لماذا ينبغي علينا أن نعادي إيران؟!! / د. مجدي جميل شقورة

 

د. مجدي جميل شقورة * ( فلسطين ) الخميس 7/1/2016 م …

*باحث في الشؤون الفلسطينية

هل تسرعنا بتأييد موقف السعودية من حركة الإعدامات الأخيرة؟، هل كان بالإمكان أن نكرس التضامن العربي دون أن ننضم لمحاور؟، هل يدرك ساستنا الفرق بين أن نقف مع العربية السعودية ضد أي عدوان خارجي وبين أن تبارك فلسطين إعداماً ربما كان ليس في محله؟، وهل ستنقذ برقيتنا التي أيدنا فيها المملكة قلباً وقالباً الشاعر الفلسطيني أشرف فياض من حبل المشنقة؟، أسئلة ينبغي أن نسرع في الإجابة عنها قبل أن نوغل في الخصومات مع أطراف لم تكن يوماً في جبهة مناوئة للحق الفلسطيني، أو نوغل في تأييد أطراف لها قبل كل منعطف فلسطيني حسابات دقيقة وتوازنات غاية في التعقيد.

صحيح أن للحكم تقديراته التي تختلف عن تقديراتنا، وفى نفس الوقت لا يمكن لنا إلا أن نعترض على تنفيذ أحكام الإعدام الجماعية، لكن الهم هو أنه لا يتوجب علينا أن نكون جزءاً من المحاور الإقليمية لأن في ذلك ضرر لقضيتنا، وهي مسألة قاتل الفلسطينيون طويلاً كي ينأوا بأنفسهم عنها، وطوال سنوات لم ننجر إلى تجاذبات كنا ندفع ثمنها بالعادة من أجسادنا أو من قضايانا.

عودت فلسطين الجميع في السابق أنها ليست طرفاً في الخصومات، وظل تناقضها الرئيسي على الدوام مع الاحتلال الإسرائيلي، ولطالما تجاذبت القيادة الفلسطينية في العقود السابقة خيوطٌ تحاول أن تسحبها إلى هذا المربع أو ذاك، واستطاعت فلسطين أن تظل طيلة الوقت على مسافة واحدة من كل الفرقاء، اليوم باتت الأمور مختلفة، وعلى ما يبدو أن حجم الضغوط أكبر من أن تحتملها القيادة، وأن شبكة مصالحها اقتضت أن تتخذ موقفاً، لاعتبارات سياسية وقومية بالأساس، والغريب أننا في الوقت الذي ننشد فيه تضامناً من كل الأطراف، نجد أنفسنا نختصم قوة بحجم إيران ونناصبها العداء، وهو أمر يبدو غريباً على السياسة الفلسطينية، ولا يمكن أن تجني فلسطين من ورائه سوى انتكاسات لا يدري منتهاها أحد.

كان ينبغي على القيادة، إن شاءت، أن تطلب بشكل واضح من السعودية إطلاق سراح الشاعر أشرف فياض قبل الانضمام للتحالف، وربما كان يمكن للسعودية أن تستجيب، خصوصاً وأن محاكم سعودية سابقة برأت الرجل من التهمة المنسوبة له، لكن على ما يبدو أن هذا النوع من الحسابات ليس ذو أهمية أو مغرى لصناع القرار في وطننا، وماذا يضيرنا لو حاولنا؟، ألا تعتبر نجاة هذا الشاعر الفذ من حبل المشنقة بمثابة انتصار للدبلوماسية الفلسطينية؟، أم أننا لا نجيد الغزو إلا في المعارك الخاسرة؟.

المؤكد أن إيران، وهي تستعد في هذا العام لأن تأخذ عافيتها بالكامل، بعد تحررها من ضغوط الغرب وقيود الحصار والمقاطعة والعقوبات، وأن تظهر كقوة إقليمية لا يستهان بها، وعلى الرغم من أنها وفي ظل حصارها والعقوبات بقيت على الدوام مساند قوي وداعم لحركات فلسطينية تناضل ضد الاحتلال، ولم يتوقف سيل معوناتها عن الأنظمة والأحزاب التي تمالئها، فما الذي سنجنيه من عدائها، وما الذي يمكن أن نجنيه من تحالفاتنا، ألم يكن هناك بدٌ من مسايرة الإقليم في رغباته، ألم يكن هناك وسيلة أخرى نوصل بها رسالة التضامن العربي ونبقى على الحياد في معركة لو بدأت سنكون الخاسر الأكبر فيها؟، وكيف يمكن أن نستعيد العلاقة مع دولة بحجم إيران بعد كل ذلك، تقديراتنا أن كل ما قيل بحق إيران حتى اليوم هي مجموعة اتهامات، ولكن الحقيقة تقول أن إيران لم تقدم على خطوات تعزز الافتراضات الخاصة بها، بينما يبرهن لاعبون آخرون في المنطقة، ويعتبرهم البعض حلفاء لنا، على أنهم أبعد ما يكونون عن مصالح الأمة ودعم القضية الفلسطينية، لقد آن الأوان أن تستقيم سياساتنا على قاعدة أننا لن نكون طرفاً في معادلة تناقض بين طرفين كلاهما يؤيد حقوقنا وكلاهما يدعم صمود شعبنا، حتى لو كانت العملية شائكة ومعقدة، المهم أن ننجو من براكين كراهية ستجتاح المنطقة حتماً، عاجلاً أو آجلا.

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.