على هامش تعزية القسام بالقنطار / راسم عبيدات

 

راسم عبيدات ( فلسطين ) السبت 26/12/2015 م …

واضح من خلال المتابعات بأن هناك انفصام في العلاقة بين كتائب القسام وبين القيادة السياسية لحركة حماس،حيث ان كتائب القسام أرسلت رسائل تعزية او تهنئة لقيادة حزب الله بشهداء جرمانا وعلى رأسهم الشهيد القنطار،وهي رسائل برتوكولية لا أكثر،ويبدو أن تلك التعزية خلقت تداعيات كبيرة في بيئة حماس وحواضنها وعند كتابها ومثقفيها في قطاع غزة وفي الخارج،وبما يؤكد بان الفكر الوهابي التكفيري والسلفي،متغلغل جداً في بيئة وحواضن وقواعد حماس،ومن خلال التغريدات على مواقع التواصل الإجتماعي او المقالات التي كتبت من قبل كتاب محسوبين على حماس،يتضح بأن المذهبية المقيتة والحقد الأعمى على الشيعة،والذي يصل حد التشفي والتهليل والتكبير والفرح بهذه العملية الإسرائيلية التي استهدفت قائداً دفع ثلاثين عاماً من عمره لفلسطين في سجون الإحتلال،وقبلها مناضلاً في الثورة الفلسطينية،هي من حكمت تلك المواقف وردات الفعل،وهنا لا بد من القول بأن دور مشيخات النفط والكاز وما تضخه من اموال وما تمارسه من تحريض على حزب الله والمعسكر الروسي- الايراني – السوري،يلعب دوراً كبيراً في تغذية تلك المواقف وردات الفعل الإنفعالية المذهبية،وخصوصاً بأننا رأينا كيف أن حماس وقفت الى جانب مشيخة السعودية في حربها على فقراء اليمن،فيما يسمى بعاصفة “الحزم”،وكذلك كانت مواقفها مع تشكيل ما يسمى بالتحالف الإسلامي العسكري الذي شكلته السعودية لمحاربة ما يسمى ب”الإرهاب”.

عندما ترى بأن هناك ادانات واسعة وعبارات استنكار ضد تقديم كتائب القسام للتهنئة او التعزية بإستشهاد القنطار تصدر عن الحواضن والقواعد والكتاب والمثقفين المحسوبين على حركة حماس،محذرة من فقدان الحركة لشعبيتها وحضورها واحترامها بين الناس،وخسران كتائب القسام لمحبة الناس، تدرك بأن إزدواجية في سلوك ومواقف تلك الحركة،وتأرجح عميق حتى اللحظة لم تستطع القيادة السياسية لحماس حسمه لصالح المعسكر السعودي -القطري- التركي،فكتائب القسام كذراع ميداني وتنفيذي للحركة،يعرف حق المعرفة طبيعة وحجم الدعم المالي والعسكري الذي قدمته ايران وحزب الله للكتائب،ولكن القيادة السياسية لا تستطيع أن تقف الى جانب هذا المحور الذي غادرته مع بداية الأزمة السورية،وأي مواقف لها مغايرة قد يدفع بالحركة الى خانة التصدعات والتشققات،وحتى السلطة الفلسطينية التي هي سلطة تحت الإحتلال لم يجرؤ ما يسمى بمجلس وزرائها  على التعزية بإستشهاد القنطار.

المواقف العلنية لحماس  بإدانة  عملية اغتيال القنطار، لا تنسجم ولا تتطابق مع ما يجري في القواعد وفي البيئة الحاضنة،فعندما تغرد ابنة مشعل الرجل الأول في حماس على “تويتر”  الله لا يردك يا سمير القنطار،وعقبال حسن اللات”،وكذلك الكاتب المغرق في المذهبية الأردني ياسر زعاتره، والذي وصل الأمر به حد التهجم على كتائب القسام لمجرد بعتها لرسالة تعزية،وهناك شخص مقيم في لندن في فنادق نجومها الخمس يدعى ابراهيم حمامي،ليس له سوى الردح والشتم والذم والتهجم،حتى انك تشعر بانه يحقد على ذاته.

أليس من العار أن ينعت حملة الفكر الوهابي التكفيري،هذا الشهيد الذي مهما علو لن يطاولوا حذائه  ب”المتشيع” الرافضي” قاتل اطفال سوريا” “الشبيح” وذهب البعض منهم الى ما هو مقزز ومقرف،وما يعبر عن حقد غير مسبوق بالقول بأن الشهيد القنطار “فطيسه وماتت”؟؟!!.

