القنطار ، بطل قضى ولكن ….! ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأربعاء 23/12/2015 م …
لم يحظ شهيد قضى نحبه في الآونة الأخيرة كما حظي سمير قنطار من مقالات وتعليقات ، بين من يعدد مناقبه ويشيد بنضالاته وبين من يتعرض لروحه الطاهرة من شتم وسباب ومن منابر ومواقع متنوعة .. أستغرب وأستنكر كل تلك المحاولات التي التي تتناول الشهيد ونضاله بالإساءة ليس من أجله فحسب من أجل فلسطين والعروبة والحرية ، وما كل تلك الأقلام التي تناولت شهيد فلسطين وعاشقها بالسوء إلا أقلام مأجورة متصهينة سواء كانت تدري وتلك مصيبة أو كانت لا تدري ومصيبتها أعظم وأكبر لكونها تردد ما يقوله الصهاينة المتأسلمون المأجورون …
ولعلني هنا استذكر كيف كان الصهاينة يصرون على عدم خروجه حياً من سجونهم في الوقت الذي كان به مصراً على الخروج لثقته بأن نهر العروبة لا ينضب من الأحرار الذي سعوا وحققوا له الخروج رغم كيد الصهاينة ضمن صفقة تبادل ارتقت في مسعاها ومضمونها ونتائجها على كل نباح الطائفية والطائفيين والمتنكرين للحرية والعروبة ، واستذكر هنا كلماته بعد تحريره حيث قال ” أنا رجل مقاوم وخرجت من الأسر واستمريت في هذا الخط ، وأنا لم أخدع أحداً، حتى عندما كنت في الأسر قلت بأنني خارج من الأسر لأواصل درب المقاومة ” فواصلها ولم يبخل بدمه وروحه فداءً لها .
وربما ، ومهما سطرت من حروف وكلمات ، فلن أوفِ شهيدنا حقه ، ولن استطيع تلخيص نضالاته وأعماله سواء قبل الأسر أو أثناءه أو بعد أن تنفس هواء الحرية ويكفي الإشارة إلى أنه أختار صفة الشهيد منذ نعومة أظافره حين كان يكتب صغيراً صفة الشهيد قبل إسمه وهو في صفوف الدراسة الأولى ، وكأنه كان يتنبأ بمصيره ، وكأنه كان يخطط لذلك بعقله الصغير ماذا سيفعل للصهاينة وماذا سيفعلون به مقابل ذلك وهو ابن العروبة الحرة الذي عبر عن انتمائه لعروبته بالأفعال فقاوم الصهاينة على جبهات متعددة من لبنان إلى فلسطين فسوريا التي أُستشهد على ترابها الطاهر بعد أن أدى واجبه الذي لم يوقفه إلا تلك الصواريخ التي سقطت على مكان إقامته فقد كان يعمل حتى الثواني الأخيرة من حياته على تثوير جبهة الجولان من خلال حث أبناءها على مقاومة الاحتلال الصهيوني .
لقد عرف الصهاينة قيمته كما لم يعرفها المتصهينون … عرف الصهاينة طاقات وقدرات شهيد فلسطين ، فكان أن خططوا المرة تلوة المرة لاستهدافه وقتله ، وفشلوا ، إلا أن حققوا بغيتهم أخيراً ليلحقوه بدرب شهداء فلسطين وشهداء الحرية ويكفي هنا أن أشير إلى ما نعاه به شقيقه ” بسام ” حين تلقى خبر استشهداه حيث قال في تغريدة له على موقع “تويتر” “بعزة وإباء ننعي استشهاد القائد المجاهد سمير القنطار ولنا فخر انضمامنا إلى قافلة عوائل الشهداء بعد ٣٠ عاماً من الصبر في قافلة عوائل الأسرى” فكيف لا وقد نشأ شهيدنا وتربى ضمن أسرة عربية مناضلة .
