رسالتنا لليمنيين:فجر السلام يبزغ ، فإزرعوا مقابر شهدائكم ورودا / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – الخميس 22/4/2021 م …
فجر السلام في اليمن يبزغ،وهذه ليست نبوءة عرافين هنودا ويهودا ومغاربة،ولا ضرب غجرية في الودع أو عرافة بالرمل،بل هي واقع مقروء وحقيقة ثابتة تعلن عن نفسها أحداثا ملموسة على أرض الواقع،لأن العابثين في اليمن أفلسواوأجبرتهم خيباتهم في الإقليم على الرضوخ للنداء الإنساني قسرا وجبرا ،والموافقة على وقف الحرب في اليمن ،ولكنهم يحاولون خلق واقع جديد يخدم مصالحهم ويبقي هيمنتهم على اليمن ما بعد الحرب،ناهيك عن أن شغلهم الشاغل هذه الأيام أصبح الحفاظ على عروشهم المتهالكة بسبب سوء سياساتهم.
لذلك نتوجه لأهلنا في اليمن ونقول لهم سارعوا في تنظيف مقابر شهدائكم وزراعتها بالورود والرياحين والأشجار الباسقات وأنثروا الياقوت هنا وهناك لإضفاء جمال آخر فوق جمال اليمن،تمهيدا للمرحلة الجديدة المقبلة ، وإستعدادا للسلام الذي سيحل بإذن الله في أرض الخير والنخوة اليمن السعيد ،وسيتفرغ اليمنيون لاحقا للتنمية وإعادة الإعمار بعد إجبار المعتدين على دفع التعويضات اللازمة نظير ما تسببوه في اليمن من دمار وخراب وتقتيل،ومن ثم إشاعة الفرح في وطننا العربي الجريح والمنكوب بمن إكتشفهم ثعلب الصحراء الإنجليزي لورانس العرب من بقايا التيه اليهودي في صحراء جزيرة العرب،وأنجز المندوب السامي البريطاني الثاني بيرسي كوكس معم مقاولة تقضي بتنازلهم عن فلسطين للصهاينة مقابل تمكينهم من حكم الجزيرة بمفردهم،وهكذا أصبحوا حكاما بعد أن كانوا طارئين.
نصيحتنا لأهلنا في اليمن أن يستعدوا جيدا للمرحلة،مرحلة الوفاق والإتفاق وفق أصولهما المرجوة،وألا يدعوا أحدا من خارج الطيف اليمني أن يترك بصمته السوداء على سلامهم المنشود،حتى لا نكرر وللمرة الثالثة ما جرى في قمتي بغداد وعمأن،اللتان كنت شاهدا على ما حصل فيهما من مصالحة يمنية مؤقتة،وكانتا بحق محاولتين فاشلتين بسبب عدم رغبة الإقليم في إحلال السلام والوئام في اليمن.
بناء على ما تقدم فإن المطلوب من أهلنا في اليمن إستحضار الواقع الأوروبي،للعظة والعبرة،رغم أن هناك فرقا شاسا بين أوروبا واليمن ،فأوروبا قارة تضم أمما مختلفة خاضت فيما بينها حروبا دموية ،وقتلت الملايين من أبنائها ،لكنهم وفي نهاية المطاف جلسوا وتصافحوا وإتفقوا على طي صفحة الماضي وتفرغوا لبناء أوروبا جديدة ناهضة ومتطورة ،في حين أن اليمن دولة واحدة لشعب أصيل واحد قبل أن يغرس الجشعون فيه أنيابهم المسمومة،بمعنى ان كلفة السلام اليمنية في حال توفرت الإرادة ستكون منخفضة،فقط إعتبار أن اليمن أولا وعفى الله عما مضى داخليا ،لنتفرغ لبناء يمن جديد متطور قائم على المحبة والمساواة والتسامح ويحفظ حقوق الجميع.
