التعاطف الشعبي الأمريكي مع الفلسطينيين وقضيتهم / د. كاظم ناصر

د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الجمعة 26/3/2021 م …




شهدت السنوات القليلة الماضية تحولات مهمة في أنشطة التضامن مع الفلسطينيين وقضيتهم في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فقد حقق المتضامنون مع فلسطين انتصارات جيدة ضد إسرائيل، خاصة في حملات المقاطعة السياسية والأكاديمية والثقافية ورفض الاحتلال التي شارك فيها مئات الفنانين والكتاب وأساتذة الجامعات والعاملين في مجالات الثقافة والرياضة، ودعمتها العديد من الجمعيات الوطنية والأكاديمية والمنظمات الطلابية والكنائس.

فعلى الصعيد السياسي التزمت إدارات البيت الأبيض السابقة وإدارة جو بايدن الحالية والكونغرس بانحياز واضح لإسرائيل، والأغلبية الساحقة من أعضاء الكونغرس الحالي بمجلسيه النواب والشيوخ موالية لها وداعمة لاحتلالها وسياساتها العنصرية التوسعية، ولا تخفي عداءها للشعب الفلسطيني؛ وفي المقابل توجد أقلية بين أعضاء الكونغرس الحالي تمثل التنوع الديموغرافي لجيل سياسي أصغر سنا، وتطالب بتبني سياسات غير متحيزة لإسرائيل ومنصفة للفلسطينيين.

لكن المجموعة الأكثر عداء لإسرائيل ودعما للفلسطينيين، وتعرضا لهجومات المنظمات الصهيونية الأمريكية، هي تلك التي يطلق عليها اسم “الفريق The Squad “، وهو اسم غير رسمي يطلق على أعضاء الكونغرس الستة المكونين للفريق وهم جمال بومان، وكوري بوش، والكساندريا أوكاسيو – كورتيز، وإلهان عمر، وأيانا بريسلي، ورشيدة طليب الذين يقومون بدور هام في كشف الوجه البشع لإسرائيل ومعارضة احتلالها للأراضي الفلسطينية؛ ولأول مرة في تاريخ الكونغرس الأمريكي، وبفضل جهود ” الفريق “، أرسل 12 من أعضاء الكونغرس رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، طالبوا فيها الإدارة الجديدة بالالتزام بسياسة خارجية تدعم حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته، وشددوا فيها على ضرورة معارضة إدارة الرئيس جو بايدن لجميع أشكال الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، واعتبار المستوطنات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية غير شرعية، وطالبوا بإلغاء خطة الرئيس السابق دونالد ترامب المعروفة باسم ” صفقة القرن.”

وبالإضافة إلى الفريق توجد على الساحة الأمريكية منظمات فاعلة تحاول توضيح الحقائق للشعب الأمريكي، وحققت نجاحا لا يستهان به ومن أهمها ” حركة مقاطعة إسرائيل، أو ما يعرف ب” بي دي إس BDS ” التي تنامت بشكل سريع، وتدعو أمريكا ودول العالم لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها؛ وحركة ” طلاب من أجل العدالة في فلسطين ” وهي منظمة ناشطة للطلاب تم تأسيسها في جامعة بيركلي بكاليفورنيا ولها ما يزيد عن 200 فرع في الولايات المتحدة وكندا ونيوزلندا، وتحظي بتأييد أعداد كبيرة من طلاب وأساتذة الجامعات في الولايات المتحدة وفي مناطق مختلفة من العالم، وتقوم بتنظيم نشاطات ومحاضرات وحملات لمقاطعة الجامعات الإسرائيلية والشركات التي تتعامل مع دولة الاحتلال، ونظمت فعاليات تتهمها بارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي وإبادة جماعية ضد الفلسطينيين.

وعلى الصعيد الديني بعثت 28 كنيسة أمريكية رسالة للرئيس بايدن طالبته فيها باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع السلطة الوطنية الفلسطينية بما في ذلك إعادة فتح المكتب الدبلوماسي الفلسطيني في واشنطن والقنصلية الأمريكية العامة في القدس الشرقية، واستئناف تقديم الدعم المالي للسلطة الوطنية والأنروا، وأكدت في الرسالة عدم شرعية الاستيطان ومعارضتها له.

وطبقا لتقرير ” غالوب لاستطلاعات الرأي Gallup Poll  ” الأخير الذي نشر بتاريخ 16/ 3/ 2021، فإن نسبة الأمريكيين المتعاطفين  مع الشعب الفلسطيني ارتفعت من 19% في نهاية عام 2018 إلى 25% في بداية عام 2021، بينما انخفضت نسبة المتعاطفين مع الإسرائيليين خلال تلك الفترة من 64% إلى 58%.

لا شك أن الجهود التي تقوم بها المنظمات والشخصيات الفلسطينية والعربية الأمريكية، وحركة مقاطعة إسرائيل، وحركة طلاب من أجل العدالة، والمنظمات الأكاديمية والدينية، ومؤسسات المجتمع المدني الأمريكية، وبعض الساسة وأعضاء الكونغرس حققت نجاحا متواضعا ومهما في زيادة التضامن الأمريكي مع الفلسطينيين؛ هذا التقدم المتواضع المهم الذي تحقق يشجع على بذل المزيد من المال والجهد للتصدي للنفوذ الصهيوني العميق الجذور في المجتمع الأمريكي؛ لكنه لا يعني التغلب عليه في المستقبل القريب، بل يشير إلى إمكانية تحديه، والتأثير عليه سلبا بإيصال أصوات المدافعين عن الحق الفلسطيني لأعضاء الكونغرس وصناع القرار في واشنطن، ولأبناء الشعب الأمريكي في جامعتهم وكنائسهم ومدارسهم ووسائل إعلامهم، وتحقيق المزيد من التأييد للقضية الفلسطينية!

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.