كورونا قضى على الحلس تماماً وأنتج الدولة الموازية في الاردن / المحامي محمد احمد الروسان
المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 24/4/2021 م …
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …
الأقارب كالعقارب، وقد تموت الأفاعي من سمّ العقارب، ومع ذلك مهما أوغلت مؤامرات البعض العربي المنبطح المتساوق المتماهي مع الأخر العدو، كسكاكين مغروسة بخواصرنا، سنبقى نسقاً سياسياً، وشعباً وجيشاً عربياً ونظاماً متعبون بعروبتنا، ولولا هذا البعض منّا المعولم عمالةً وخيانةً وتساوقاً وتماهياً، في بعض مفاصل النظام الرسمي العربي، وتمفصلاته وسياقاته العسكرية والمخابراتية، بجانب شراذم من الدهماء البلهاء، ما كنّا نحسب أنهم أعراب.
الخليج يفقد طابعه العربي سكّانياً، أي ديمغرافياً، بسبب تدني نسبة العرب فيه لصالح عمالة أجنبية، ويمكن أن تتحول ساحاته الى مستوطنات، كيانات غير عربية، أي خليج بأقلية عربية أو لا عربي، وذلك على ضوء هبوطات بنسبة العرب في مملكات قلقه، الى عشرة وعشرين وفي السعودية وحدها الى 50 في المئة.
من مملكات القلق العربي على الخليج تحول الدولار من الذهب إلى النفط، ومن الخليج يتم إعادة تخليق وترتيب لوضع الدولار من جديد، عبر فوبيا كارونا، وفوبيا الصين وروسيا، وفوبيا إيران وحزب الله، والعلاقة مع الكيان الصهيوني، بعبارة أخرى ومختلفة ومحاولة في تقريب الفكرة واستيعابها عبر المثال التالي: الحلس(بكسر الحاء وتسكين اللام): هو الثوب الناعم الذي يكون بين ظهر الدابّة والسرج، وهذا في علم الاجتماع السياسي، يسمى الطبقة الوسطى(في بلادنا جهدت الدولة الأردنية لدينا وحكومتها كما جهد الملك، على حمايتها قدر المستطاع – هذا ما قبل كارونا، بالرغم أنّه لا طبقة وسطى في الأردن، وجاء المشير الركن كارونا، ليقضي على ما تبقى من الحلس – أي الطبقة الوسطى، فصرنا طبقتين فقط: طبقة تزداد غنى فاحش، وتشكل الدولة العميقة المالية الجديدة، دولة البانكرز والصيرفة،…. الخ، انّها دولة تآخي اللصوص – الدولة الموازية، التي تسرق الجميع بالجميع، وهي من أكلت علف الدابة لشطب الحلس الطبقة الوسطى، حيث الحلس هو العدو الاستراتيجي لها، وتستغل هذه النعاج المالية أزمة كارونا، فقضمت عشب غيرها اليومي، لأضعاف الدولة العميقة التقليدية، والتي تشكل عصب الوطنية الاردنية.
مقابل تلك الطبقة ثمة طبقة وطبقة، تزداد فقراً على فقر، وقد يشي كل ذلك الى ثورة جياع قادمة في قطرنا الاردني وصراع طبقي دفين(أفواه واسعة)، ليسهل تصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعبين الأردني والفلسطيني، وعلى حساب النظام السياسي الأردني لصالح نظام بديل، بين الملاّك(أصحاب رؤوس المال)والطبقة العاملة، فلمن ينحاز الملك هنا؟ الى طبقة البانكرز والصيرفة، أم الى الطبقة العاملة الكادحة القادحة في عقلها، عصب الوطنية الأردنية؟.
من جهة ثانية: بينما تعمل الأمم على تقييد رأس المال وتعزّز دور الدولة، يتم الآن في الاردن شطف واستجداء لصوص رأس المال لمواجهة الجائحة بالتصدق ببعض ما سرقوا – مفارقة عجيبة اليس كذلك؟ وعندما نقول أن شعبنا الاردني يعرف كل شيء عن هؤلاء اللصوص، فهو قول تأثيره كأثر المخدر القوي، فطالما يكتفي أنّه يعرف ويصمت، فهذا أسوأ من الجهل، وأسوأ منه قوى لم تستعيد الشارع بعد.
