هل نثق بسيد المقاومة ؟ / أحمد الحباسى
أحمد الحباسى ( الجمعة ) 25/12/2015 م …
السيد ليلة أمس و لا شك أن إسرائيل قد فوجئت تماما بهذا الاقتضاب المتعمد و بهذا الاتهام المباشر و بهذه النبرة الهادئة التي تعمدها سيد المقاومة عند الحديث على أن الرد سيكون بقدر الوجيعة و بقياس أهمية المصاب في جسم المقاومة و بحجم الانتظار لدى جمهورها ، بهذا المعنى فلا شك أن العدو الصهيوني و بعض المخابرات الخليجية ذات العلاقة بعملية الاغتيال قد بدأت من تلك اللحظة في إعادة قراءة الخطاب و محاولة فك شفرته لفهم الأسباب الجوهرية التي دفعت بالسيد إلى صياغة خطاب الإعلان عن اغتيال الشهيد الكبير سمير القنطار بهذا الشكل .
لعلها من المرات القلائل التي تحدث فيها سيد المقاومة بمنتهى الاقتضاب عن حادثة مهمة مثل حادثة اغتيال الشهيد سمير القنطار ، و لعلها من المرات النادرة التي صوب فيها سيد المقاومة أصابع الاتهام نحو إسرائيل بكلمات منتقاة و شديدة الوضوح ، هذا مهم في خطاب سماحة
في العالم العربي هناك من يثق في سيد المقاومة و هناك ” جمهور” صهيوني معين تربى في حضن الخيانة و الخنوع و اللامبالاة و هو من يزرع الشك دائما في كل القواسم العربية المشتركة و في أهمية و دور المقاومة في دحر الاحتلال و في القدرة العربية على مواجهة هذا التمدد الاستعماري المهين لكرامة الأمة العربية في كل العناوين ، هذا ” الجمهور” المريض هو من يتجرأ على الاستهزاء من قدرات المقاومة على الرد و هو نفسه من يسخر من مقولة ” الرد في الوقت المناسب” و هو الذي يطعن المقاومة في ” شرفها” بترديد الأفكار الغربية التي تتهم المقاومة ببيع المخدرات و تبييض الأموال و آخرها الاتجار في البشر كما جاء على لسان سيد المقاومة في خطابه الأخير ، و هذا “الجمهور” المريض هو نفسه من يقف إلى جانب العدو الصهيوني حين ينفذ غاراته الوحشية على الشعب الفلسطيني و حين يغتال القيادات المقاومة أو حين يضرب المنشآت العربية لمجرد الاشتباه ، و جمهور كهذا لا يستحق العروبة ولا يملك الرجولة و الشهامة .
هناك جبناء في الخليج على وجه التحديد ، و أولهم قطعان الإرهاب الذين يمارسون “القتل الأعمى” في سوريا و في غيرها من بلدان العالم ، هناك علماء “مسلمون ” جبناء ” يحتسون ” النفاق و الرذيلة الخطابية كما يحتسون فناجين القهوة ، و هناك سياسيون ، إعلاميون ، مواطنون يعشقون الجبن و النفاق و التزحلق على كل المفردات النمطية الزائفة و المكررة ، هؤلاء هم ” جمهور” الفكر الصهيوني الذين يعيشون في الخليج و يحترفون الجنسية الخليجية و يعاشرون الحكام الخونة في الخليج أو ما يسمى بالعشائر الخليجية الحاكمة في الرعايا الخليجية الجبانة المحكومة ، لا أحد من هؤلاء الجبناء قادر على رفع السلاح أو الدعوة إلى رفع السلاح لمواجهة الصهيونية العالمية ، و لا احد منهم قادر على التنفس خارج الإطار الذي حددته الأنظمة العميلة الحاكمة ، و هؤلاء لا يتوقفون أمام مشاهد انتهاك الصهاينة للقانون الدولي و لا أمام قتل الأطفال و لا أمام الاعتداء على نساء المسلمين ، فهم قد شربوا فيروس الجبن و تعلموا أن الانبطاح هو سيد المواقف .
يستهزئون بالمقاومة و بسيدها و بانجازاتها و بوعدها الصادق و ينسبون إليها كل السيئات الكاذبة و كل المواقف الهابطة ، فها هم إعلاميو البترودولار و المحطات التلفزيونية العربية و الخليجية الدائرة في فلك الإعلام الصهيوني ، لكن هؤلاء لا ينتبهون في لحظة الغرور أن اللعب اليوم قد أصبح على المكشوف و أن العالم العربي قد انقسم إلى شطرين متنافرين ، شطر يعشق المقاومة و هو الشطر الغالب و أقلية متهرئة نزعت ثيابها الداخلية في أحضان السياسة الصهيونية الداعية إلى القبول بالصهيونية كأمر واقع فرضته التنازلات الفلسطينية منذ مؤتمر أوسلو إلى حد الآن ، فالشطر الأكثرى الغالب اليوم يثق تمام الثقة بكل فاصل و حرف يأتي على لسان سيد المقاومة.
ليفهم الجميع و لنعلنها صراحة واضحة ، إن الشعوب العربية المقاومة تعفى سماحة السيد حسن نصر الله من تعهداته بالانتقام لشهداء المقاومة و عناوينها المهمة ، لكن هذه الجماهير العربية المؤمنة بخيار المقاومة كحل وحيد لكل قضاياها المتعددة المتشعبة التي ضاعفها وجود الاحتلال و تداعياته في المنطقة العربية تطالب سيد المقاومة كجزء من التحالف الثلاثي أن يساهم بكل الطرق الممكنة في انجاز انتصار سوريا على المؤامرة لان هذا الانتصار هو الذي سيعزز كل الفرص المطلوبة لمحاسبة الأنظمة الاستعمارية الغربية الصهيونية و العميلة الخليجية ، فالمسألة لم تعد مسألة شخصية بين حزب الله و الصهاينة و لا بين الحزب و بين دول العمالة في الخليج و لا مسألة ثأر لشهيد مهم و لا غاية في حد ذاتها ، هناك وجيعة و ثأر و رغبة جامحة في الانتقام لدى كل جمهور المقاومة ، لكن الرد المناسب هو الانتصار السوري على كل عناوين المؤامرة ، هذه وصية الشهيد التي شاهدها جمهور المقاومة على شاشة قناة ” المنار” بالأمس ، و سماحته لم يتعود على التنكر لوصية الشهداء.
التعليقات مغلقة.