لقد تعرض عميد الأسرى العرب في سجون الاحتلال والشهيد الحي في ضمائر كل الشرفاء ، إلى حملة مسعورة من والشتائم والسباب والاتهامات من قبل من خانوا فلسطين ومن خانوا العروبة والإسلام الحق حين وجهوا بوصلتهم لتدمير سوريا والعراق بدلاً من محاربة الصهاينة والعمل على تحرير فلسطين وحين قالوا زوراً وبهتاناً بالحث على الجهاد في كل الأماكن والمناطق الأخرى إلا فلسطين وباستثناء العمل على تحرير الأقصى فما كان من الصهاينة إلا أن ساعدوعم بقتل القنطار وعلاج جرحاهم في مشافي الكيان الصهيوني مؤكدين عمق العلاقة بين إرهاب ” دولة الاحتلال ” وإرهاب الظلاميين التكفيريين ضد كل لسان حر وبوهدف قتل كل نبض حر محاولين في ذلك إسكات وإخراس أصوات الحرية بما يفعلون وبما يستهدفون ، ولعلي أستذكر هنا بأن شهيدنا البطل وحين أعتقله الصهاينة لم يكن محسوباً على طائفة بعينها أو على تيار بعينه فقد كان محسوباً على ” جبهة التحرير الفلسطينية ” وكان أحد عناصرها وهي فصيل من فصائل الثورة الفلسطينية الصغيرة نسبياً والتي لم ترفع راية الطائفية أو الحزبية يوماً ، فلم يكن شهيدنا معادٍ لتيار بعينه ولم يكن محسوباً على تيارٍ بذاته ولم يتلون بألوان البعث أو الماركسية أو الطائفية – وهذا من أجل التوثيق فقط وليس المس بفكر الشهيد – .. واستمر على مبادئه بالسعي لحرية العرب وقتال الصهاينة حتى اللحظات والثواني الأخيرة من عمره ، وإن استهداف الصهاينة للشهيد القنطار ما هو إلا استهداف لكل عربي حر ولكل مناصر للقضية الفلسطينية في كل مكان مهما كانت انتماءاتهم وأفكارهم السياسية وجنسياتهم فجبهة إرهاب دولة الكيان الصهيوني ضد الأحرار مفتوحة في العالم كله ولعلني هنا غير مضطر لأذكر باغتيال الصهاينة للعديد من القادة الفلسطينيين في دول اوروبية عدة .. ولعل في ذلك عظة لكل من تناول الشهيد بسوء متغلفاً بطائفة أو حزب … ولو اني أقول هيهات فلقد أعمى الصهاينة بصيرة هؤلاء حين لا يجدون من إدعاء بالحق إلا في إرهابهم وفي تجارتهم للدين التي لو أُسقطت لضاعوا ولما عاد لهم مكاناً في الكون .
ومما أستغرب له أيضاً عدم قيام من يدعون تمثيلهم الشرعي والوحيد للفلسطينيين بنعي الشهيد والترحم عليه إلا من قبل أصوات خافتة مخنوقة لا تتفق ونضال الشهيد وعطاءه من أجل فلسطين ، وأضيف مشيراً إلى ازدواجية الموقف واللون من قبل تجار الإسلام السياسي في فلسطين ، فهناك قيادة تنعي وقاعدة تستنكر وتسب وكل ذلك لذر الرماد في العيون من قبل قيادة حماس وأجهزتها فالشهادة عندهم هي حصراً بهم ولا مكان لغيرهم بحمل صفة الشهيد …..
ولعلني أشير إلى ما ورد في حق الشهيد على لسان الصهاينة على أن لهم حساب طويل مع ” القنطار ” حيث قتل وجرح منهم وخطط ودبر وبادر لتنفيذ عمليات ضد دولة الاحتلال مذ كان في الـسادسة عشرة من عمره وحتى يومنا هذا مشيرين إلى أن ما يميزه أيضاً كونه من ابناء الطائفة العربية الدرزية الذين يخشون من تثويرها والتي كان الشهيد يعمل على ذلك في أيامه الأخيرة .
وفي الختام أقول وإن صح القول بأن لكل منا من إسمه نصيب … فإن شهادة القنطار ستحوله إلى ذرات من الحرية تغذي أرواح مناضلينا وتنتشر لتكون نبراساً ووعداً بالحرية القريبة وبالتحرير الكامل لمعشوقة الشهيد ففلسطين بالإنتظار ..
وأقول أن كان الشهيد قد مضى فلا بد وأن يتجدد كما هي الأيام فسنتنا الحالية 2015 في إنقضاء قريب ولكن حتماً سيتبعها عام آخر وأعوام أخرى .. فلننتظر ونرى …
ابراهيم ابوعتيله
عمان – الأردن
23 / 12 / 2015
التعليقات مغلقة.