سورية في إنتظار معركة الحسم / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي* ( سورية ) الإثنين 14/12/2015 م …
* صحفي وكاتب سياسي…
شهدت عدد من المناطق وساحات المواجهة في سورية، معارك عنيفة وإشتباكات شرسة خلال الأيام الماضية بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة، وكانت القوات السورية وبدعم من سلاح الجو الروسي، قد كثّفت ضرباتها في مختلف مواقع العمليات، وواصلت تقدّمها في ريف حلب الجنوبي واللاذقية وحماة وسط إنهيارات متلاحقة في صفوف المسلحين وفرار جماعي للمئات منهم، فباتت داعش والمجوعات المتطرفة الأخرى تشعر بالموت البطيء لأن حسم المعركة في سورية هي بداية النهاية لهم وهذا ما دفع بجميع الأطراف الدولية والإقليمية أن تجند كافة قواها للحيلولة دون حسم المعركة هناك، خاصة بعد فشلهم في فتح ثغرة على الواقع الميداني على الأرض الذي بقيت المبادرة فيه للجيش السوري، لكن قرار الحسم فرض نفسه على الواقع بعد أن قرر أطراف محور الممانعة والمقاومة، بالتعاون مع روسيا على أولوية الحسم العسكري كخيار يتقدّم الحل السياسي، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما تأثير هذه العمليات المتواصلة في مجريات الحل السياسي والإستعداد للجلسات التفاوضية بشأن الأزمة في سورية؟.
اليوم تعتمد روسيا على ما حققته من إنجازات وإنتصارات عسكرية على الأرض بإجبار تنظيم داعش وبقية التنظيمات المتطرفة فى سورية على التراجع بعد الضربات العسكرية المستمرة والموجعة، لذلك فإنها تتحرك من موقع قوة وثبات، وبخلاف ذلك فإنها ليست بعيدة عن التنسيق مع الدول المعنية بالوضع فى سورية، فالإتصالات مستمرة بين الكرملين وطهران والقاهرة، لتحقيق هدفها الأساسي الذى تساندها فيه القوات السورية، وهو القضاء على المجموعات المتطرفة وإجتثاث الإرهاب من جذوره، ويتضح ذلك من خلال تصريحات الرئيس الروسى بوتين: إن روسيا مستمرة في تقديم المساعدة للحكومة السورية لمحاربة داعش وخلق شروط لتسوية النزاع في البلاد، في إطار ذلك فإن خطة العمل الروسية تسير وفق نسقين مشتركين، الأول هو إستمرار المواجهات العسكرية ضد الإرهاب، والثاني هو فتح قنوات إتصال سياسية ودبلوماسية للتوصل إلى حل للأزمة لا يكون بعيداً عن الأسد، وفي الوقت نفسه طالب لافروف بقطع قنوات تمويل وتسليح الإرهابيين في سورية، وضرورة إغلاق الحدود التركية السورية فوراً، ولم يستبعد أن تجتمع مجموعة الدعم مجدداً في العاصمة النمساوية فيينا الأسبوع المقبل، مخالفاً بذلك مساعي نظيره الأميركي جون كيري لعقد الإجتماع في نيويورك.
اليوم نحن امام مهمة فاشلة تتعلق بتحديد مسمى الفصائل الارهابية، فمؤتمر الرياض الذي إنعقد قبل أيام ومؤتمر نيويورك الذي سيعقد الأسبوع القادم وفق الطرح الأميركي شكلان لمضمون واحد وهو إفشال أي حل سياسي للأزمة في سورية، لذلك سواء عقد مؤتمر نيويورك أم لم يعقد فالنتيجة واحدة والسبب هو الهروب من تنفيذ مقررات مؤتمر فيينا المتمثلة بإصدار لائحة بأسماء التنظيمات الإرهابية وتوحيد المعارضة بوفد موسع يمثل الطيف المعارض في سورية ليحاور الحكومة الشرعية فيها، ومن هنا اتهم الرئيس الأسد، بعض الدول وبينها السعودية وأمريكا إضافة لبعض الدول الغربية بأنها تريد ضم المجموعات الإرهابية إلى المفاوضات، وأعتبر أن هذه الدول تريد من الحكومة السورية أن تتفاوض مع الإرهابيين، ودعا الأسد إلى الواقعية وعدم الخلط بين المعارضة السياسية والجماعات المسلحة، وأكد أن الحكومة السورية تحاورت مع بعض المجموعات، كمجموعات وليس كتنظيمات بهدف تخليها عن السلاح، معتبراً أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع المجموعات المسلحة في سورية .
في إطار ذلك جاء الرد الروسي بعد اجتماع فريق عن المعارضة السورية في الرياض عبرت موسكو عن رفضها محاولة هذا الفريق منح نفسه حق التحدث باسم جميع فصائل المعارضة السورية، وأعربت عن استعدادها لمواصلة العمل الجماعي في إطار الفريق الدولي لدعم سورية بمشاركة جميع الأطراف المعنية بلا استثناء، بهدف تسوية المسائل المتعلقة بالتمهيد لعملية سياسية سورية حقيقية وشاملة دون أي شروط مسبقة، وأن الشعب السوري وحده المخول بتقرير مصير سورية.
مجملاً….إن مؤتمر نيويورك حول سورية، لن يكون محطة في مسار الحل السياسي، كون التسوية والحل غير متاحين، والظروف القائمة والراهنة لا تسمح في هذه المرحلة بحل سياسي لأن الميدان العسكري قال كلمته النهائية، ولم يبقَ سوى ترجمة الإنجازات والنتائج الميدانية الى حل سياسي، وبإختصار شديد يمكن القول إن من يحدد مصير الوضع قي سورية و هوية من يحكمها هو الشعب السوري الذي يخوض في ميدانها الى جانب الجيش السوري مع المقاتلين من محور المقاومة اشرس المعارك الدفاعية، فالميدان الذي يرسم وقائعه الجيش العربي السوري وحلفاؤه هو الذي سيحدد اتجاه ومسار الحرب ويحدد المشهد النهائي للأزمة والصراع في سورية.
التعليقات مغلقة.