رعاة ” الدواعش ” يتحالفون مجدداً : تركيا وإسرائيل ! / د . رفعت سيد أحمد

 

د . رفعت سيد أحمد ( مصر ) الإثنين 4/1/2016 م …

بعد انقطاع (شكلى) فى العلاقات بين تركيا وإسرائيل، عادت المياه إلى مجاريها؛ حيث توصل البلدان إلى اتفاق سرى (فى سويسرا) يتم بمقتضاه دفع تعويضات إسرائيلية لضحايا السفينة (مرمرة)، مقابل عودة السفراء وبداء مباحثات لإعادة تصدير الغاز الإسرائيلى لتركيا مع الاتفاق مجدداً على طرد بعض قيادات حماس الموجودة فى أنقرة ومنهم القيادى الحمساوى (صالح العارورى) الذى تربطه صلات وثيقة بكتائب عزالدين القسام الجناح المسلح لحماس، قبل أن يتم تحريره من الأسر الصهيونى .

* البعض ممن لا يقرأون التاريخ جيداً، يتصور أن هذه العلاقات بين الدولتين خاصة فى عهد أردوغان، كانت (طارئة) أو (متوترة)، ولكن الواقع والتاريخ يقول أن تلك العلاقات كانت قديمة ولم يكن التوتر سوى على سطح الأحداث وأنهما (أنقرة وتل أبيب) يشتركان سوياً فى وظيفة واحدة تجاه المنطقة العربية وهى تفكيك المنطقة، ورعاية وتمويل دواعشها (أى تنظيمات التطرف والغلو الدينى)، والتخديم على المشروع الأطلسى – الأمريكى فى المنطقة والذى يأتى ضرب المقاومة العربية وحماية أمن إسرائيل وسرقة النفط العربى على قمة أولوياته ودعونا نفصل قليلاً :

***

أولاً : العلاقات الإسرائيلية – التركية أقدم وأعقد من أن يدعى أردوغان (كذباً) أنه قد قطعها، فهذه العلاقات تمتد إلى العام 1949 حين كانت تركيا هى أول دولة فى العالم تعترف بإسرائيل وكان ذلك فى 28 مارس 1949. والتاريخ يقول لنا أنها كانت تاريخياً فى صف الأعداء فلقد انضمت إلى حلف بغداد المعادى لمصر عبد الناصر عام 1955 وأيدت العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 والتدخل الأمريكي في لبنان ونشر قوتها على الحدود العراقية للتدخل في إسقاط ثورة 14 يوليو 1958 إضافة إلى تلويحها المستمر بقطع المياه عنه؛ أو تخفيض حصة سوريا والعراق من المياه وإنشاء السدود والخزانات لإلحاق الضرر بالزراعة في العراق وسوريا. وانتهاكها المستمر لحرمة الأراضي العراقية منذ عام 1991 ولحد الآن بحجة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني التركي (P.K.K) مستغلة الأوضاع القلقة في شمالي العراق ، وتتعاون بقوة مع أمريكا والكيان الصهيوني في مجال التصنيع العسكري للصواريخ وشبكات الليزر التكتيكية المضادة للصواريخ والتي تحمل اسم (نويتلوس) وهي شبكة تم نشرها في أواخر عام 1997؛ وثمة اتفاقات عديدة بين تركيا والكيان الصهيوني على إنتاج صاروخ (بوياي) (جو – أرض) والذى تنتجه تركيا لصالح الكيان الصهيوني ، وتآمرها الواضح على وحدة الأراضى السورية تحت مسمى وهمى اسمه دعم الثورة السورية ، فضلاً عن محاولاتها المستمرة لإحتواء حركة حماس وتحويلها إلى حركة إخوانية سياسية تستخدم لضرب مصر بعد 30 يونيو، وسوريا بعد انتصاراتها على دواعش الداخل وبعد التدخل الروسى الحاسم هناك، ولعل زيارة خالد مشعل ولقاءه أردوغان الأسبوع الماضى يؤشر إلى ذلك وله دلالات خطيرة !! خاصة أن مشعل محسوب على التنظيم الدولى للإخوان أكثر من كونه محسوباً على حركات المقاومة الفلسطينية فى الداخل !! .

