سورية تنتصر .. الأعداء يندحرون .. لماذا ؟

 

 محمد شريف الجيوسي ( الخميس ) 31/12/2015 م …

لماذا صمدت سورية نحو 5 سنوات ، ودحرت كل من استهدفها ، رغم كل الات الدمار التي استهدفتها ، والمليارات التي هدرت ، والمرتزقة الذين استجلبوا من كل بقاع الأرض ، والإعلام المضلل الذي سُخّر، والفكر التكفيري الجهالي المتطرف الذي أستدعي من الماضي السحيق بذرائع كاذبة مزعومة على أنها  تعاليم دينية ، ورغم استخدام المطالب الإصلاحية  المحقة سلماً لتبرير الإستخذاء والعمالة واستدعاء واستعداء الأجنبي على الوطن .

بالتأكيد ليس صدفة أن تصمد سورية بالرغم من كل ذلك ؟ وليس صدفة أن تتسابق دول كـ فنزويلا وروسيا والصين وإيران وكوريا الديمقراطية وغيرها على الإنتصار لسورية .

وفي الأساس فإن الإنتصار لدولة ما لا يمكن أن يكون دون أن يكون هناك يقين من الداعمين بأن تلك الدولة صامدة وواعدة لما بعد الصمود ، تستحق أن تدعم ، وإلا فما الذي يمكن ان يدعم لو كان هناك انهيار ، أو ما أشبه .

ولو أن الدولة الوطنية السورية ( قبل المؤامرة والحرب عليها ) لم تكن متصالحة مع ذاتها ومع العالم ودول الجوار، لما كان هذا الحماس للإنتصار لها من دول وشعوب بعيدة وقريبة .

ولو انها كانت دولة فاشلة لكان الإنهيار أسرع من ( لمح البصر ) كما حدث في دول أخرى ، لكن بنيان الدولة ومؤسساتها كان قوياً ، وكان اختيار الرجال في مواقعهم موفقاً بنسبة عالية جداً ، الأمر الذي لم يتح انهيارات دراماتيكية ، بل إن بعض من غادر على قلتهم بات يعاني الحسرة والعزلة والمرارة على ما ارتكب من سوء تقدير وعطالة وخيانة .

كانت سورية عشية الحرب الدولية عليها مكتفية ذاتيا ، مستقرة اجتماعيا ، تعيش فيها مختلف فئات الشعب في أمن وامان وحرية اجتماعية مناسبة ، ولديها احتياطي لسنوات في مواد استراتيجية كالحبوب وتصدر الخضار والدواء والقطنيات والزيتون والزيت والحمضيات والنفط والفوسفات  وغير ذلك بنسب متفاوتة

وكان الرئيس العربي السوري د. بشار الأسد قد اجترح رؤية البحار الخمسة .. فكانت له بذلك أسبقية على الصعيد الدولي في إقامة أفضل العلاقات مع دول أخرى عديدة ، وفي تحويل الفكرة إلى مشروع للتعاون والتعايش وتحقيق المصالح المشتركة وتعزيز السلم الدولي ، واكتسبت سورية بذلك مكانة دولية فضلا عن المكانة الإقليمية .

وكانت علاقات سورية بدول الجوار في الأعم تتراوح بين المتميزة والتعايش ، وعندما شاركت دول جوارٍ في المؤامرة عليها ، كان في ذهن تلك الدول تحقيق مكاسب إقليمية ، ووراثتها سياحياً وتحقيق مكاسب مالية من دول إقليمية ودولية ممولة للحرب وللتهجير لإستخدامهم عناصر ضغط ضد وطنهم وتجنيد من يمكن منهم ضده.

لكن الذي تحقق عكس ذلك، في الدول الطامعة بوراثة سورية، فقد تراجعت معدلات النمو الاقتصادي فيها بما في ذلك السياحة، وانعكست الأوضاع الصعبة في سورية على الأمن والاستقرار فيها بدرجات متباينة ، كما انعكست على الاستقرار الأمني والعيش المشترك داخل هذه الدول سلباً ، واتسعت دوائر ارتكاب الجريمة من اتجار بالبشر وتهريب للمخدرات والسلاح واستخدامهما ، ولم تف الدول الممولة بالتزاماتها كما كان مؤملاً ، وسوى ذلك

ولم يدر هؤلاء أن كثيراً مما كانوا عليه من إيجابيات كان جراء العلاقات الطيبة مع سورية والإستقرار الإجتماعي والأمني فيها، وعندما انقلبوا عليها نالهم بعض ما أصابها ، فخذلوا أنفسهمم أيضاُ .

بل إن قوى سياسية في دول الجوار، انحازت بسكل واضح إلى جانب سورية ، فولدت بحدود معينة ، بنى سياسية محلية منحازة  شكل إلى سورية ، ما أضعف بالقياس للسابق الحزب الحاكم في تركيا، مثلا وهو مرشح لمزيد من الضعف وفقدانه لمكانته السياسية .

وأصبحت حالة ( تلجيء ) السوريين الى بلدان الجوار عبئاً متعدد الجوانب ، بعد أن كان مؤملاً أن يكون عنصر استثمار مريح ومربح ، فبات يهدد أمن واستقرار مجتمعات الجوار.

وكان اللافت والمذهل انحياز اللاجئين السوريين في لبنان والأردن لدولتهم بإقبالهم الشديد على التصويت في إنتخابات الرئاسة عام 2014 بغض النظر عمن صوتوا له من المرشحين ألـ 3 . 

