المسار الروسي -الإيراني يدفع واشنطن للإعتراف: «نحن لا نحارب داعش بفعالية»!

 

كتب عباس الزين  ( الثلاثاء ) 29/12/2015 م …

كشفت الدعوات الدولية من مختلف الأطراف المعنية بالأزمة السورية بشكلٍ خاص، وملف محاربة الإرهاب بشكلٍ عام، مدى جدية بعض الدول في ما يخص حل الأزمة والسعي الى القضاء على المجموعات الإرهابية من جهة، ومن جهةٍ اخرى عدم مصداقية بعض الدول، بالرغم من موافقتها على القرارت الصادرة عن الإجتماعات التي حصلت في “فيينا1″، وما تبعه من “فيينا2″، وصولًا الى القرار الصادر بالإجماع مؤخرًا في الأمم المتحدة، لناحية تشكيل قوة دولية هدفها محاربة المجموعات الإرهابية. ففي ظل التوجه الروسي لتحويل الكلام ونتائج المفاوضات التي جرت الى افعال عبر الغارات الجوية المتصاعدة والداعمة لعمليات الجيش السوري وحلفائه على الأرض، لم تتعدًّ الموافقة الأميركية على تفعيل الجهود في ملف محاربة الإرهاب حدود الكلام.

بناءً عليه، فإنّ الكلام الأميركي واذا ما كان جديًا، فلا بُدَّ أن يلاقي الأفعال الروسية، حيث أنّ العمليات التي يقوم بها سلاح الجو الروسي أثبتت فعاليتها في الميدان السوري ضد المجموعات الإرهابية التي تدرجها كل من روسيا والإدارة الأميركية على لائحة الإرهاب، مما يعني أنّ التذرع الأميركي بأنّ الغارات الروسية داعمة للرئيس السوري بشار الأسد ليست منطقية، كون الإتفاق الدولي جاء على أولوية محاربة الإرهاب، ومن ثم الحديث عن أي شأن داخلي سوري. وانطلاقًا من هنا، فإنّ الجدية السورية، الروسية، والإيرانية المشتركة على الصعيد الدولي في ملف محاربة الإرهاب، تقابلها مناورات كلامية من قبل الإدارة الأميركية، وصلت الى حد الإعتراف بالفشل امام التقدم الذي تحرزه روسيا.

وفي هذا السياق، وبحسب رويترز، اعترف مسؤولون في الإدارة الأمريكية بأنّ “العملية العسكرية الروسية في سوريا المستمرة منذ ثلاثة أشهر، لم تعد فعالة وناجحة إلى درجة كبيرة”. واعتبر احد المسؤولين في ادارة الرئيس اوباما خلال لقاءٍ صحفي أنّ “الروس لم يكونوا متهورين عندما بدأوا العملية، وإنهم يحصلون على منفعة معينة مقابل الثمن الذي يدفعونه”، معتبرًا أنّ “موسكو نجحت في تقليل هذا الثمن، وبالدرجة الأولى فيما يخص الخسائر البشرية”. وأضاف المسؤول أنّ “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حقق هدفه المركزي في سوريا والمتمثل في تعزيز مواقع حكومة بشار الأسد، وذلك مقابل ثمن منخفض نسبيًا”. مؤكدًا “أنه بإمكان روسيا أن تواصل عملياتها في سوريا لسنوات دون أن تشكل نفقاتها عبئًا على الميزانية”.

في غضون ذلك، فإنّ الإدارة الأميركية قد انتقلت تدريجيًا خلال المدة الزمنية للأزمة السورية، من دعم تلك المجموعات ماديًا، عسكريًا ولوجستيًا بشكلٍ مباشر او عبر حلفائها في المنطقة، واعتبارها مجموعات مسلحة معارضة لـ “النظام السوري”، ومن ثم الى اعتبارها مجموعات ارهابية يجب محاربتها، بعد فشل الرهان عليها في اسقاط الرئيس الأسد. لكن الإدارة الأميركية لم تترجم اقوالها الى افعال في ما يخص محاربة تلك المجموعات، بالرغم من تشكيلها لتحالفٍ دولي زعمت من خلاله انها تستهدف المواقع التابعة للمجموعات التكفيرية، لكن مع دخول الكلام الروسي حيّز التنفيذ والبدء بالغارات الجوية داخل سوريا، تم الكشف عن ان الحلف الدولي ليس جديًا في مزاعمه، ولا تأثير فعلي له ضد المجموعات الإرهابية.

وفي هذا السياق، أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف، الى أن “رفض واشنطن تقديم معلومات عن مواقع الإرهابيين في سوريا ما لم تغير موسكو موقفها من الرئيس السوري بشار الأسد، يظهر أن البنتاغون يحارب داعش بالكلام فقط”. وأضاف كوناشينكوف ان “إعلان بالدانس عن رفض أي تعاون في إطار محاربة داعش، بات إسطوانة مهترئة يجب تغييرها منذ زمن بعيد”، معتبرًا ان “التصريح المبتذل لميشيل بالدانس أكد مجددًا أن حرب البنتاغون مع داعش ستستمر قدمًا أيضًا بالكلام فقط وليس بالأعمال الحقيقية”.

وفي غضون ذلك، فإنّ المزاعم الأميركية، التي سبقها فشل عسكري باللحاق بالجهود الروسية في ملف مكافحة الإرهاب، قابله قرار روسي ايراني بفضح السياسة الأميركية في المنطقة، بما ان الأمور متجهة نحو تعاون سوري، ايراني، روسي هدفه الذهاب في محاربة الإرهاب حتى النهاية واستعمال كل القدرات الممكنة، مما يجعل الأميركي امام خيارين، إما الذهاب في هذا الإتجاه، او الوقوف في وجهه. وهذا ما انعكس في الإتصال الهاتفي الذي جرى بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، حيث دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأمريكي جون كيري “للتخلي عن الشروط المسبقة في إقامة جبهة موحدة لمكافحة تنظيم “داعش””. واكد بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية الى أنه “جرى بحث آفاق التغلب على الأزمة في سوريا، بما في ذلك محادثات ممثلي الحكومة والمعارضة السورية التي ينظمها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا التي تهدف للتوص إلى تسوية سياسية”.

الى جانب ذلك، اعتبر أمین المجلس الأعلی للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أنّ “امریکا لا تسعی الی القضاء علی “داعش” بل تستغل التیارات الارهابیة کأداة اعلامیة وسیاسیة لإضفاء الشرعیة علی نفوذها الطویل الأمد في الشرق الاوسط والدول الاسلامیة”. مضيفًا ان “قرارات ومواقف الدول لا تقضي علی داعش، بل ارادة الشعوب وعزم الحكومات هي القادرة علی إعادة الأمن والاستقرار مرة اخری الی العراق وسوریا”. واشار شمخاني الی ان “ايران أكدت ومنذ اندلاع النزاعات العسكریة في سوریا علی ضرورة انهاء الحرب وإراقة الدماء، إلّا أنّ توجه بعض الدول الداعم للجماعات الارهابیة والذي لازال مستمرًا مع الأسف، أفضی الی إلحاق خسائر عظیمة مادیة وبشریة بسوریا وتفشي الارهاب”.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.