عبد الله النسور أو ” الدغري ” / علي سعادة

 

علي سعادة ( الأحد ) 3/1/2016 م …

هلال نيوز- لا يعرف من هو أول من أطلق اسم الدغري عليه؟ ويقال أن أبناء السلط هم من أجرى المقاربة الشهيرة بين رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور وشخصية دريد لحام في مسلسل “الدغري”.

النسور لا يبدو متشنجا أو مستفزا عندما يقرأ سيلا جارفا من التعليقات والرسومات التهكمية التي تنشر عنه في المواقع الإلكترونية وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى العكس فهي تثير ضحكه، يقول في تصريح صحافي:” في آخر الليل أجلس مع أسرتي لنضحك على ما يكتب عني”.

ويستشهد بقوله ” في حكومتي حتى الآن لم نعاتب صحفيا واحدا على ما يكتبه ، ولم نحبس صحفيا واحدا على الإطلاق”.

محظوظ مع الأرقام، ومحظوظ أيضا بمجلس نيابي طوع يديه بعد أن منحه الثقة أربع مرات ليدخل بذلك موسوعة غينيس للأرقام القياسية، حكايته مع الأرقام بدأت مع حصوله على علامة 100% بالرياضيات في الثانوية العامة، ولم تتوقف عند رقم 70 % وهو مجموع الأردنيين الذين سيستفيدون من الدعم وما إلى ذلك من أرقام يسوقها بين الفنية والأخرى .

عبدالله النسور، المولود في مدينة السلط عام 1939، لم يترك حكومة أثناء وجوده في المجلس النيابي إلا وانتقدها وحجب عنها الثقة وهاجم برامجها دون هوادة، بينما هو الآن يسير بثقة مريحة والمضي نحو مزيد من قرارات بدت “غير شعبية” و”سيئة السمعة” وكانت ذات يوم مصدر قلق وغضب حتى بالنسبة له شخصيا.

يرى النسور أن جميع القرارات التي اتخذتها الحكومة، مثل تحرير أسعار المشتقات النفطية و صرف بدل دعم نقدي للمواطنين المستحقين” ستسجل له “، يقول في حوار مع صحيفة “الوطن” القطرية: “قدمت خدمة لبلدي ومتأكد أنها ستسجل لي”، متابعاً ” أتيت بسياسات اقتصادية في الاتجاه الآخر (..) وبفضل الله نجحت فيها”.

وينفي عن نفسه تهمة التسبب بمعاناة للأردنيين ” لم أدفع الأردنيين نحو المعاناة المعيشية لكنني جنبتهم انهيار اقتصادهم”.وشدد على أن ” ما فعلته في منظومة الاقتصاد سيكون في ميزان إيجابياتي وليس سلبياتي”.

حين شكل حكومته كان التوقع أن يأتي بطاقم وزاري لا خلاف حوله لكنه احتفاظ بوزراء كانوا

 سابقا في حكومة الدكتور فايز الطراونة التي هاجمها وحجب عنها الثقة، فما الذي حدث بين ليلة وضحاها حتى انتقل هؤلاء الوزراء من خانة عدم الثقة والشك إلى الانضمام للفريق الذي أصبح آمينا على إجراء انتخابات برلمانية وانتخابات بلدية والمضي في قرارات رفع الدعم ورفع الأسعار.

يرفض التملق، ويقول المقربون والعارفون بالرجل بأنه نظيف اليد ، درب نفسه جيدا على كتمان الأسرار، وعدم الخوض في لزوم ما لا يلزم من كلام ، وبات حاليا أكثر هدوء قياسا بسنوات عاصفة مرت به قبل نحو 23 عاما حين خاض أول تجربة نيابية له، كانت تجربة مستفزة ، كان آنذاك أقرب إلى طائر جريح بسبب كمية الهجوم الذي تعرض له أبان حملته الانتخابية لمجلس 1989، يقول عن تلك المرحلة:” كنت مستهدفا، وتعرضت للأذى من خارج منطقتي الانتخابية بوسائل مسموعة ومكتوبة من جهات معينة منها ما هو صحيح ومنها ما هو مفبرك، ووزعت الأنف الأشرطة على منطقتي الانتخابية “.