انّ مصطلح البرجوازية الوطنية، مع قياستك له على معظم القطريات العربية بما فيه القطرية الاردنية، فلا يسعفك من الفكر ما يبرر هذه التسمية، وقبل الدخول في تفاصيل شرائح البرجوازية تميل الى القول والاعتقاد أنّ التسمية الصحيحة هي البرجوازية المحلية، تحاشياً لأختلاط وتخبط الوعي الذاتي وتظليل الوعي الجمعي.
وأي برجوازية محلية لا تكون وطنية الدور والتوجه ما لم تكن انتاجية أساساً، لكي تدفعها مصالحها للدفاع عن السيادة الوطنية، حيث تستغل السوق المحلية وتدافع عنها، أي انّ دورها الوطني هو جوهريّ طبقي مشروط بالمصلحة الطبقية، ولذا هو رجراج فلا داع للتعويل الدائم عليه، واذا لم تكن البرجوازية منتجة أو تتخلى عن الانتاج تدريجياً أو نهائياً فهي تذهب وبعمق في سبيل لا وطني بالمطلق.
الفكرة السابقة تدفعنا الى القول: المشير الركن كارونا، سوف يسرّع التاريخ ولن يعيد تشكيله، وقد يكون من تصميم دولة رأس المال العميقه في دافوس ونظيراته، لأبادة المحيط وفقراء الغرب والعرب والساحات والحارات والزنقات، كم مرة عقد هذا الدافوس في البحر الميت؟ لم يستفيد حلس الدابة منه بل أكل علفة الدابة ذاتها.
وبداية النجاة أن نخرج يا حكومة الملك ونشتغل وننتج الغذاء ونغلق الدولة أمام الغرب القاتل، والبلد الحقيقي فيه صناعة زراعة ثقافة رياضة حرية وأفضل لو كان بلداً اشتراكياً، وليس البلد الحقيقي فيه: مناظر خلاّبة، والاخيرة جملة مضرة وتغطية على التخلف بعنوان سياحي.
انّ جنون راس المال حين يعجز عن منافسة شريفة، لخصي الوعي محلياً واقليمياً ودولياً، بخلق وتخليق و\ أو فشل الرأسمالية في مواجهة المشير كارونا، تعيد الولايات المتحدة الامريكية تسليح غوّاصاتها من طراز أنديدينت – 2 بصواريخ نووية، أي تستغل حربها ضد صحة البشر بحربها النووية لأبادة البشر.
ومشكلة الحلس في العالم، أنّه تضخم وصار أكبر من السرج وأثقل على الدابّة، وأكل علف الدابة، وزاد الركب، وأصبح يهدد توازن السرج ليسقط الملاّك، ومن هنا لا بدّ من تجفيف منابع تمويل الطبقة الوسطى التي تقود الحرب على الدولة العميقة في أمريكا والفوضى في الغرب، وعجز المال الخليجي كان من شأنه أن باعد التوازن للطبقة الوسطى بعد عام 2008 م في الغرب، وصار هذا المال الخليجي الذي وظّف لأحداث التوازن للطبقة الوسطى هناك، صار يقود التمرد في تلك المجتمعات الغربية، وما يسمى بالربيع العربي والمؤامرة على سورية عبر حرب الشام والتي لم تكن حرب الرأسماليين التقليديين، بل كانت حرب البرجوازية المتوسطة العالمية(أيقونة سوبر الطبقة المتوسطة في العالم هم الأثرياء الخليجيون وخاصةً في السعودية والأمارات وغيرها، بجانب الوليد بن طلال وآل الحريري ومن هم على شاكلتهم وغيرهم)، صار الدولار عملة البرجوازية الاستهلاكية بعد عام 1977 م، وهزمت هذه البرجوازية الاستهلاكية في حربها العالمية الثالثة في الشام الآن، مما يترتب على هذه الهزيمة عودة الدولار الأمريكي إلى ما قبل عام 1977 م، والآن البلدربيرغ الأمريكي يسعى وعبر تراتبية الرئيس بايدن في الدور المنوط له، على إعادة توجيه المال الخليجي في جلّه، ليصب في جيب الرأسمالية الفيزيائية بدلاً من جيب البرجوازية الإرهابية وعبر حرب المايكروب فكان المشير الركن كارونا ومن هنا أشتبك مع الأفكار التالية:-
والطبّاخ الرديء وأسلوبه ونتاج طبخه من طعم وجودة طبخ، يشكل بمجمله إستراتيجية الطبخ الرديء، وحين تكون بعض مفاصل الأخيرة من نهج وسياسة لبعض الدول والساحات العربية، إن لجهة القويّة منها، وان لجهة الضعيفة، فهي السياسة التي يصنعها عادةً بعض باعة الأرصفة، فلنسقط ذلك على واقع ما تمارسه نخبنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأستخباراتية والدبلوماسية والإعلامية والحزبية، من سياسات لجهة الخارج الملتهب والداخل المحتقن والمتفاقم بالاحتقان، حيث القراءات تقول: نحن على حافة انفجار اقتصادي واجتماعي ولاحقاً أمني، إن بقينا نمارس إستراتيجية الطبخ الرديء.
