لا كرامة لرئيس في بيته / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الإثنين 28/12/2015 م …
فوجئت كما فوجئ الكثيرون غيري من الفلسطينيين والعرب بخبر قيام رئيس وزراء ” الكيان الصهيوني ” بالاعتذار الشخصي ل ” الرئيس ” محمود عباس عن محاولة جيش الاحتلال الصهيوني تفتيش بيت ” الرئيس ” بهدف البحث عن ” مطلوبٍ ” فلسطيني وكأن هذه المحاولة قد جاءت بتصرف فردي من عناصر الجيش الصهيوني– وكأن نتنياهو ورجالاته لا يعرفون بتلك المحاولة ولم يقوموا بالتخطيط لها ، وكأن قيادة قوات الصهاينة لا ترتبط بخط مباشر بوزير دفاع الصهاينة وبرئيس وزرائهم شخصياً – ولا أعرف فيما إذا انطلت هذه الحجة على ” الرئيس ” والمقربين منه أم لا ، وسواء كانت الإجابة بهذا أوذاك ، فمجرد التفكير بالتفتيش في بيت ” الرئيس ” أو في حديقة البيت الرئاسي يعتبر وبكل المقاييس وفي كافة الأعراف تهجماً غير مقبول وبغض النظر عن النظرة التي ينظرها الصهاينة لل ” رئيس عباس ” .
يعتذر الصهاينة عن المحاولة التي تمت فعلاً أمام أنظار حرس الرئاسة وعلى بيت ” الرئيس “ الذي لا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال بيتاً عادياً ليتم تجاهل أصحابه ، فليس هناك إلا رئاسة واحدة ، وليس هناك إلا ” رئيس ” واحد ، وبغض النظر عن محاولات الطعن في شرعية الرئاسه ذات الولاية المنتهية ، أو التشكيك في وجود دولة تستدعي رئاسة لها ، وسواء كان الرئيس المقصود هو رئيس سلطة الحكم الذاتي أو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، فإن تلك المحاولة لتفتيش البيت تحمل في ثناياها معانٍ كبيرة ومفاهيم خطيرة يجب علينا وعلى الرئاسة التوقف عندها واتخاذ القرار الحاسم بشأنها .
ولا أدري لماذا عادت بي الذاكرة إلى نفس الشهر ديسمبر / كانون الأول من عام 2003 يوم باشر المفتشون التابعون للأمم المتحدة بتفتيش القصر الجمهوري في بغداد الذي يمثل مركز السيادة الرئيسي في العراق علاوة على كونها مكان سكن الرئيس الراحل صدام حسين في عملية إنتهاك صارخ لحرية وسيادة العراق تحت ستار وقرار أممي .
وحزنت كثيراً وتألمت حين قرأت وعلمت عن قصور الرئيس معمر القذافي وتحويلها إلى أسواق شعبية وأسواق للحيوانات ومكبات للنفايات .
وبالرغم من عدم انسجامي الفكري مع مواقف وقرارت الرئيس صدام حسين في حينه ، وعلى الرغم من عدم قبولي لكل تصرفات الرئيس معمر القذافي ، وبالرغم من عدم موافقتي على نهج وقرارت ” الرئيس ” عباس ، إلا انني وكعربي أستذكر وبألم شديد الشعور بالذل الذي انتابني خلال عام 2003 ، يوم دخل المفتشون الدوليون القصر الرئاسي في العراق وغرفة نوم الرئيس صدام علهم يعثروا على قنبلة ذرية فيها !!!!، ذل وإذلال ما بعده ذل ولا إذلال ، ذل تبعه احتلال وتدمير العراق ، وإخراج صدام من تلك الحفرة وتصويره كرسالة لمؤيديه لتثبيطهم بإذلال رمزهم ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بإعدامه في أول أيام عيد الأضحى المبارك من عام 1427 هجرية الموافق 30 ديسمبر / كانون الأول 2006 ، ولا أدري لماذا ينتابني الشعور بالذل ثانية وأنا أقرأ خبر رسالة الاعتذار عن محاولة الجيش الصهيوني تفتيش قصر الرئاسة الفلسطينية ، هذه المحاولة التي تحمل في نظري وربما في نظر الكثيرين مؤشراً خطيراً ورسالة واضحة جلية بأن لا حرمة للرئاسة الفلسطينية ، ولا وجود لشريك فلسطيني ، ولا وجود حتى لفلسطين ، كما جاء على لسان حاييم كاتس وزير “الرفاه” في حكومة نيتنياهو قبل أيام والذي دعا إلى إقتلاع الفلسطينيين من وطنهم وتشريدهم في الدول العربية المحيطة حين قال “لا يوجد فلسطين وليذهب الفلسطينيون إلى الاردن والسعودية والكويت ومصر والعراق” ، فماذا يريد الصهاينة من كل ذلك؟ وهل يريدون إعادة الضفة الغربية إلى الإدارة المدنية والحكم العسكري والتنصل مما ترتبه عليهم اتفاقية الذل في اوسلو على الرغم من حصولهم من خلالها على أكثر مما كانوا يحلمون أو يتوقعون ، وهل الصهاينة قد أصبحوا أغبياء فجأة ليتحملوا كلفة الاحتلال الباهظة ، أم انها رسالة للسلطة وقيادتها لتقديم المزيد من التنازل !!!! وعن ماذا سيتنازلون ؟؟!!
وبعد ، فمن حقي ان أتساءل ويتساءل غيري عن ماذا ستؤول إليه الأمور ، وهل ستتكرر محاولة التفتيش ، هل سيكون للرئاسة وللرئيس عباس موقف محدد لوقف الاستهتار والعنجهية الصهيونية ،هل سيتم تصعيد المقاومة وتفعيلها وشحن الإنتفاضة ودعمها ، وهل سيتم توجيه قوى الأمن الفلسطيني للمساهمة في الانتفاضة بدلا من قمع المسيرات الشعبية في مناطق السلطة ، وهل سيتم وقف التنسيق الأمني بين الصهاينة وسلطة أوسلو …. أسئلة لا بد من الإجابة عليها ، ولكن الجواب على كل تلك الأسئلة محصور فقط بقيادة سلطة أوسلو ورئيسها الذي لابد وأن يحافظ على شعبه وكرامة وحقوق شعبة بالحرية والتحرير.
التعليقات مغلقة.