تمثال الزرقاء / عصام قضماني

 

عصام قضماني ( الأردن ) الأربعاء 6/1/2016 م …

صرفت بلدية الزرقاء النظر عن وضع تمثالي ‹الحصان والفارس› في ميدان الجيش في سياق مشروع لتجميل مدخل المدينة تحت ضغط جدل فقهي إعتبرها أصناما مثل تلك التي كانت تعبد في زمن الجاهلية وحرمها الإسلام حينذاك.

عبدت العرب الأصنام قبل الإسلام وحطموها بعده, والفلسفة في روح فعل الهدم هو تكريس وحدانية الخالق الذي لا وسيط ولا شريك له في الألوهية ولم تشهد العرب منذاك عودة الى مثل هذه الوسيلة وهي الأصنام، فهدم الأصنام لم يكن لذاتها بل لفكرة وجودها وهو الشرك بالله.

منذ هدمت أصنام مكة لم يعد الجدل حول التفاصيل باعتبارها أصناما تعبد من دون الخالق قائما وفقدت رمزية وجودها كآلهة تعبد مبرراتها حتى أن الناس مع تعاظم مكانة الإسلام وإنتقاله الى مرحلة التلاقح مع الثقافات والحضارات الأخرى إعتبروا الحديث في شأن التماثيل والأصنام من القضايا السطحية فلا عودة الى نقطة البدء لأن وحدانية الخالق قد إستتبت وباتت أيقونات راسخة في القلوب والعقول قبل أن تكون رواسي ثابتة في الأرض لا تتزحزح مع تعاقب الأزمان والإندماج مع الثقافات.

أصبح النظر الى التماثيل بإعتبارها من الفنون، ولا أحد يحفل أو يخطر بباله إن مر بتمثال هنا أو هناك أنه صنم قد يعبد!

بالطبع لن يخرج الفقهاء في تحريم التماثيل والصور عن منطوق الشريعة والنصوص فقد بقيت ثابتة منذ أغلق باب الاجتهاد إبان سقوط بغداد على يد المغول وإحراقهم لمكتبتها التي ربما أكلت نيرانها كثيرا من الأراء الفقهية في كثير من الشؤون مما لا نعلم ومنها مثلا غايات إستئصال فكرة عبادة الأصنام بإعتبارها من رموز الآلهة وهو ما إنتهى كفكرة بنعمة الوحدانية.

لم تعد التماثيل تمثل هذا الخطر الكبير على إيمان الناس وقناعاتهم بالدين ولعل الأخطار التي يواجهها الدين في تحريف رسالته وغاياته كدين سمح وكرامة للناس بربطه بالإرهاب لهو أشد خطرا ينبغي لجمهور الفقهاء التصدي له بدلا من هدر الوقت وإغراق عقول الناس بجدلية التماثيل.

لو كان الأمر كذلك، فما هو الموقف من النار وقد كانت تعبد والطيور والكواكب والنجوم والحيوانات والأنهار والينابيع والأفاعي والأعاصير والرياح وغيرها مما كان الناس يتخذون منها آلهة في الطريق للبحث عن منظور ملموس يمثل حضور الإله قبل أن يأتيهم الرسل والأنبياء ليكرسوا وحدانية الله سبحانه.

أخطأت بلدية الزرقاء لا بقرارها في الرجوع عن تشييد الفارس والحصان ولا في فكرة إقامتهما بل في إدخال المجتمع في جدل ليس هذا وقته ولا مكانه، بينما أن ثمة كثيرا من المشاريع الأكثر أهمية بالانتظار. “الراي”

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.