بعد مرور العاصفة أصبح أكثر استقرارا وواقعية وبات يميل إلى التكتم والغموض.

لم يشكك يوما في نوايا المعارضة، ولم يأخذ موقفا حادا أو رافضا للأحزاب ومن برامجها، وربما يعود ذلك إلى أنه وعي وعايش مرحلة الاضطرابات السياسية والعسكرية في المنطقة خصوصا فترة الستينيات حيث انتسب وله من العمر 18 سنة لحركة القوميين العرب بتأثير من المرحوم الشريف عبدالحميد شرف .

يعرف جيدا أن للانتماء الحزبي ثمن، وهو على قناعة بأنه لا ينبغي للحكومات أن تطارد الناس في رزقهم أو تحجر على حريتهم إذا خالفوها القناعات الفكرية، ففي فترة مبكرة من انتمائه الحزبي وعمله بالتدريس دفع الثمن إذ نقل من معهد المعلمين بعمان إلى قلقيلية كعقوبة، وعندما تقدم للعمل في وزارة الخارجية وكان الأول بين مجموعته حرم من هذه الفرصة وعاد للعمل في مجال التعليم، وتكرر الأمر معه عندما حاول الانضمام إلى وزارة الداخلية، وما لبث أن قطع صلته بالحزب عام 1964 بعد أن انحرف الحزب أكثر نحو الاشتراكية العلمية.

وذهب تفكيره لمنحى أخر حيث بات مقتنعا أنه لا وحدة سياسية بين الدول العربية من دون وحدة اقتصادية ومصالح حقيقة لجميع الأطراف، وهنا لا يقترح أبو زهير نموذجا معينا “ليس مهما النموذج هل هو الأميركي أو الأوروبي”، وحين يستعرض النسور النماذج يجد أن العلاقة الاقتصادية بين الأردن وأية دولة عربية أخرى ليست أفضل من العلاقة مع كوريا مثلا.

الكل يركز الآن على “أبو زهير” ما قبل وما بعد الرئاسة ، وبدت أقوال الرجل بعد تشكيل حكومته متناقضة مع أقواله في مجلس النواب، وثمة قوى سياسية وأحزاب وإعلامية تحتفظ بقائمة بمواقفه السابقة رغم أن الجميع يعرف أن رئيس الوزراء في الأردن لا يصنع برنامجا وإنما ينفذ برنامجا معدا مسبقا.

غالبا ما يحاسب رجل السياسة على أفعاله التي ربما لا تتطابق مع أقواله، وغالبا ما تعرف السياسية بأنها “فن الممكن” فما هو الممكن وما هو المستحيل بين النسور النائب والنسور الرئيس؟

وقف النسور(النائب) في وجه قانون الانتخاب الحالي؛ لأنه “لا يلبي الطموحات، ولا يعمل على فرز مجلس نواب قوي، قادر على قيادة المرحلة والعبور بالوطن إلى بر الأمان”.ولما وافق النواب على القانون كما جاء من الحكومة، صوت النسور ضد قانون الانتخاب داعيا إلى العودة لقانون الانتخاب الذي أجريت انتخابات 1989 على أساسه.لكنه عندما أصبح في موقع القرار دافع عن الانتخابات بوصفها تشكل مرحلة فاصلة.

كما اخذ النسور مواقف مناوئة للحكومات خلال وجوده في البرلمان، واتسم نقده لها في أحيان كثيرة بالحدة الواضحة، ولم يمنح الثقة لأية منها.

محاضر جلسات مجلس الأمة، تشهد للنسور بحجبه الثقة عن الحكومات الأربعة، التي شكلت في ظل مجلس النواب السادس عشر، سمير الرفاعي، ومعروف البخيت، وعون الخصاونة، وفايز الطراونة.

