ستبقى سورية قاعدة النهوض القومي / فؤاد دبور
فؤاد دبور ( الاردن ) الثلاثاء 15/12/2015 م …
تمر المنطقة بعامة وامتنا العربية بخاصة هذه الأيام بمخاطر تتمثل في انتهاج أنظمة عربية وأخرى في المنطقة وبخاصة تركيا اردوغان سياسة التبعية للسياسات الأمريكية الصهيونية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية ، حيث تنخرط هذه الأنظمة في هذا المشروع ، عبر عزل القضية عن عمقها العربي وتحويلها إلى مجرد مشكلة سكانية وأمنية متجاهلة الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني في أرضه ووطنه وبناء دولته المستقلة.
وتعمل هذه الأنظمة أيضا بوعي أو دون وعي على الإسهام في تنفيذ المشروع الأمريكي الصهيوني الهادف إلى تجزئة أقطار الوطن العربي إلى كانتونات هزيلة على أسس عرقية ومذهبية وطائفية تخدم المشروع ذاته.
ويأتي العدوان الكوني الإرهابي غير المسبوق على سورية ضمن هذا السياق أيضا، حيث يهدف هذا العدوان الذي تنخرط فيه قوى غربية استعمارية وأنظمة عربية وإقليمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إضافة بالطبع إلى كيان العدو الصهيوني ـ إلى تفكيك الدولة السورية وتفتيت المجتمع فيها ، وتدمير قدراتها الاقتصادية والأمدنية والعسكرية ، لان سورية رفضت الارتباط بشبكة المصالح الأمريكية، وهذا ما أكده أكثر من مسؤول أمريكي ، بانه ( إذا تخلت سورية عن دعمها للمقاومة في فلسطين ولبنان وعن علاقتها مع إيران وأبرمت اتفاقات مع “إسرائيل” ، عند ذلك سوف نغير سياستنا تجاهها، لكن إذا بقيت سورية سائرة في سياساتها الرافضة للامتثال إلى ما نريد، فسوف تواجه بما لا تستطيع تحمله) ويأتي التركيز على سورية نظرا لخصوصيتها ، بما تشكل من موقع جيوسياسي ؛ ومحور ارتكاز في منطقة إستراتيجية لمصالح الدول الكبرى.
ولما كان الصراع بين هذه الدول يقوم على المصالح فقد تشكل نتيجة هذا الاستهداف محور دولي يأتي في مقدمته روسيا الاتحادية التي لا يمكن أن تتخلى عن مصالحها وتواجدها في البحر الأبيض المتوسط، لان الحفاظ على هذا التواجد يتعلق بأمنها من جهة ويسهل عليها الطريق أمام طموحها بأن تصبح قطباً عالمياً وتحقيق مصالحها المتعلقة بالغاز والنفط من جهة أخرى.
يحق لنا أن نقول رغم شراسة العدوان وتعدد الجهات المنخرطة فيه وبخاصة أنظمة عربية وإقليمية وقوى ظلامية إرهابية ، فإن سورية أعطت للعالم اجمع نموذجا غير مسبوق في الصمود والتصدي للعدوان وقدرة على تحمل الصعاب والتضحيات ولم يستطع تحالف الأعداء من حسم الصراع وفرض إرادته على سورية لتحقيق الهدف الأساسي في تصفية القضية الفلسطينية وتمرير مشروعهم.
ويشكل صمود سورية فرصة تاريخية لتجسيد المعنى العميق لخيار المقاومة في مواجهة الأعداء وجبروتهم وإفشال مشاريعهم وفرصة كذلك لبلورة مشروع نهوض الأمة في ظل تراجع القوى التي طالما عملت على وأد هذا المشروع للإبقاء على الأمة مفككة ضعيفة .
ونرى أن الفرصة مواتية للأمة العربية ، في ظل التحول النوعي بموازين القوى الناتج عن صمود سورية ، والذي تجلى بوضوح في بروز روسيا الاتحادية ومعها دول البريكس الأخرى ك: الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا ، ومشاركتها في الحرب ضد الإرهاب سياسيا وعسكريا في القطر العربي السوري، مما أتاح للجيش العربي السوري تحقيق انجازات عسكرية هامة على الأرض السورية بعامة وفي منطقة الشمال بخاصة .
هذا، مع إدراكنا طبعا بأن المحور المعادي الأمريكي الصهيوني الأطلسي والأنظمة العربية المتورطة في العدوان على سورية سوف تبذل كل جهد من اجل منع انتصار سورية ونهوض الأمة.
وخلاصة القول، أن سورية شكلت ساحة لصراع إقليمي ودولي قائم على المواجهة بين مشروعين، استعماري يستهدف ارض الأمة وثرواتها وسيادتها واستقلالها ووحدتها ، وبين مشروع يهدف إلى تحقيق حرية الأمة والدفاع عن سيادتها وقرارها المستقل وحقوقها في ثرواتها واستعادة أرضها المسلوبة.
كما نقول أن سورية الصمود والمقاومة تشكل قاعدة نهضة الأمة ونهوضها وتحقيق مستقبل مشرق لأجيالها لان سورية لن تسمح بتمرير مشاريع الأعداء مهما اشتدت عليها الخطوب وكبرت التضحيات.
فـــؤاد دبـــور
الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي
التعليقات مغلقة.