“الحور العتيق” / إبراهيم صبيح
* طبيب أخصائي جراحة أعصاب …
سرت القشعريرة في جسدي ووقف شعر رأسي ولم أجرؤ أن أمد يدي فألمس ذلك الجلد الأخضر المتدرن. بعد فترة مواجهه بدت كأنها أبدية قفزت الضفدع المفترسة الى الأرض تنشد الحرية ولكن العم محمد الذي كان يراقب المشهد عالجني بأن وضع أمامي ضفدع أخرى أسمن وأكثر اخضراراً من سابقتها. أدركت أنا عندئذ أن الأمر جد لا هزل فأمسكت بالضفدع الجديده والرعب يملأ قلبي وقمت بإعطائها حقنة تخدير في عنقها..وابتدأ التشريح..وابتدأ المشوار. في تلك الفترة كان التلفزيون المصري يبث حلقات من برنامج مسابقات ثقافي من انتاج التلفزيون الأردني والذي كان من إعداد وتقديم الإعلامي الأردني الدكتور عمر الخطيب. البرنامج الذي كان بإسم بنك المعلومات تميز بإخراجه وإنتاجه كما تميز عمر الخطيب بالفصاحة والحيوية والثقافة الواسعة وتميز المشاركون (وهم أردنيون) بالمعلومات ذات المستوى الثقافي الرفيع مما أثار إعجاب الشعب المصري والشعب العربي أينما عرض البرنامج. بدأت أصداء ذلك البرنامج الضخم تتردد فانعكس ذلك علينا نحن الطلاب الأردنيين في مصر حيث كان زملائنا المصريون يحسون امامنا بالانبهار
وكانوا يسألوننا عن كلمات أغاني فيروز مثل أغنية “حبيتك بالصيف” والتي كانت كلماتها تقول “بتيجي هاك البنت من بيتها العتيق ويقلها انطريني وتنطر عالطريق” وكذلك أغنية “بكتب اسمك” التي تقول كلماتها “بكتب اسمك يا حبيبي ع الحور العتيق”. وكنا نحن الأردنيون نترجم لزملائنا المصريين معاني كلمات “انطريني” و”الحور العتيق”. كنا أيضاً ندخل معهم في مسابقات أدبية وشعرية وثقافية تتعلق بمن قام بتلحين موسيقى بحيرة البجع ومن ألف كتاب الحرب والسلم وأسماء الشخصيات في كتب الاديب نجيب محفوظ ونناقش كتاب عبقرية عمر للعقاد وهل “رباعيات الخيام” أم “نهج البردة” هي أفضل أغاني أم كلثوم. مات استاذنا ابن القدس البار عمر الخطيب وماتت الاغنية العربية وغاصت أمتنا في وحل الجهل والتخلف والإقتتال ولم يبقى لنا سوى ذكريات الزمن الماضي الجميل، زمن الحور العتيق.
التعليقات مغلقة.