لقد بنت الدولة الوطنية السورية ؛ جيداً ، قبل بدء المؤامرة عليها ، على صعد الإقتصاد والأمن والاستقرار الإجتماعي والديبلوماسية والعلاقات الدولية ، وبالتالي لم يكن سهلاً اختراقها ، بل وعزز ثقة الأصدقاء بها وبالمراهنة عليها .

وكشفت ممارسات الجماعات والعصابات والمعارضات، كم هي معزولة شعبياً، بعد أن بدا بعض وقت أنها تحظى ببطانات حاضنة لها، بل وتولدت لدى بطانات حاضنة سابقاً، مشاعر الكراهية والاحتقار والحقد تجاه العصابات الإرهابية، وتجاه تفاهة معارضة ألـ 5 نجوم في الخارج وتبعيتها الوثيقة لعواصم الغرب الإستعمارية القديم منها والجديدة،وهزال معظم الجماعات المعارضة في الداخل ومراهنتها على المجهول فهي مطلوبة من الإرهابيين كالدولة ، وليست على وفاق مع الخارج ، ولا مع معارضة وطنية داخلية في طريق التشكل تتظر إليها على أنها من إفرازات الدولة .

لقد استطاعت الدولة من امتصاص كل الضربات الموجعة الموجهة لها، وتسديد رواتب موظفيها وإصلاح ما تخربه يد الإرهاب تكراراً  واستمرار الحياة الاجتماعية في المناطق التي لا تخضع لسيطرة العصابات الإرهابية ، وفق ما كانت عليه قبل الحرب وغير ذلك ، فيما كانت العصابات الإرهابية  تفرض على الناس أقسى درجات التخلف والتشدد وإعطاء أسوا نماذج السلوك الشاذ حد الحث عن ارتكاب الزنا بدعوى جهاد النكاح او نكاح الجهاد ، والقتل والسبي والاغتصاب وبيع البشر على الهوية ، ومصادرة الحريات الاجتماعية والتعبدية .

وبهذا المعنى باتت غاية طموح غالبية السوريين، حتى من كانت لهم مطالب محقة ؛  العودة إلى ما كانت عليه سورية قبل الازمة ، وأصبح العديد منهم عيون الدولة وأيديها طوعاً ، فتشكلت العديد من القوى الشعبية المساندة للدولة إلى جانب الجيش العربي السوري والقوى الأمنية .

وإذا كان بعض السوريين الذين هُجروا من المناطق التي وقعت تحت سيطرة العصابات الإرهابية قد اضطروا للنزوح الى بلدان الجوار أو الغرب، فإن غالبية السوريين في بلدان الإغتراب قبل الحرب الدولية عليها قد انحازوا إلى وطنهم سورية، بكل أشكال الإنحياز المتاحة بل واجترحوا أساليب ادعم لوطنهم ودولتهم .

باختصار كان سلوك الدولة الوطنية السورية قبل وبعد الحرب سببا رئيسا في صمودها ، بقدر ما كان ذلك في آن سبباً في شن الحرب عليها، كقوة إقليمية طموحة،(تلعب) خارج قوس الهيمنة الأمريكية  الأوروبية الغربية الصهيونية ، ونقيضاً لها

لكن البناء الداخلي المتين واحتضانها للمقاومة اللبنانية وما تبقى من المقاومة الفلسطينية ، وامتدادها القومي النسبي ، همّش امكانية كسر إرادتها ، بل وعززها ، وجرى التراجع عن خطوات بدأت أو كانت ستتم لاحقاً على الصعيدين الاقتصادي الإجتماعي والسياسي المحلي والقومي ، لتنحاز سورية مجدداً إلى المقدمات التي اكتسبت من خلالها سورية قوتها الإقليمية على الصعد كافة .

لقد أيقنت القيادة السورية وعلى رأسها الرئيس العربي السوري دكتور بشار الأسد ، أن الغرب ليس في وارد تحقيق إصلاحات من أي نوع ، بل إنه يستثمر ما يسميه اصلاحات لغاية إضعاف الدولة اي دولة وإسقاط نسقها السياسي المقاوم والاقتصادي الاجتماعي المرتبط بمصالح أوسع الجماهير، لكن القيادة والقائد الدكتور بشار الأسد حرصا على تحقيق انجازات إصلاحية مهمة ، باعتبارها حاجة وطنية سورية وتجديدا للدولة وتكريساً لإيجابيات عمرها عقود .

لقد كرس تمسك الدولة الوطنية السورية بنهجها الاقتصادي والاجتماعي الأصيل ، انحياز جماهيرها التي تضررت في سنوات ما قبل الحرب إليها مجدداً ، وعزز المزايا النسبية للدولة ، وحصن البطانات الحاضنة لها من أي انحراف ، وحقق ارادة الدولة بالصمود مهما كان حجم التضحيات ، ومكن من استثمار خطايا وجهالات وجرائم ومؤامرات كل من هو ضدها دولا وعصابات وجماعات، وأقنع الأصدقاء دولا ومقاومات بجدوى دعمها ليس لأجل سورية فحسب بل ودفاعاً أيضاً عن أمنها ومصالحها ومستقبل الإستقرار في بلدانها .

[email protected]

 عن ورقية ” البناء ” اللبنانية

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.