الحوار الهاديء والهادف والموضوعي القائم على العدل والمساواة والتسامح والعفو الداخليين وحفظ حقوق الجميع،والجلوس خلف الطاولة المستديرة بنوايا صافيا وإنتماء خالصا مخلصا لليمن فقط،كل يشكل وصفة السلام الدائم والشامل،الذي لا يفرق بين شمالي وجنوبي ويعطي الحقوق لأصحابها بقرار داخلي،بعيدا عن الطائفية والمحاصصة اللتان تؤديان حتما إلى التقسيم على غرار ما حصل في العراق ولبنان وفلسطين،فاليمن لجميع أهله ويتسع للجميع في حال تجاوزنا مرحلة العتمة الحالكة التي نمر فيها هذه الأيام،بسبب طمع الطامعين وجشع الجشعين في اليمن ومقدراته.
الفجر ينبثق من حلكة الليل الأخيرة،والسلام ينبثق من الحرب والمصافحة تأتي بعد الجفاء والوئام بعد الخلاف،وعندما تبزغ الشمس فجرا تنير الفضاء وتبعث الدفء في الأرجاء،وهذا هو السلام المنشود لليمن،الذي لن يصنعه سوى أبناء اليمن وحدهم،لذلك نأمل منهم إغلاق باب التدخل الخارجي الناهش والطامع في وحدة اليمن،وأن يجنح الجميع للسلم الداخلي والمصافحة بدلا من الإقتتال تنفيذا لمؤامرة أعداء اليمن المفروضة عليهم وينفذونها بدماء أبنائهم.
لا يظنن أحد أن السلام الذي نتحدث عنه سيأتي بجرة قلم ،أو بجلسة قات أو “بوس” الخشوم،بل سيتسغرق وقتا وجهدا لأن حل العقدة في الحبل يعتمد على خبث من عقدها وعلى نوعية الحبل ،ومن خلق الكارثة في اليمن هو حليف إبليس وقد أتقن صنعته ،ونفخ في “كير “الفتنة في اليمن منذ أكثر من مئة عام كي يصل إلى مبتغاه بالضربة القاضية ،كما كان يفعل الملاكم الأمريكي المسلم محمد علي كلاي الذي كان يطيح بخصمه بالضربة القاضية التي يحددها هو بنفسه،ولكننا نأمل من أهلنا في اليمن تحكيم صوت العقل الحكمة ،ولم لا وقد قيل أن الحكمة يمانية؟حتى يتجاوزوا المحنة ويغادروا خنادق القتال العبثي ،وينتقلوا إلى ردهات وغرف المفاوضات السلمية للتأسيس لمرحلة السلام الحقيقي.
حذار من فقدان الأمل بالمفاوضات والإنجرار خلف كاميرات التلفزة المغروسة في ردهات الحوار،لتصطاد لغة جسد منفعل أو تعبير وجه غاضب لتبني عليهما قصة تؤجج الصراع الداخلي في اليمن ،وتدعو لمواصلة العدوان الخارجي ،ويكون أعداء اليمن قد نجحوا بالإمساك مجددا في حبال اللعبة من خلال ترويجها لفشل الحوار،وإعادة روايتها الممجوجة عن الواقع المعاش في اليمن،ذلك أن هؤلاء غير معنيين بوقف الحرب في اليمن،ويتمنون لو يستمر الصراع ألف عام كي يلتهم اليمن باكمله،حتى لا يخرج يمني واحد يوما يطالب بحقوق اليمن المنهوبة.
جرّب أهلنا في اليمن الحروب الداخلية المفروضة عليهم من قبل الإقليم الجشع،كما جرّبوا محاولات الوفاق والإتفاق غير المسلحة بالنوايا الحسنة،من قبل مشغلي البعض في الإقليم،ولذلك وصلوا إلى ما هم فيه وعليه من إقتتال داخلي وعدوان خارجي،ولكنهم لم ينقرضوا أو يبادوا رغم هول المعاناة وطبيعة العدو،وهذا هو خيط شعاع الفجر الذي سيقودنا إلى السلام الحقيقي في اليمن ،الذي لن يصنعه سوى أبنائه وأبناؤه وحدهم الذين يؤمنون بيمن سعيد واحد موحد لا شمال ولاجنوب بعيدا عن التدخل والهيمنة الخارجية.
التعليقات مغلقة.