وإذا كان علم فن إدارة الأزمات، من العلوم التطبيقية حديثة النشأة والتطبيق، فانّ علم ما يسمى بالإنذار المبكر، من ذات العلوم الاستقرائية والبحثية حديثة النشأة، والاشتباك بتفاعل أيضاً، انّه علم الفن وفن العلم ضمن الاستقرائيات لأي تداعيات أي حدث كان، وهو ليس أداة تجرح كما في علم الاستخبار.
انّه علم يركز بعمق على بؤرة الحدث أي حدث كان، إن بفعل البشر وان بفعل الطبيعة، ويسعى إلى التعرف والتمحيص في مكونات تلك البؤرة، وعمل أدائها السلوكي ومفاعيله وتفاعلاته، ثم التقاط موجات وإشارات البث المنبعثة والمنطلقة، من نقطة المركز، ومحاولات معرفة وقراءة وفك شفرات هذه الموجات والإشارات، ليصار إلى الوصول لمعرفة وسبر غور طبيعة وشكل السيناريو القادم، أو SCENARIO BUILDING EXERCISES ، حيث تعد الأخيرة مجرد احتمال، وان كان الأخير في السياسة ليس يقيناً، لكن جل المسألة في علم الإنذار المبكر، يتيح ويسمح وضع الاستعدادات والترتيبات اللازمة، لعمليات احتواء المخاطر وتعزيز الفرص.
نعم لا يتعب(ضم الأول)العقل شيء كما المجهول، فالعقل لايخيفه المعلوم، ومن يرد أن يرتاح عقله وقلبه، فعليه ألاّ ينظر في الظلام ويلعنه، دون أن يوقد سراجاً، ولكن رياح السياسة هذه الايام، تطفئ السراج في هذا الليل الطويل، فبقايا داعش ما زالت تطوف في الأنبار وتتمدد على سرير،(أمننا الوطني القطري والذي هو جزء من أمننا القومي العربي بخطر)، وأخوة داعش في الشمال السوري يتورمون، وشقيقاتها في جنوب سورية تغير على التخوم(أمننا القطري الوطني الأردني)، وجلابيب دواعش الماما الأمريكية، تترك العش الوهابي وتهاجم أصل العرب أصل العرب يمننا.
فالعقل لايتعبه المعلوم ولايربكه الا المبني للمجهول، لا أدري، ماذا تقول المدن المحاصرة والمدن التي تسقط، لمن يذرف الدمع عليها ولمن يتفجّع وينوح حزناً؟ ولا أدري ماذا تقول مدينة محاصرة أو أسيرة، للعيون التي تبكي والحناجر التي تموء؟ لاشك أنّها تحتقرها وتنظر اليها بشفقة وازدراء، ولاشك أنّها تحس بالذلّ من انهمار الدموع على جدرانها، بدل أن تغسل شوارعها أناشيد التحدي وتهز أعمدتها أصوات الرجال، فالمدن الجميلة كالنساء الجميلات، لاتحب نواح الرجال، ولاتعجبها الرجولة المنكسرة، ولايميل قلبها الى ذكور يبكون مثل النساء.
