من وحي “غضبة الملك” … كلام يجب أن يقال / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – الأربعاء 17/3/2021 م …
الإعتراف بالواقع هو أولى درجات الإصلاح،ومراجعة الذات وممارسة النقد الذاتي والنقد البناء ،دليل على الرغبة في التغيير الإيجابي،ولولا غضبة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ،إثرفاجعة مستشفى السلط،لما تجرأنا وأطلقنا العنان لقلمنا أن يسطر كلمات تجد لها مكانا في فضاء الكلمات التي حتما ستصل إلى جلالة الملك الذي لا تغيب عنه شاردة أو واردة .
قبل أن نشرع في سفينتنا لتمخر في البحر اللجي ،وربما يعترضها اكثر من حوت مفترس،نؤكد أن الأردن وحدة واحدة لا تقبل القسمة على إثنين ،ولها إسم واحد هو المملكة الأردنية الهاشمية،وعلم واحد ونشيد وطني واحد وملك واحد،وهذا لا خلاف عليه ،ولكن البعض رآى في الأردن عدة كيانات:شمالات وجنوبات ولاجئين،حتى أنهم قاموا بتقسيم المدينة الواحدة إلى حارات،وصنفوا السكان في البلد إلى مواطنين ومقيمين،وهذا بدوره مخالف للدستور أولا ولإتفاق أريحا عام 1950 ثانيا ،وللمنطق ثالثا،فما دمنا إرتضينا أن نكون مواطنين ،فعلينا القبول بمبدأ الحقوق والواجبات ،ولكن البعض يضع العراقيل في الدولاب لمنع العربة من مواصلة السير،وهذا ما يعيق الحركة وأوصلنا إلى ما نحن فيه وعليه،ولا أقول أنها سياسة رسمية “من فوق”،بل هي سياسة أفراد تسنموا مواقع عليا كانت كبيرة عليهم فلم يحسنوا التصرف ،ولم يدر بخلدهم مفهوم المواطنة الحقة،وما يحير العقل هو أننا نرى قوس قزح متنافر الألوان داخل هذا اللون الواحد،وقد صدق من وصفنا في كتابه أننا مجتمع الكراهية.
وضع جلالة الملك إصبعه على الجرح لمنع النزيف ،وتكلم بطريقة شفافة ،يفهمها الجميع في حال أرادوا أن يفهموا المقصود مما تفضل به ،وهو دستور بحد ذاته ،لأن الوطن أي وطن لا ينهض إلا بمواطنيه،وأن الحاكم أي حاكم لن ينجو من المؤامرات في حال إنفض الشعب من حوله ،حتى لو وقّع العديد من المعاهدات مع الأجنبي الذي لا يهمه إلا مصلحته ،إذ ربما يجد من يمنحه إمتيازات أكثر ،فيسهّل له الطريق للوصول إلى الحكم ،والأمثلة على ذلك كثيرة.
ربما لا يعلم جلالة الملك أن الأردن ومنذ خمسين عاما يسير برجل واحدة ،ويتنفس برئة واحدة ،ويتنفس بمنخر واحد ،ويجدف بيد واحدة،ويفكر بنصف عقل ويتحدث بنصف لسان ويرى بعين واحدة ويسمع بأذن واحده ،لأن القسم الثاني من جسده معطل قسريا ،وأنه في حال تقدم أحد للتعيين في القطاع العام فإنه يسأل “بضم الياء” عن مكان ولادة جده السابع ،وهذا ناسف للدستور ولمؤتمر أريحا ولمنطق الهاشميين،كما أنه يجد صعوبة في التعيين حتى في القطاع الخاص ،ولذلك نرى المنضمين لنادي البطالة في إزدياد مستمر،ومساحة الجريمة والإنحراف في إزدياد،والحالة في الأردن تتطور من سيء إلى أسوا،لأننا لم نستغل كافة طاقات هذا البلد،ونعتبر الجميع مواطنين بغض النظر عن أصولهم ومنابتهم ،فهم في نهاية المطاف أردنيون ويفتخرون بذلك ،ويمتلكون الإمكانيات الكثيرة ،بسبب أعراقهم وأجناسهم التي لو إتحدت معا ،لخلقت حالة أذهلت الجميع،وللتذكير فإنه تم إختيار لون واحد لتأسيس فضائية أردنية جديدة مؤخرا،لذلك نرى أداءها باهتا.
لدينا في هذا البلد ظاهرة محرجة وهي أن المسؤول الذي يحظى بالرضا، ويتسنم موقعا قياديا ويفشل فيه أو يحال إلى التقاعد،يتحول فور خروجه من مكتبه إلى معارض شرس ،ويبدأ بطلي اللوحة البيضاء الناصعة باللون الأسود،ناسيا أو متناسيا أنه كان من أكبر جالبي النقمة الشعبية على النظام بسبب سوء إدارته وينسى أنه كان مسؤولا في موقع حساس،وكذلك يقوم المسؤول أي مسؤول عندما يجد نفسه خارج مكتبه ،أو يشعر بأن أحدا سيحاسبه على أخطائه ،يطلب فزعة عشيرته ويقوم بتجييشها،مع أن المطلوب منا جميعا أن نطور العشيرة إلى مستوى الدولة لا العكس ،مع إحترامنا وتقديرنا لكل العشائر الأردنية التي نشهد لها بالإنمتاء العروبي القح.
ما نراه في مؤسساتنا من ضعف وتهالك هو نتاج سياسة اللون الواحد،وتهميش البقية رغم القدرات والإمكانيات ، فالبعض الذي يتعمد التهميش والإقصاء للآخر ،هو الذي يجب أن يتحمل المسؤولية للعديد من الأسباب،منها أنه تعمد الإساءة للدستور ،ونبذ مفهوم المواطنة الحقة من قاموسه،وتسبب في إلحاق الأذى بالمؤسسات الأردنية،زيادة على أنه شوّه صورة الأردن في الخارج ،والذي يراقب كل صغيرة وكبيرة فيها ،وقد حاول هذا البعض “أردنة” بعض القطاعات ،ونعني بالأردنة “المكون الشرق أردني”، ويتسلح بكذبة كبيرة وهي أن هذه الأوامر “من فوق”،فهل هذا التصرف مقبول من قبل جلالة الملك؟قطعا لا !!ولذلك علينا أن ننطلق بقطار الإصلاح من هذه المحطة ،وسنحقق المبتغى بجهد قصير ووقت قليل، وعلى البعض “المعطّل”أن يعي ويدرك أن الله سبحانه وتعالى، هو الذي هيأ الظروف لسكان هذا البلد أن يتخذوه وطنا ،لأنه أرض الحشد وأراده الله أن يكون سندا وعونا لأرض الرباط،لذلك أقول أن المواطنة الأردنية شرف رباني بحت منحه الله لنا جميعا كمرابطين.
التعليقات مغلقة.