هل هي ( سلفية ) مسيحبة ؟ … كنيسة مصرية تمنع “الرقص” في الأفراح
الأردن العربي ( الجمعة ) 1/1/2016 م …
سادت موجة من الغضب داخل الأوساط القبطية المصرية، بعد قرار إحدى الكنائس بمحافظة المنيا (إحدى محافظات صعيد مصر) الثلاثاء 29 ديسمبر/ كانون الأول 2015، بالتهديد بمنع إتمام إجراءات الزواج إذا شهدت مظاهر الفرح المصاحبة لليلة الحنة (الليلة التي تسبق يوم إتمام الزواج)، “مخالفات أخلاقية”، كالرقص على أنغام الـ”دي جي”، أو تناول الخمور والمخدرات.
وعبر عدد من النشطاء الأقباط، عن تخوفهم من هذا التطور الذي وصفوه بالخطير، في “طريقة تفكير من يقود الكنيسة المصرية”، والتفكير في “فرض السيطرة بالقوة على تصرفات الشعب القبطي خارج أسوار الكنيسة”، كون الأفراح التي تكون في ليلة الحنة بالقاعات أو المنازل خاصة.
بداية الأزمة
وترجع وقائع بداية الأزمة إلى البيان الذي أصدره المجلس “الإكلريكي” (وهو المجلس الكنسي المعني بشئون الأسرة والفصل في النزاعات الأسرية وبحثها كنسياً) لمطرانية ملوي للأقباط الأرثوذكس، الثلاثاء 29 ديسمبر/ كانون الأول، والذي حذر فيه المقبلين على الزواج من إقامة “ليلة الحناء” بسبب ما تشهده هذه الليالي من رقص وتجاوزات، مهدداً بإيقاف مراسم الزواج لمن تثبت مخالفته من أقباط ملوي.
وأصدر المجلس “الإكليريكي” بملوي لمطرانية ملوي للأقباط الأرثوذكس، بياناً تحذيرياً من إقامة ما يعرف شعبياً ب”ليلة الحنة”، وبشكلها الحالي، مهدداً من يخالف من الأقباط بعقوبات قد يصل أقصاها لإيقاف إتمام مراسم الزواج كنسياً.
وقال البيان الصادر منذ يومين إن ليالي الحنة بمظاهرها الشعبية الحالية تحولت من دعوة الأقارب والأصدقاء للإعداد للفرح، وأصبحت شكلاً مستقلاً بذاته، لما يشوبها من رقص وعدم انضباط، وقد تنحدر الأمور لتقديم مشروبات كحولية للمدعوين، “وهو ما يخالف روح وتعاليم الكنيسة”.
وقال البيان إن بناء بيت وأسرة جديدة “يكون بالصلاة، وليس بالخروج عن تعاليم المسيحية، كما أن تجاوزات تحدث فى ليلة الحنة لا ترضي الله ولا تليق بأبناء الكنيسة، ولا تناسب بيتاً جديداً يبدأ بالصلاة”.
وأكدت مصادر كنسية بالمنيا، رفضت ذكر اسمها، في تصريح خاص لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن البيان الصادر جاء بعد شكوى جاءت عن حفل خاص، وتم تقديم فيديوهات لمشاهد الرقص واستخدام الـ”دي جي”، وتناول الخمور.
وذكرت ذات المصادر، أن هناك تعليمات صدرت لأبناء “الإكلريكي” بعدم الحديث لوسائل الإعلام، أو التعليق على هذا البيان، خصوصاً بعد سيل الاستفسارات والمكالمات التي وردت إلى أعضاء المجلس.
السيطرة على شعب الكنيسة
من جانبه، قال المفكر القبطى كمال زاخر رئيس التيار المسيحي العلماني، إن البيان الصادر بتلك الأزمة يتطلب موقفاً مؤسسياً سريعاً وحازماً مع هذا الأمر، وذلك نظراً لخطورته، ويجب أن يتم تشكيل لجنة تدرس البيان من الجانب اللغوي والديني.
وذكر زاخر في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن البيان يجب أن تتم قراءته من الزاوية الجغرافية أيضاً، فـ”البيان الصادر من محافظة المنيا يكشف عن محاولة فرض السيطرة على شعب الكنيسة، نظراً لحالة الانغلاق بالمجتمع هناك، ويكشف عن تلك المحاولة استحالة أن تصدر مثل تلك البيانات في المجتمعات المفتوحة مثل القاهرة والإسكندرية”، على حد تعبيره.
وأكد المفكر القبطي، أن هذا البيان يكشف عن “حالة السيولة التي تعيشها المؤسسة الكنسية بمصر، وعدم إدراك لدورها الحقيقي، وتصدرها لأدوار ليست المنوطة، مثل الملفات السياسية، كما ابتعدت الكنيسة عن دورها التوجيهي والتوعوي”.
وطالب زاخر من القيادات الكنسية “أن تتبع الآية القرآنية في الإسلام التي تم توجيها إلى رسول يدعو الناس للإيمان وليس الكهنة، ونصها “ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن”، “وإذا أدرك من أصدر هذا البيان تلك الآية لأدرك أن دوره هو توصيل تلك المعاني التي رغب في إيصالها عن طريق منهج التعليم والتوعية والوعظ”، على حد قوله.
كنيسة بعقلية سلفية
وقالت مارسيل نظمي، صحفية وناشطة قبطية، إن هذا المشهد “مؤشر خطير عن كيفية تفكير العقليات التي تدير الكنائس بمصر، وأن الفكر المسيطر على تلك العقول هو “التفكير السلفي الرجعي”، ولغة التهديد والوعيد بالبيان في أمر مثل الأفراح يجعلنا نشعر بالرعب من تطورات خطيرة في هذا الأمر والرجوع إلى العصور الظلامية للكنيسة.
وذكرت مارسيل في حديثها لـ”هافينغتون بوست عربي” أن الكنيسة من حقها “الترشيد للطريقة الأفضل والأليق للقبطي المؤمن، وهذا دورها التوعوى الطبيعي، لكن الأزمة هو أنها تربط ما بين اتمام مراسم الزواج وبين التصرفات الشخصية لإنسان حتى ولو كانت خاطئة، لأن هذا ليس دورها ولا حقها”.
وسخرت مارسيل من مستقبل تطور تلك الطريقة في التفكير، قائلة “يبدوا أن فكرة كون الجواز اختيار شخصي سوف تكون من الماضي، ولكن ستكون بإرادة الكنيسة في المستقبل، وواضح أن الطريقة السلفية دى هتكمل معانا شوية”.
البغدادي يحمل الصليب
فيما عبر الناشط القبطي كمال غبراييل، عن غضبه من هذا القرار، وقال في تعليقه على البيان على فيسبوك إنه ذات المنهج الذي يستهدف إنسانية الإنسان وحريته، ولكن مازال يقيدهم الضعف وقلة الحيلة لفرض تلك الأمور بالقوة”.
وذكر غبراييل، أن “الفارق الوحيد بين هؤلاء الذين يرغبوا في السيطرة على تصرفات الأشخاص بالتهديد والوعيد، ومن يمارس الإرهاب هو هذا الضعف و قلة الحيلة، ولولا ذلك لرأينا من هؤلاء ذات ما نرى من “أبو بكر البغدادي” وأصحابه من تنظيم داعش”
التعليقات مغلقة.