وكل مدينة أسيرة تبقى حرة، طالما بقي لها رجال أحرار يجدّون في أثرها ويسعون الى لقائها وعناقها وتقبيلها. فالحرة لاتسقط عندما تقع في الأسر مهما كانت شدة فتك العدو وهمجيته، لكنها لا تغدو جارية الا عندما يبكيها رجالها وينوحون ويندبون حظهم العاثر، تماما كما فعل العرب في مدن فلسطين التي بكوها خلف الأبواب وهم “يستمعون الى فض غشاء بكارتها” فسقطت في العار منذ ذلك الوقت.
عقيدة أمريكية جديدة صيغت، حتى تتمكن العاصمة واشنطن من سحب قوّاتها من المنطقة ومناطق شمال أفريقيا كي تعيد تموضع قواتها في الشرق الأقصى، فوفّرت الغطاء السياسي لعمليات حلف بغداد الجديد(الناتو العربي)على اليمن وما زالت توفرها.
وهذه العقيدة أيضاً هي في جزء منها يتموضع في سعي حثيث للولايات المتحدة الأمريكية الى انشاء نسخة متطورة ومختلفة من حلف بغداد جديد في الشرق الأوسط، انّه الناتو العربي بمضمون القوّة العربية المشتركة، والتي لا نعرف حتّى اللحظة طبيعة النظام الداخلي لها، خاصةً بوجود(دولتان تلتزمان بمعاهدة مع الكيان الصهيوني)فهل تقبل مثلاً تل أبيب بتدخل عربي لأعادة السلطة الفلسطينية الى غزّة مثلاً؟ والأخيرة آراض محتلة من قبلها، كذلك ما ماهية العقيدة العسكرية لهذه القوّة المشتركة؟ ثم هل ثمّة علاقة لهذه القوّة مع اسرائيل الصهيونية؟.
أمريكا لا تريد انهاء الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، بقدر ما تريد ادارة الأزمات، لا بل وأزيد من ذلك، تستخدم الأزمات عبر الوكلاء من بعض عرب، كأسلوب ادارة لذات الأزمات، لذلك واشنطن دي سي تدرك أنّ العقدة الحقيقية في المنطقة تكمن في أنّ كل شيء ممكن وفي ذات الوقت ليس كلّ شيء متاح، وتدرك أنّ وكلائها في المنطقة لا يدركون ذلك، وان أدركوه تناسوه وبادروا الى الفعل لغايات آنية ضيقة، وجعلوا صراعاتهم كدول صراعات شخصية بل وطفولية.
يستحقُّ الأمرُ في هذا الاشتباك، تغيير العدسة التحليلية بشكل قطعي هنا والتي ننظر من خلالها، فعندما تتسع الرؤية أي رؤية عزيزي القارىء يقيناً ستضيق العبارة، فالاباحية في الفكر والتي تقود الى كسر المحرمات في الحوار، بلا أدنى شك تقود الى الاباحية في الجسد والفعل بوضعيات الكاماسوترا الجنسيّة على فراش الرذيلة، وعلى الأغلب أتقنها الناس في المعمورة هذه الايام، بعد أن ألزم المشير الركن كورونا أكثر من ثلاثة مليار انسان في بيوتهم ومزارعهم. والفعل الحرام الرذيلة تتماثل وتتساوق مع الرذيلة السياسية كيف يكون ذلك؟.
تذكرون مسلسل جن الأردني في بدايات العام الماضي 2020 م عام سنة أولى كورونا للعالم، تحت عنوان: (فهد اشوي اشوي فهد… مع موسيقى ذات صمت مطبق بجنح ظلام دامس يخرقه ضوء خفيف يكاد يضيء ليل المكان)، لقد كان تتويجاً لنموذج مثاليّ، ونتيجةً لفعل وتفاعلات ومفاعيل حزب واشنطن تل أبيب ومن تماهى وتساوق معه، في داخلنا الديمغرافي الاردني، عبر عولمته لمجتمعنا الأردني من خلال نخبة حزب واشنطن – تل أبيب، والنخبة السياسية استولت وتستولي على جلّ المساعدات الخارجية للدولة أي دولة، وهذه النخبة معروفة لجهاز المخابرات بل ومجتمع الاستخبارات ككل، في ظل عسكرة الحياة من خلال تفعيل قانون الدفاع(لم يكن ضروري تفعيله بحجة محاصرة الوباء، وقانون الصحة كان كافياً لتجزير الجغرافيا الاردنية، بل وتجزير الأحياء والحارات والزنقات وفصلها عن بعضها البعض)عبر فوبيا كورونا الأممية المعولمة كوباء، وعيشنا كدولة اردنية، هيستريا مسارات ومنحنيات ذلك وبشكل قادح ونجحنا تكتيكياً في الملف الصحي في محاصرة الفايروس وهو موجود بلا شك، مثل الشمس في رابعة نهار عمّان في يوم تموزيّ حارق ماحق.
