عمال مصر يطورون أساليب الإضراب لمواجهة تأميم مكتسبات الثورة
الأردن العربي ( الثلاثاء ) 22/12/2015 م …
*قيادات عمالية مصرية : أصبحنا مهددين بالفصل أو الانتماء لجماعة محظورة إذا طالبنا بحقوقنا…
“حركة عمالية واحدة ضد السلطة اللي بتدبحنا ” ، هتاف ضجت به الميادين خلال العديد من فعاليات ثورة الخامس و العشرين من يناير ـ إذ ذهب البعض إلى إن الإضطرابات العمالية المتعاقبة إبان عهد مبارك عجلت بهذه الثورة ،لكن بعد مرور خمس سنوات اتفق عدد من القيادات العمالية إن مطالبهم لم يتحقق منها شيئا و كأن الثورة لم تقم بحسب تعبير بعضهم .
“ياريت أوضاع العمال ظلت كما كانت في عهد مبارك ” ،هكذا قال كمال الفيومي (القيادي العمالي بشركة غزل المحلة )،معبرا عن سخطه على تردي أوضاع العمال، موضحا أن الوضع يسير من سيء إلى أسوأ ،إذ لم يكن في عهد مبارك حملة شرسة على العمال كما هي الأن ، على حد تعبيره.
تحت التهديد
و أكد الفيومي لـ”مصر العربية ” أن العامل الآن تحت التهديد فإذا طالب بحقوقه يتم فصله في ظل اتهامات معلبة وجاهزة منها الانتماء لجماعة محظورة و الإرهاب و التحريض على الإضرب ، فضلاً عن إزدياد معدلات الخصخصة التي نتج عنها تشريد الألاف من العمال .
و اتفق معه جمال عثمان القيادي العمالي بشركة طنطا للكتان مؤكدا أن العمال لم يحققوا أية مكاسب من الثورة، مضيفا أن الشركات القابضة بعد ثورة يناير حرمت العمال من بعض حقوقهم مثل حصتهم في الأرباح ، فضلا عن عدم تنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بعودة العمال المفصولين و عودة الشركات التي تم خصخصتها.
و أوضح عثمان لـ”مصر العربية” أن الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير لم تقر قوانين العمل و الحريات النقابية و لم تستطع منع الفصل التعسفي و تركوا العمال في مهب الريح و الإضرابات.
مهمشون :
فيما قال خالد طوسون رئيس المؤتمر العام لعمال الإسكندرية إنه بعد مرور خمس سنوات من الثورة أصبح العمال الذين يقدروا بـ26 مليون بلا ممثلين حقيقين لهم في البرلمان نظرا لإلغاء 50% نسبة عمال و فلاحين ، مضيفا أن رجال الأعمال مثل فرج عامر باتوا هم من يمثلون العمال .
و أضاف طوسون لـ”مصر العربية” أن العمال لازالوا مهمشين و الخمس سنوات الماضية لم تكن كافية لازدياد وعيهم بحقوقهم ، موضحا أنهم لم يحصلوا على قانون عمل أو قانون للحريات النقابية على الرغم من مناقشتهم أكثر من مرة خلال خمس سنوات .
طلال شكر عضو اللجنة التنسيقية للنقابات المستقلة قال لـ”مصر العربية” إن الحكومات التي أعقبت ثورة يناير ظلمت العمال باستثناء حكومة الدكتور عصام شرف التي حاولت أن تعطيهم حرية الحق في التنظيم النقابي، لكن الحكومات التي جاءت بعدها انحازت لأصحاب العمل على حساب حقوق العمال، لذلك لم يحصل العمال على أية مكتسبات بعد الثورة.
انخفاض الأجور
في السياق ذاته،قال هشام فؤاد عضو حملة “نحو قانون عمل عادل ” إن كافة القطاعات العمالية تشهد اليوم هجوما واسعا على الحقوق المالية ، حيث شهدت الشركات تخفيضات في الاجور والأرباح والحوافز مما أدى لتدهور أوضاع العمال المعيشية، وباتت الدولة تحول العمال المضربين للنيابات لإرهابهم بتهمة الإضراب،كما تم إصدار سلسلة من التشريعات التي تنتقص من حقوق الموظفين والعاملين بأجر مثل قانون الخدمة المدنية.
في حين ، أوضح كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية و العمالية لـ”مصر العربية” إن العمال حققوا مكتسبات في وقت الزخم الثوري مع بداية حكومة الدكتور عصام شرف إذ أصدرت الحكومة إعلان الحريات النقابية، كما حدثت بعض الزيادات في الرواتب مثل حافز الإثابة 200% الذي تم تعميمه على جميع الموظفين بالدولة و تثبيت نحو 550 ألف من أصحاب العقود المؤقتة .
السياسات العدائية
لكن عباس قال إن في عام 2012 بعد تولي جماعة الإخوان المسلمين زمام البلاد عادت السياسات المعادية للعمال و المنحازة لرجال الإعمال و استمرت بعد أحداث 30 يونيو ،و على حد تعبيره ، لا يمكن إغفال دور المجلس العسكري الذي أغلق أدراجه على قانون الحريات النقابية و لم يصدره .
بينما اختلف معه كمال الفيومي القيادي بغزل المحلة، إذ يرى أن المكتسب الوحيد بعد مرور خمس سنوات من الثورة هو تطور أساليب الإضراب خاصة تلك التي اتبعها العاملون بغزل المحلة في شهر أكتوبر الماضي احتجاجا على خصم العلاوة الاجتماعية، حيث ذهب العمال للمصنع صباحا و جلسوا أمام الماكينات ثماني ساعات دون عمل و هو أسلوب لم يكن متبعا.
تأميم العمل النقابي
لكن طارق يوسف رئيس النقابة المستقلة للعاملون بهيئة النقل العام وجد أن خروج التنظيمات النقابية كانت أهم المكتسبات التي حققها العمال من الثورة إلا إنه يرى أن الدولة تحاول اﻵن انتزاعها من العمال ، موضحا أن ثورة يناير جعلت العمال يعرفون حقوقهم و يطالبون بها ، بالإضافة إلى كسر حاجز الخوف .
و يتفق معه خالد طوسون و طلال شكر و هشام فؤاد ، إذ يقول الأخير إن النظام يحاول الإجهاز على مكتسبات العمال الرئيسية من ثورة يناير و هي حق التنظيم النقابي، مؤكدا أن الدولة ” تريد تأميم وإحتكار العمل النقابي لصالح اتحاد تسيطر عليه الأجهزة الأمنية وعلى رأسه مجرمين شاركوا في موقعة الجمل وقتل الثوار” ، على حد تعبيره ، في إشارة منه لاتحاد النقابات العامة لعمال مصر .
و يتوقع فؤاد و جمال عثمان القيادي بطنطا للكتان إزدياد الاحتجاجات والإضرابات العمالية في الفترة القادمة بعد إصدار قوانين عمل و حريات نقابية لا ترضي العمال و إزدياد السياسات المجحفة ضدهم من قبل أصحاب العمل .
يذكر أن وزارة القوى العاملة و الهجرة قالت في شهر يوليو الماضي إن القضايا العمالية المتداولة أمام المحاكم المختلفة على دفعتين منذ قيام ثورة يناير حتى النصف الأول من عام 2015 بلغت 4154 قضية من إجمالي عدد المفصولين 15 ألف عامل ، بعدما أجرت إحصاء على 10 محافظات فقط .
التعليقات مغلقة.