هامش الفائدة سر نجاح البنوك وفشلها في الوساطة / د.مروان الزعبي
د.مروان الزعبي ( الأردن ) الجمعة 8/1/2016 م …
هامش الفائدة هو الفرق بين فائدة القروض الممنوحة من البنك و فائدة الودائع التي يدفعها البنك (الفرق بين الفائدة المدينة و الفائدة الدائنة). هامش الفائدة يمثل مصدر الدخل الرئيسي للبنك لكنه ليس الوحيد. البنوك لها مصدرين اساسيين هما دخل الفوائد و دخل غير الفوائد (العمولات و الرسوم). في الدول التي تشهد منافسة عالية تجد البنوك نفسها مجبرة على البحث عن مصادر اخرى غير الفوائد بسبب انخفاض الهامش وهو ما يجبرها على الابداع والابتكار في تقديم الخدمات ويمكنها من فرض العمولات وغيرها من الرسوم المقطوعة. ما يهمنا هنا ان نبين ان هامش الفائدة لا يجب ان يكون كبيرا لانه يصبح مرهقا للمقترضين وضارا بحقوق المودعين ويدل على ان البنوك لا تقوم بواجبها كما ينبغي.
ان رفع الهامش يعتبر سلوك غير صحيح وغير مهني و يتنافى مع اخلاقيات العمل المصرفي لان فيه استغفال و استغلال للمقترضين. على البنوك ان تبحث عن النجاح بوجود هامش فوائد منخفض. البنوك تستطيع ان تحقق ارباح هائلة برفع الهامش ولكن كلما ارتفع الهامش كلما انخفضت كفائتها.
في الاردن يترواح هامش الفائدة بين 6%-8% وهو ما يؤشر على انخفاض تنافسية البنوك وفشلها في ادء مهمتها الرئيسية و المتمثلة بالواسطة المصرفية او المالية Financial Intermediation. صحيح ان البنوك عندما تقرض تتعرض لمخاطر، وهي تعرض اموال المودعين للمخاطر مما يؤدي الى فرض اسعار فائدة مرتفعة. لكن غير صحيح ان تكون اسعار الفائدة مرتفعة على القروض و منخفضة على الودائع. هامش الفائدة يجب ان لا يزيد عن 3%-4%. فعلى سبيل المثال، لو دفع بنك على الودائع 2% فعلى ىسعر الفائدة على المقترض(بمخاطر و الاعتيادية)ان لا يزيد عن 5%. ما يحدث في الاردن ان في حال كانت فائدة الودائع 2% تكون فائدة الاقراض 9% او 10%.
ان هامش الفائده يتحدد حسب التكاليف التشغيلية وغيرها من التكاليف بالاضافة الى مستوى المنافسة ويمثل المصدر الرئيسي للارباح. ان ارتفاعه يدل على ان النفقات مرتفعة والمنافسة منخفضة وفيه ظلم على المقترضين كافه و خاصة صغار المقترضين و ذوي الدخل المحدود اللذين لا حول لهم ولا قوة.
ان نجاح الوساطة المالية يعني بالضرورة هامش فائدة منخفض. البنوك نجحت في امور كثيرة و التزمت بامور كثيرة لكنها فشلت في اهم وظيفة من وظائفها وهي الوساطة المالية. البنوك وجدت لتخدم المودعين و المقترضين على حد سواء و هي بعملها هذا تحقق ارباح و البنوك مستفيدة من رقابة البنك المركزي لانه يعطي الاطمئنان للمستثمرين (يقلل مخاطرها). لذلك يتقبل المستثمر عوائد اقل من البنوك بسبب اشراف البنك المركزي عليها وبسبب انضباطها لكنها تصر على رفع هامش الفائدة وهو فشل و ليس نجاح.
لقد ان الاوان ان تعيد النظر في الهامش وان تخفضه بما لا يقل عن 50% عن مستواه الحالي وان تثبت بانها تستطيع ان تنجح. و ان نجحت ،و هذا ما نتمناه، ففي تلك الحالة فقط تكون قد قامت بالدورالذي رخصت لاجله.
عمان في 7 كانون الثاني 2016
– د. مروان الزعبي
– مدير معهد الدراسات المصرفية سابقا
– خبير مالي و اقتصادي صندوق النقد الدولي سابقا
– مدير تنفيذي، البنك المركزي، سسابقا
– بروفسور في الجامعات الاردنية والامريكية وغيرها
التعليقات مغلقة.