من جهة ثانية، نلحظ زجاجات لنبيذ فاخر معتّق لصالح حزب واشنطن تل أبيب في الداخل الاردني، حيث تتواجد كوادره في مفاصل الدولة الاردنية المختلفة، وكم طالبنا ونطالب وسنطالب دون كلل او ملل، الملك سيّد البلاد من تنظيف الدولة من كوادر هذا الحزب والذي هو أخطر من جائحة كورونا كوباء معولم كان ثقيلاً علينا وما زال، انّ كوادر ذلك الحزب، والتي تستمع للسعودي والاماراتي أكثر من استماعها للمك نفسه(ما جرى مؤخراً منذ 3 نيسان الجاري 2021م يكفي دليل على ذلك).
انّ الأزمة في الاردن، أزمة مركبة وعميقة وكادحة وقادحة، والهندرة السياسية الرأسية والأفقية القادمة بنكهة المشير الركن كارونا وأشقائه لاحقاً، للساحتين الاردنية والفلسطينية وطبقة الكريما السياسية والاقتصادية، وهندسة للديمغرافية بانتاجات جديدة، فهي من ناحية أزمة حكم ونخب تعاني من توهان صحراوي عميق ومتفاقم، وأزمة شعب بأصوله ومنابته المختلفة من ناحية أخرى، ومملكتنا الأردنية الهاشمية نموذج أممي حي، في كيف يكون التيه في صحراء الأستراتيجيا، بفعل طوارىء السياسة وطوارىء الأقتصاد وطوارىء علم الأجتماع السياسي، والطابور الخامس والطابور السادس الثقافي، وفي علم الأستراتيجيا هناك شيء اسمه المرونة الأستراتيجية، حيث يعني هذا العلم قدرة الدولة أي دولة على استشراف المستقبل، وادراك مغزى المعطيات والتطورات في البيئة الخارجية، واتخاذ سياسات للاستجابة لتلك التطورات والمعطيات والوقائع بما يخدم استراتيجيتها الشاملة.
الدولة لدينا في الأردن تعاني من نقص حاد وعميق بشكل رأسي وأفقي في مهارات المرونة الأستراتيجية، ولم تدرك مغزى ما يدور في بيئتها الخارجية، فوجدت نفسها بلا حول ولا قوّة بشكل فجائي، فارتبكت وتباطأت، وانبطحت وتساوقت، وتماهت تماماً مع كل أسف وحصرة، مثل: المسحور له، فبات كالمأفون، ولكنها حقّقت نجاحات تكتيكية.
نعم السياسة الأردنية ما زالت حبيسة الماضي التليد، وفضّلت أن تبقى قابعة بتموضع غريب في منطقة الراحة الآمنة وفي ظل جائحة كورونا المفتعلة أممياً، ونحن عشنا ونعيش الهيستريا القادحة ذات النتاج، التي عملت على تخليقها وخلقها حول نفسها – أقصد منطقة الراحة الأمنة، بفعل التيار المتأمرك المتأسرل فيها، وذهبت كافة الأطراف على الدفع بها الى هوامش المشهد وحافّاته غير المؤثرة، حتّى أنها لم تعد تلعب بالهوامش الممنوحة لها من قبل الأمريكي، وتمارس دبلوماسية الانتظار بفعل طوارىء السياسة والأقتصاد وعلم الأجتماع السياسي، تنتظر حل غيبي قد يلوح لها في الأفق السياسي المنسّد.
فهناك أكثر من طرف خارجي: طرف دولي، وطرف اقليمي، وطرف بعض عربي يعاني من اسهال شديد بشكل مائي في العلاقات مع الكيان الصهيوني، يدفع الأردن الى الأنفجار، كون مرحلة الأردن المستقر الآمن انتهت بالنسبة للقوى الدولية والكيان الصهيوني وبعض القوى الاقليمية التي تعاني كما قلنا من اسهلالات شديدة، في العلاقات المعلنة وغير المعلنة مع الكيان الصهيوني.
