مظاهر خدّاعة / فيصل سلايطة




فيصل سلايطة ( الأردن ) – الجمعة 12/3/2021 م …

ضجت وسائل الاخبار العربية و المصرية على وجه الخصوص بفيديو خطير لرجل يقوم بالتحرش بطفلة بعد أن استدرجها إلى زواية في مدخل احدى الابنية في القاهرة …

السؤال هنا لماذا انتشر هذا الشريط كالنار في الهشيم بالرغم من عشرات المواقف المشابهة ؟ ما الغريب به الذي جعله محل حديث العالم العربي ؟

الغريب و الجديد في هذه الحادثة تحديدا هو تفاصيل المتحرش الخارجة عن المألوف أو الصورة السائدة , فقد رُسمت في العقول صور و تخيلات لمظهر من يتمهنون هكذا افعال دنيئة , لكن المجرم في هذا الموقف كان قريباً من صورة المسالم في مخيلاتنا , كان يشبهننا عندما نذهب لوظائفنا من ناحية الترتيب و المظهر الجيد , فالمظاهر في معظم الاحيان خدّاعة , هذا الشخص الذي لا اتشرف بكتابة اسمه حتى كسر بفعلته النمطية في الحكم على المظهر , و أكاد أجزم أنّه لو لم تكن هنالك كاميرات تراقب و تسجل لكذّب العالم بأسره البطلة التي كشفت عملته المُشينة .

هذه الحادثة يجب أن تُحرّك العقول التي تنجذب للمظهر الخدّاع في معظم الاحيان , الذين يصنعون هالة حول الاشخاص الذين يصدرون صورة المثالية عن انفسهم , فمثلا إن تصفحنا صفحة المتحرش في مصر سنتفاجئ بصورة الكعبة المشرفة تتصدر صفحته و صور لزيارته للحرم حتى أن المتصفح سيستطيع استنشاق رائحة البخور تفوح من صفحته , هنا في الغالب سيخدع هذا الشخص العديد من الاشخاص لمجرد استعراضه لهذه الصور مخفيا حقيقته المخزية وراء عباءة الدين .

للاسف كُثر يبررون التحرش و يعطوه ابعاداً تساهم في نشره و جعله فعلاً مستساغاً , غير مدركين أن التحرش هو ايذاء أو مضايقة الاشخاص جنسيا أو نفسيا أو جسديا و في الغالب يكون التحرش الخطوة الاولى للاغتصاب أو القتل .

وأيضا التحرش هو من الافعال القبيحة القليلة التي تكون مبررات اقترافها افظع من فعلها, فيقال احيانا طريقة لباس المرأة هي السبب في تحرش الرجال بها , و عندما تطلب من هذه الفئة التي تتفنن في اختراع المبررات ايجاد تفسير للتحرش بالاطفال أو الحيوانات في حوادث كثيرة مسجلة لا تجد عندهم أيّ تفسيرات .

لذا التحرش هو فعل دنيء لا مبرر له مطلقا , و سببه الوحيد هو انعدام الاخلاق و عدم القدرة على السيطرة على الغريزة الجنسية لدى ممارسيه, و ليس كما يشاع بأنّ لباس المراة هو من جذب المتحرشين اليها , لأنه بحسب آخر الاحصائيات المتعلقة بالتحرش تسجل بلداننا العربية المحافظة نوعا ما أعلى نسبة من قضايا التحرش و الاعتداء الجنسي في الشوارع العامة , لكننا للأسف اعتدنا على رمي اخطائنا على غيرنا و على ضحايانا في الغالب , لذا علينا ان نعلم يقينا بان التحرش يبدأ من العقل المريض وينتهي به ولا نحاول ايجاد مبررات لهذا الفعل نشجع من خلالها ضعفاء الأنفس على تجربة المجهول سهل التبرير و الترقيع.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.