في ذكرى استشهاد الشهيد فادي البطش .. شمعة علمٍ فلسطينية حاولت رصف طريق التحرير بعلمها وإبداعها




 

فادي البطش العَالِم الفلسطيني، والمهندس الأكاديمي المختص في الهندسة الكهربائية، المتفوق بدراسته، المتميز بإنجازاته العلمية القيمة، اغتالته يد الغدر الصهيونية في 21 نيسان/ أبريل 2018 في ماليزيا، مكان إقامته، واغتالت معها شمعة علمٍ فلسطينية، حاولت رصف طريق التحرير بعلمها، وإبداعاها.

ولد العَالِم الفلسطيني، الذي عَمِل محاضراً في جامعة ماليزية خاصة، في مدينة تبوك السعودية في سنة 1983، وعاد إلى مدينة جباليا الفلسطينية، شمالي قطاع غزة، في سنة 1998. وأحبَّ العلم منذُ صغره، ونشأَ على ذلك، وكان موسوعةً علميَّةً في كل شيء، حافظاً لكتاب الله، إذا تكلم في العلوم الشرعية قلْتَ هذا العالم الفقيه، وإذا تكلم باللغةِ العربيةِ وآدابها قلْتَ هذا العالمُ البليغُ، مع إلمامهِ بعلمِ التكنولوجيا، والهندسة، والإلكترونيات.

كان البطش طموحاً جداً، يسعى للأفضل دوماً، لا يتوقف عن العلم والعمل، أنهى دراسة الدكتوراه في تخصص (إلكترونيات القوى) قسم الهندسة الكهربائية في سنة 2015، من جامعة مالايا –كوالالمبور  في ماليزيا. وأعدّ، خلال دراسته الدكتوراه، بحثاً عن رفع كفاءة شبكات نقل الطاقة الكهربائية باستخدام تكنولوجيا إلكترونيات القوى.

ونشر البطش 30 بحثاً محكماً في مجلات عالمية ومؤتمرات دولية، وشارك في مؤتمرات دولية، وحصل على العديد من الجوائز العلمية الرفيعة.

وعلى الرغم من بعد المسافة عن الوطن، ظلّت القضية الفلسطينية في قلب البطش وعقله، حمل همها معه حيث حلّ. وكان سفيراً لفلسطين في محل إقامته، وفي كل منصة اعتلاها، فلم يترك منبراً دون أن يحشد لقضيته ويفضح ممارسات الاحتلال وإرهابه بحقّ الشعب الفلسطيني. وقال شهيدنا بعد حصوله على منحة “خزانة” الحكومية الماليزية: “أردنا أن نوصل رسالة للعالم أن الفلسطيني مصرّ على إبداعه، ولا توقفه أي حدود”.

ركز الإعلام الصهيوني على حادث اغتيال البطش، وعدّه “مهندس حماس في ماليزيا”، و”المهندس الكهربائي”، و”الخبير في الطائرات بدون طيار في ماليزيا”. وحرصت تلك الوسائل، منذ البداية، على تسويق تبرير الاغتيال من خلال الادعاء بأن الشهيد هو من أعضاء كتائب الشهيد عز الدين القسام، وتحدث عن الطائرات بدون طيار وعن تطوير الصواريخ والغواصات بدون غواص.

وتحدثت وسائل الإعلام الصهيونية عن دوافع اغتيال البطش، والعجلة من استهدافه، واتفقت معظم هذه التحليلات على الفائدة الاستراتيجية الصهيونية من اغتياله، مشيرة إلى حالة الرعب من عقل العَالِم البطش، وما توصل إليه من خلال أبحاثه، من تقنيات بارعة تتفوق على الكثير من التكنولوجيا عالمية، ومنها الصهيونية.

فالموساد الصهيوني يسعى لاستهداف العلماء والكوادر العلمية والكفاءات والنشطاء العرب والمسلمين بشكل عام، والفلسطينيين بشكل خاص، في أماكن تواجدهم، بهدف عدم منح أي تفوق للوجود الفلسطيني والعربي والإسلامي في مجالات الطاقة والتكنولوجيا… وفي أغلب الأوقات لا يعترف بتنفيذه تلك العمليات.

وعملية اغتيال العَالِم الفلسطيني جاءت، بحسب الادعاءات الصهيونية، لارتباطه بحركات المقاومة، وخشية الكيان الصهيوني من استفادة هذه الحركات من تلك الكفاءة. وقد أشار المختص في الشأن الصهيونية صلاح الدين العواودة، في تقرير نشره المركز الفلسطيني للإعلام، إلى أن الهدف من الاغتيال كان أبعد بكثير من مسألة الصواريخ والطائرات بدون طيار، ومحاولة تطويرها، أو وصول تقنيتها لحركة حماس، كما حاول الترويج لها بعد عملية الاغتيال مباشرة.

فقد رصد العواودة، بما لا يدع مجال للشك، مؤشرات تظهر مخاوف الاحتلال من “تكنولوجيا ومعارف حصرية كانت تستخدمها دول محدودة في العالم على رأسها “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية، وعندما تمكن العالم البطش من اكتشافها والعمل على تطويرها، أصبح محلّ استهداف واضح”. هذه التكنولوجيا، كما يرى العواودة، كانت خطورتها بالنسبة للاحتلال الصهيونية أن تصل إلى دول مثل تركيا وماليزيا، وليس فقط إلى قطاع غزة.

وينظر الاحتلال للعِلم على أنه أداة حادة في إدارة صراعه لبقاء كيانه الغاصب، قبل أن يرى فيه عاملاً مهماً للتقدم العلمي والمعرفي. وكان اغتيال العلماء وقتل العقول جزءً من الاستراتيجية الأمنية الصهيونية وحربها على المقاومة، وقد مارس هذا النوع من الإرهاب من اللحظات الأولى لإعلان إنشاء الكيان الصهيوني، وقد نُفذت مئات عمليات الاغتيال، وكان التاريخ الصهيوني حافلاً بالمجازر وعمليات التصفية التي استهدفت العديد من القيادات الفلسطينية، واغتيال الشهيد الدكتور فادي البطش يدخل في السياق عينه.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.