حيث من مصلحة الأطراف السابق ذكرها، بما فيها الكيان الصهيوني انفجار الوضع في الأردن، لأسقاط الدولة والتخلص من الالتزامات الدولية معها، وهي التي تلجم الطموح الصهيوني، وطموح السلفية الافنجيلية الأمريكية في القدس المحتلة، والضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزّة المحتل مع تفعيل مسارات تفريغ الضفة الغربية باتجاه الأردن.
اذاً ثمة حالة أردنية لترتيب البيت الداخلي لأغراض اقليمية، حيث المحفّز لذلك مضامين وشروط ما تسمى بصفقة القرن، ان لجهة التساوق والتماهي معها، أو لجهة مواجهتها وعقابيلها وتداعياتها، والملك بحاجة الى غطاءات سياسية لبعض القرارات قبل الدخول في كواليس استحقاقات اقليمية واقتصادية مع نهايات هذا العام، انّ أكبر وأكثر الخاسرين من صفقة القرن هما: الآردن وفلسطين المحتلة.
وصحيح أنّ الملك صنع لنفسه نخب، تصحّرت هذه النخب مع سنوات حكمه الحادية والعشرين، وقد أبتليّ بها الملك لاحقاً، فصنعت هذه النخب فجوة كبيرة بينه وبين شعبه بأصوله ومنابته المختلفة، لذا على الملك أن يغيّر أدوات الحكم عبر تغيير النهج القائم – دستور جديد ينظم العلاقات بين الحاكم والمحكوم، ويحدد مسارات حكومة منتخبة من قبل الشعب، قانون انتخاب حقيقي وأحزاب، الغاء قانون الجرائم الالكترونية، اطلاق الحريات العامة، والغاء النصوص القانونية من قانون العقوبات أو أي قانون آخر والتي تتحدث عن اطالة اللسان وما الى ذلك ونحن في القرن الحادي والعشرين، فحل الدولتين انتهى خلاص، وأكل وشرب الدهر عليه، وحل مكانه البراغماتية الأقتصادية، حل اقتصادي وتحقيق المكاسب الأقتصادية فهي المحرك للعقل السياسي، مع تسويقات لمفهوم السلام الأقتصادي كمضمون لصفقة القرن المسماه كذلك، دون الدخول في تابوهات الحلول السياسية.
والسؤال هنا: هل تخشى اسرائيل مواجهات مع الجيش العربي الأردني العقائدي، آخر قلاعنا كأردنيين من شتّى الاصول والمنابت، ومعه جهاز مخابراتنا الوطني – مخابرات دولة لا مخابرات حكومات أو أفراد أو كارتلات اقتصادية أو مخابرات بانكرز أو حتّى مخابرات ملك؟، فقيام دولة فلسطينية مصلحة أردنية وفلسطينية صرفة، وهذا ما يؤكد عليه الجميع، لذلك ليس للملك في مواجهة الضغوط، الاّ الشارع وتحريكه وتسمينه بتوسعة حركة احتجاجاته بالمعنى الرأسي والأفقي الأن، وعند لحظة تنفيذ مفاصل وتفصيلات فنية لصفقة القرن، وعبر دفع الكتلة الديمغرافية من الضفة الغربية المحتلة نحو الأردن، ان قامت عمان باغلاق الحدود مثلاً في وجه هذه الكتلة الديمغرافية، كونها ستظهر اسرائيل بأنّها ترتكب جريمة انسانية فريدة من نوعها، ويظهرها أمام العالم أنّها جزّار العصر؟ كل ذلك لصالح كيانية سياسية جديدة في الأردن بديمغرافيا وجغرافيا حديثة، برأس جديد ونظام جديد، مع العلم أنّ مصر أحياناً تفتح المعابر وأحياناً تغلقها مع قطاع غزّة وتحت بند وعنوان انساني، والمتوقع أنّه ستكون هناك هندسات لتسمين قطاع غزّة على حساب أراضي مصرية في شمال سناء لغايات الدولة الفلسطينية القادمة في شقها الغزّاوي؟
عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:
https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A
5615721 / 079
5345541 عمّان سما الروسان في 25– 4 – 2021 م.
التعليقات مغلقة.