***

ثانياً : بعودة للتاريخ حتى يفهم من لا يريد أن يعرف حقيقة النظام التركى، وعلاقات دولته الممتدة بإسرائيل، فإن التاريخ يحدثنا أنه في 1958، وقع داڤيد بن جوريون وعدنان مندريس اتفاقية تعاون ضد التطرف ونفوذ الاتحاد السوڤيتي في الشرق الأوسط. وفي 1986 عينت الحكومة التركية سفيراً كقائم بالأعمال في تل أبيب. وفي 1991، تبادلت الحكومتان السفراء وفي فبراير وأغسطس 1996، وقعت حكومتا تركيا وإسرائيل اتفاقيات تعاون عسكري. وقد وقع رئيس الأركان التركي چڤيق بير على تشكيل مجموعة أبحاث استراتيجية مشتركة، ومناورات مشتركة، منها (تدريب عروس البحر) ، وهي تدريبات بحرية بدأت في يناير 1998، ثم تدريبات مع القوات الجوية، كما يوجد عدة آلاف من المستشارين العسكريين الإسرائيليين في القوات المسلحة التركية. وتشتري تركيا من إسرائيل العديد من الأسلحة وكذلك تقوم إسرائيل بتحديث دبابات وطائرات تركية.

* منذ 1 يناير 2000، أصبحت اتفاقية التجارة الحرة الإسرائيلية التركية سارية.

* ومن قبل فقد شهد العام 1994 أول زيارة لرئيسة الوزراء التركية تانسو تشلر إلى إسرائيل لأول مرة وبعدها، ظهرت الاتفاقيات العسكرية السرية إلى النور فى 1996 بتوقيع الاتفاقية الأمنية العسكرية التي اعتبرت مخالفًه للقانون التركى ، لأنها وقعت دون موافقة لجنة الشئون الخارجية للبرلمان التركي ، ومع ذلك استمرت حتى يومنا هذا (2015) رغم الانقطاع الشكلى فى العلاقات الدبلوماسية.

وتضمنت الإتفاقية إقامة مناورات مشتركة برية- بحرية- جوية وتبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين وتبادل الاستخبارات الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري إضافة إلي تعاون وثيق في صيانة وإحلال وتجديد سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي التركي بقيمة تتجاوز مليارى دولار.

3 – وحتى 2015 لاتزال عقود التسلح تمثل صلب التعاون العسكري بين أنقرة وإسرائيل بل تضاعفت عما كانت عام 2006 وتحولت إلي شراكة إستراتيجية منحت شركات الأسلحة الإسرائيلية عقودا معلنة وسرية لتطوير الدبابات M60 وتحديث المقاتلات إف-16 وإف-5 وبيع طائرات بدون طيار.

4 – ومن إجمالي الحركة التجارية بين البلدين كانت عقود الأسلحة تمثل بين 65٪و 72٪ وبينما وصل التعاون العسكري في العام الحالي (2015) بين تركيا وإسرائيل إلي 2.5 مليار دولار فان الإتفاقيات الموقعة والتى لم تلغ حتى الأن ترفع الرقم إلى 4.5 مليار دولار وهو حجم الصفقات والتعاون بين البلدين فى 2015.

5 – التعاون الاستراتيجي فى العلاقات الاقتصادية تفيد معطيات وزارة التجارة والصناعة الإسرائيلية بأن تركيا تحتل المرتبة السادسة في قائمة الصادرات الإسرائيلية لدول العالم. الناطق بلسان الوزارة يشير إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل شهد تطورا هائلا ونبه إلى أنه ارتفع من 300 مليون دولار في 1997 إلى 3.1 مليارات دولار عام 2010 وفيه بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية لأنقرة مليارا وربع المليار دولار. واليوم (2015) يقترب الرقم من الـ5 مليارات دولار.