بدأ حجب الثقة من حكومة سمير الرفاعي الثانية، بعدما أجرت انتخابات 2010، وانتقد تشكيلة الحكومة وفريقها الوزاري، وإصدارها جملة قوانين مؤقتة تجاوزت 48 قانونا.

وختم نقاشه بالتساؤل عن “مدى نجاعة أسلوب اختيار الوزراء، وما قدموا للأردن ليمنحوا نظير خدمة مئة يوم اللقب، والتقاعد، والمكانة في المجتمع المخملي”.

وبعد أقل من شهرين جدد النسور حجب الثقة عن حكومة معروف البخيت الثانية، بعدما رحلت حكومة الرفاعي بعد أقل من 40 يوما.

ولم يخف النسور غضبه من حكومة البخيت وتدخل الأجهزة الأمنية فيها على حد وصفه، ما دعاه للقول في جلسات البرلمان إن “الأجهزة الأمنية تقود البخيت ولا يقودها، بالرغم من انه هو المسؤول المباشر عنهم”، مطالبا البخيت بالاستقالة.

أُعجب النسور برئيس الوزراء عون الخصاونة في بداية تكليفه، إلا إن تصريحات الرجل حول “الخطأ الدستوري بإخراج حماس من البلد”، والتقارب من الحركة الإسلامية، وغضبه من هيئة مكافحة الفساد أغضبت النسور، وقرر حجب الثقة.

ووجه انتقادات شديدة للخصاونة على تشكيلة الحكومة لأنه “اغرق في المحاصصة الجغرافية والعشائرية، مع أن تلبية حاجات الحواضر والبوادي لا تكون بهذه الطريقة، بل بالنهج الاقتصادي والاجتماعي المدروس والمخطط”.

وصف سابقه رئيس الوزراء المستقيل فايز الطراونة بـ”عرّاب المحافظين وشيخهم”، منتقدا غرامه “بقانون الصوت الواحد”.

ليعود ويشكل حكومته بنفس النهج السابق المحاصصة وبنفس برنامج العمل السابق.

لا أحد ينكر قيمة “أبو زهير” الأكاديمية فهو حاصل على بكالوريوس في الرياضيات من الجامعة الأمريكية بيروت عام 1960، وماجستير إدارة المؤسسات العلمية جامعة دترويت بالولايات المتحدة عام 1965 ، والدكتوراه في تخطيط القوى البشرية من جامعة السوربون بفرنسا عام 1978.

ولا أحد ينكر خبرته في الموقع الرسمي (وزير التخطيط ، وزير التربية و التعليم، وزير الخارجية ، وزير الصناعة و التجارة ، وزير التعليم العالي، نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات وزير التنمية الإدارية، نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات وزير الأعلام) ، أو في السلطة التشريعية عضو مجلس النواب ( 1989، 1993 ، 2010) ومجلس الأعيان( 1997) .

لكن الوعود والتصريحات أحيانا لم تتطابق مع التنفيذ ، خذوا تصريحاته بخصوص التعيينات في المناصب القيادية، وراجعوا الأسس التي قامت بوضعها الحكومة لتعبئة هذه المناصب ، كم واحد خضع لنظام المقابلة وتقديم المؤهلات والخبرات الكافية؟!

لم يكن النسور(الوزير، النائب) يقرأ شفاه الحكومات في السابق ليقول ما تريد أن يقوله، ولم يكن يحسن قراءة ما يفكر به رئيسها حتى يسبق غيره إلى ساحة المجاملات والنفاق، فهل يتقن كثيرون قراءة شفاه أبو زهير الآن ليقولوا للرجل كلاما معسولا ليحظوا بمكان ما على سفينته المبحرة نحو الاستقرار في الدوار الرابع؟

من يستطيع أن يقرأ شفاه أبا زهير ليقول لنا ماذا في جعبة النسور من قرارات أخرى قد تدفعنا إلى شد الأحزمة حد الاختناق؟!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.