف الهيمنة الصهيونية على هذا المجلس.
في ختام رسالتي الأولى, أقول لليهودي: إفصل نفسك عن الصهاينة لأن دعمهم لِدينِكَ مرتكز على فلسفة ماكيافيللي القائمة على البطش والعنف بإسم الدين. ألم يصف نورمان ستيلمان اليهودي في كتابه يهود أراضي العرب بالإنكليزية الإنسجام الموجود بينكم وبين المسلمين؟
لا تسمع للصهاينة لأن المسلمين يعاملونك معاملة أفضل. للقرّائي اليهودي أقول: أنت من أبناء الحاخام العظيم آنان بن داويد اللاوي، الذي كان مع الإمام أبي حنيفة النعمان في السجن، وكتبت باللغة العربية، وعشت بين العرب معززاً ومكرّماً. لماذا تدعم الصهاينة؟
أنت انتقدت الفريسيين لكثرة تقاليدهم التي من خلالها أضاعوا بوصلة التوجه الحقيقي إلى الله.
ساند الشعب الفلسطيني الذي هو بطبيعته مسالماً. لا تسمع للصهاينة لأنهم سيدمرون حياتك بهذا الإنتحار الذي يُحَضّرونه للعالم. الفلسطيني يحترم تنوّعَكَ الديني ويُغني معرفته بتنوع تفاسيرك واجتهاداتك. للصهيوني أقول: سيكون لي رسائل أخرى أوجّهها لك لكي تستيقظ من غفلتك التي ستؤديك إلى دمار نفسك والعالم وكأنه إنتحار شامل فقط لأن كبرياءك لا يسمح لك بالإنكسار. ألم تفعل هذا في مصادا عندما حوصرت من الرومان وقتلت معك زهاء الألف من أبنائك لكي لا تستسلم؟
تشعر بفخر الشهادة والبطولة ولكنك رفضت المسيا الذي جاءك بالسلام ليعطيك حياتاً أفضل.
ما معنى شهادتك ولمن تقدمها؟ في بريطانيا، في القرون الوسطى، سنة 1190، في قلعة كليفرد، انتحَرْتَ جماعيا عندما حوصرتَ من البريطانيين الذين شعروا بامتيازاتك المالية بينما كانوا هم محرومين. فعلت نفس الشيء وكنت رافضا للمسيح. لمن فعلت ذلك؟ ألم يتفوه دكتور جامعي لديكم باسم رينيه بيريس، بأن إسرائيل ستدمر الكون إن حوصرت من جيوش العالم أو أراد أحد إبادتها؟ هل هذا هو اسلوب ’علي وعلى أعدائي يا رب’ كما قالها شمشون الجبار؟ إلى هذه الدرجة وصل يأسكم؟
لماذا لا تكونون ساعين للسلام لكي يتعاون العالم معكم وتُشْفونَ من مرض عقدة النقص؟ هل تعتقد أن الله يفرح بإبادة الأبرياء بسبب كبريائك؟ هل هذا أسلوب متحضّر أو متخلّف؟ في لبنان، عندما انْهَزَمْتَ من حزب الله، لم تترك مكانا في لبنان إلا ورميت القنابل العنقودية التي تؤذي الأطفال. إين ستهرب من غضب ربنا؟ أنت سامي كباقي الساميين. لماذا تريد أن تترفع على إخوتك الذين يشاركونك بأبيهم سام؟
هل تعلم أنك تقاتل شعب الله بقتالك الشعب الفلسطيني؟
هل تعلم أن السرياني هو آرامي كإبراهيم؟
هل تعلم بأن حروفك الأبجدية أُخِذَتْ من الحروف الآشورية؟ هل تعلم أن السامريين لهم الحق بتحديد الإنتماء الإسرائيلي من خلال الأب؟ ألم تكن زوجة النبي موسى مديانية إسماعيلية عربية؟ لماذا تريد الإستعلاء على إخوتك الساميين وأنت واحد منهم؟ أنت تفتخر بكارل ماركس ولكنه معمد في الكنيسة اللوثرية. أنت تفتخر بإميل دُركهايم ولكنه كان مغروما بالكنيسة الكاثوليكية. أنت تفتخر بنوستراداموس ولكنه كان معمد كاثوليكيا.
أنت تفتخر بالكاتبة والمناضلة سيمون ويل ولكنها كانت تحب المسيح. الفيلسوفة العظيمة إديت شتاين أصبحت راهبة كرملية وقديسة. تعال إلى الله وتصالح مع الجميع، وعَوِّض على الفلسطينيين خساراتهم. هل أنت قادرٌ على التوبة؟
الراهب الأرثوذكسي العكاوي الجليلي الفلسطيني أنطونيوس حنانيا
دير القديس جاورجيوس صيدنايا / سوريا 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.