6 – وبالعودة إلى الاتفاقية الأمنية العسكرية سنة 1996 بين تركيا وإسرائيل نجد أن من أبرز بنودها والتى تنفذ اليوم (2015) فى ظل حكومة أردوجان صديق الإخوان المسلمين وراعى الإرهاب فى سوريا ومموله فى ليبيا :

أ- خطة لتجديد 45 طائرة f – 4 بقيمة 600 مليون دولار، تجهيز وتحديث 56 طائرة f – 5، صناعة 600 دبابة m – 60 , خطة لإنتاج 800 دبابة إسرائيلية ‘ميركاوه’, وخطة مشتركة لإنتاج طائرات استطلاع بدون طيار، وخطة مشتركة لإنتاج صواريخ أرض جو ‘بوبي’ بقيمة نصف مليار دولار بمدى 150 كم.

ب – تبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين.

ج – إقامة مناورات مشتركة برية- بحرية- جوية.

د – تبادل الاستخبارات (المعلومات) الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري وطبعاً التجسس على الفلسطينيين واللبنانيين المقاتلين.

هـ – إقامة حوار استراتيجي بين الدولتين.

و – التعاون الاقتصادي (تجاري صناعي, والعسكري).

* خلاصة القول هنا أن والعلاقات التركية – الإسرائيلية يتحكم فيها عناوين ثلاثة: مشروع أنابيب السلام، واتفاق التعاون الاستراتيحي، واتفاق التجارة الحرة. هذا ويتلخّص مشروع «أنابيب السلام» في إقامة محطة بمنطقة شلالات مناوجات التركية لتزويد إسرائيل بكمية 50 مليون طن سنوياً من المياه لمدة 20 عاماً.

***

ثالثاً : تقوم كل من إسرائيل وتركيا بدعم وتدريب وتهريب نفط للجماعات المسلحة التى تقاتل فى سوريا والعراق، وتستخدم فى ذلك القواعد العسكرية الأمريكية التى تحتل تركيا (تلك الدولة التى يزعم أردوجان صباح مساء أنها دولة حرة مستقلة ويردد خلفه أنصاره من تيارات الإسلام السياسى المتأمرك نفس المقولات كالببغاوات دون تفحص وتأمل) . إن أبرز هذه القواعد العسكرية التى تتواجد فى تركيا – أردوجان وتمول الإرهابيين وتدربهم بإشراف الموساد الإسرائيلى :

( قاعدة أنجرليك – قاعدة سينوب – قاعدة بيرنكيك – قاعدة كارنما يردن – قاعدة أزمير الجوية – قاعدة بليارى – قاعدة أنقرة الجوية – قاعدة سيلفلى – قاعدة الأسكندرونة – ويومورتاليك) .

هذه القواعد وغيرها (23 قاعدة عسكرية أمريكية وغربية) تمثل الأداة الأكبر فى التفكيك والتآمر على الدول العربية وفى رعاية الحركات الإرهابية، والطريف فى الأمر أن تعلن تركيا انضمامها للحلف الإسلامى الذى دعت إليه السعودية لمقاومة الإرهاب، دون أن تستحى، فكيف (لرعاة الإرهاب) أن يقاوموه ؟! إن مجرد وجود تركيا وقطر داخل هذا الحلف، كفيل بتفجيره من داخله، لأنهما أصلاً من صناع ورعاة ومدربى الإرهاب فى منطقتنا !! .

* على أى حال .. إن التطبيع الجديد للعلاقات التركية – الإسرائيلية، جاء فى المحصلة الأخيرة ليكشف للمخدوعين من نشطائنا وقوانا الإسلامية، أن العدو الإرهابى واحد، وأنه – فى هذه اللحظة التاريخية تحديداً – ذو وجهين وجه تقف عليه صورة تل أبيب والآخر صورة أنقرة – أردوجان، فلا تنخدعوا بعد ذلك برطانة أردوجان وهجومه على إسرائيل توأم دولته فى العدوان علينا .. رجاءً !!.

E – mail : yafafr @ hotmail . com

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.