مصير سورية / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي * ( سورية ) الأحد 6/12/2015 م …
* صحفي وكاتب سياسي…
بدأ الآن الأميركيين والأوروبيين يعترفون بالحقيقة التي كانوا يقرون بها في أحاديثهم الخاصة، وهي أن الخطر الأساسي على المنطقة وعلى مصالح الغرب، لا يتمثل في نظام الأسد، وإنما في إحتمال إستيلاء الإرهابيين في سورية ودول أخرى في المنطقة على السلطة، وفي الظلال نقرأ تبدلاً في لغة العالم إزاء دمشق لعدة معطيات وغايات، مثلما نقرأ نقل الجولة القادمة من اجتماعات فيينا الخاصة بالبحث عن حل للأزمة السورية بوسائل سياسية، إلى نيويورك في الثامن عشر من الشهر الجاري لتكون تحت رعاية مجلس الأمن الدولي، فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوّة داخل الدوائر السياسية والدبلوماسية الغربية والعربية هو: هل من الممكن أن تكون نيويورك بوابة الحل السياسي السوري؟ وهل ستتم دعوة دمشق إلى نيويورك، أم سيقوم حلفاؤها بمهمة التفاوض بشكل مبدئي حتى يتم التوصل إلى نقاط مشتركة يتم بعدها لقاء الوفد السوري بوفد المعارضة المنتخب من قبل الرياض؟.
على الرغم من أن أمريكا شنت غارات على مواقع لداعش في سورية، فإن الأصوات المنتقدة لذلك في الداخل الأمريكي طرحت العديد من التساؤلات حول فعالية خطة أوباما، لا سيما أثرها الحقيقي على دفع خطر الإرهاب عن واشنطن، كما تسعى الدول الغربية وخاصة بريطانية وفق معطيات وظروف جديدة لإعادة سيناريو حليفتها واشنطن، وهو الأمرالذي يخدم السياسة الأمريكية لجهة إعادة أهمية التحالف الدولي الذي تُديره أمريكا، فيما يؤدي ذلك بالنتيجة، لتنويع اللاعبين الإقليميين والدوليين في سورية والتخفيف من تفرُّد كل من إيران وروسيا وحزب الله في الحرب على الإرهاب، ومن هنا فإن أن تعدد الأطراف في سورية سيُجبر الطرف الروسي على التنسيق مع الجميع، مما يخلق واقعاً جديداً مغايراً للمشهد الحالي الذي يُظهر فقط الطرف الروسي والإيراني في الميدان العسكري، خاصة بعد أن أصبحت روسيا تقوم بدور يفوق الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وباتت العاصمة الروسية مقصدا للجميع ومن ضمنهم السعوديون، وفي إطار لك عملت واشنطن على تزخيم التفاوض للمسألة السورية في نيويورك بدلاً من فيينا3، وهذا يرجع الى فشل حلفاؤها في تنفيذ ما تمّ الاتّفاق عليه في اجتماع فيينا2 الموسّع حول سورية، الذي تضمَن على ضرورة تحديد لائحة الجماعات الإرهابية العاملة في سورية، التي لا ينطبق عليها وقف إطلاق النار، وإعداد لائحة بمنظمات المعارضة المعتدلة، التي سيُشارك ممثّلون عنها في مفاوضات التوصّل إلى تسوية سياسية مع الحكومة السورية.
في سياق متصل إن إمكانية أن تحقق اجتماعات نيويوك1 حلول للأزمة وللقضايا الخلافية التي لازالت معلقة بشأن الأزمة السورية، لا بد أن تقتنع جميع أطراف الأزمة السورية بأن حلها يجب أن يكون عبر الوسائل السياسية فقط، وأن الحديث عن حل عسكري سيؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا، وتهجير المزيد من المدنيين وتهديم ما تبقى من البنية التحتية، وبالتالي وضع مستقبل سورية أمام نفق مظلم ومجهول يحمل في طياته مخاطر تمزيق وحدة الشعب السوري وتقسيم بلده، فضلاً عن ضرورة وجود موقف دولي موحد تجاه كل أشكال الإرهاب، وتوحيد الجهود والإمكانيات لمحاربته التنظيمات والجماعات الإرهابية، والفرز بين تلك الجماعات وبين الفصائل المسلحة المعارضة التي يمكن أن تكون جزءاً من العملية السياسية والتسوية، وفي حال تحقق ذلك، يمكن القول إن نقل الاجتماعات من فيينا إلى نيويورك خطوة إيجابية باتجاه الحل السياسي لإنهاء الأزمة في سورية، لذلك ما علينا إلا أن ننتظر الأسابيع القادمة لنرى أبعاد هذا الإجتماع والنتائج المترتبة عليه، والإجراءات التي سوف يتم إتخاذها من أجل هزيمة داعش والقوى المتطرفة في المنطقة وحل الأزمة السورية بما يريده الشعب السوري .
مجملاً…من التطورات الإيجابية للمسألة السورية التحول الملحوظ على مستوى الأطراف السياسية والنخب للحديث عن مبادرات ومخارج للأزمة، وتمثل ذلك في طرح العديد من المبادرات والحلول لرأب الصدع ووقف القتال، ومن هنا ندعو الجميع الذهاب الى الحوار من أجل سورية لأننا نريد الوصول الى طريق يأخذ سورية الى الأمام وترجع كرامة السوريين، تحت مظلة واحدة وهي مظلة سورية وليس هناك شخص قادر على حل مشكلة سورية غير السوريين أنفسهم وبمساعدة حلفاء دمشق من أجل ان تكون سورية دولة واحدة موحدة، وبإختصار شديد نحن السوريين سنتعايش وسنتحاور، هكذا نفهم واقعنا، وهكذا نفهم حب الوطن ومعنى التعايش والمواطَنة، وإنني على يقين تام بأن الشعب السوري الجبار سيتمكن من تجاوز أزمته بالحكمة وستفوز أصوات العقل على أصوات دعاة الفتن الطائفية وسينتصر عليها بل وسيؤسس لمستقبل سوري أفضل وسيعم الرخاء والاستقرار في وطننا الكبير سورية.
التعليقات مغلقة.