 

ليس بالغريب ولا بالمستغرب على مثل هؤلاء،فهم من كانوا اول الشامتين والراقصين والمهللين والمطبلين لأي غارة تشنها اسرائيل  على سوريا او مواقع حزب الله، ولا ننسى عباراتهم اللهم اضرب الظالمين بالظالمين،في فرح وإمتداح للقصف الإسرائيلي.

تخيلوا أن البعض ممن هم محسوبين على الحركة والإسلام السياسي في معرض تبريرهم لتعزية حماس وكتائب القسام بالقنطار،قالوا بأن الضرورات  تبيح المحظورات،وان القسام في تعزيتها  هي نوع من ” التكتيك” و” المراوغة”..وان ما تظهره الحركة والقسام عكس ما تخفيه او لا تجاهر به،أي تكتيك وأي مرونة هذه؟؟؟، هذا هراء وسفسطة،وإزدواجية سلوك ومواقف لا يمكن أن توصل بنا الى وحدة وطنية او إنهاء إنقسام،أو محاربة للمذهبية والطائفية.

بالنسبة لي في سياق قراءة لمواقف هؤلاء،فأنا  لست بالمستغرب او بالمراهن على ان يتخلى هؤلاء في يوم من الإيام عن نهجهم الإقصائي،واعتبار كل من لا يخالفهم او يتفق معهم بالرأي او وجهة النظر كافر،على اعتبار انهم يملكون صكوك الغفران وإدخال الناس للجنة او النار،او الإتهام بالخيانة والعمالة على اعتبار انهم يوزعون شهادة الوطنية.

من يهلل ويكبر ويتمنى ان تقتل اسرائيل من كوادر وقادة حزب الله المزيد، لن يكون في يوم من الأيام مؤتمن على وطن او قضية،فإذا كان حزب الله هو الذي احتضن مبعدي مرج الزهور من حماس والجهاد،احتضنهم ،مولهم ودربهم عسكريا، وأمن لهم كل مقومات الحياة،وفي كل الحروب العدوانية التي شنتها اسرائيل على غزة،كانت قنوات الدعم المالي والعسكري والسياسي مصدرها ايران وسوريا وحزب الله،وفي المحصلة مناضل كبير كالقنطار عمل وخدم في الثورة الفلسطينية،ودفع ثلاثين عاماً من عمره في سجون الإحتلال من اجل فلسطين،وخرج بفضل حزب الله،ليستمر في النضال والمقاومة من اجل فلسطين ولبنان وسوريا والمشروع القومي،سيتكثرون عليه برقية تعزية برتوكولية،ويعتبرونها جريمة،وليقلوا أقذع الأوصاف والعبارات المسيئة بحق هذا المناضل الكبير.

عندما يفقد البعض البوصلة ويمعن في المذهبية ويغرق في الإقصائية،ويصل حد العنجهية والغرور والغطرسة كما هو حال الخليفة السلجوقي،الذي كان البعض يراهن عليه بان يحرر فلسطين،لكي يظهر على حقيقته بعد عدد من المشاهد “الببروغندية” والتمثيلية الخادعة،فها هو يعاقب من كان هو قبلتهم ومحجهم ومثالهم،بتقيد أنشطتهم،وطرد القائد القسامي صالح العاروري،وبعد اسقاط السوخوي الروسية استنجد بالناتو لحمايته،ولم يتخلى عن اطماعه في الجغرافيا العربية في سوريا والعراق،وليعود الى حضنه الطبيعي امريكا واسرائيل.

وهنا سأستحضر لكم نكتة من الواقع،حدثني شقيقي من يصلي في احد جوامع الحالمين بالخلافة في بلدة مجاورة،وقف افمام في خطبة الجمعة وقال “قامت نسورنا الجوية بإسقاط طائرة صليبية” نسور الخليفة السلجوقي سارق نفط سوريا والعراق ولص حلب،والطامع بالجغرافيا العربية،أصبحت طائراته نسورنا…! إلى أي درك وصلنا..؟؟

 من غيروا اسم مدرسة في رفح من مدرسة الشهيد غسان كنفاني،المبدع،الكاتب،الأديب والمناضل الفلسطيني،ليس بالغريب عليهم أن يشتموا ويطعنوا في وطنية مناضل قضى في السجون عمراً أكثر من عمر انضمامهم للنضال الفلسطيني.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.