السلطة ، إنجاز وطني أم ماذا ؟ / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) السبت 9/1/2016 م …
بعد أن كثر اللغط عن حل السلطة الوطنية الفلسطينية ، وبعد أن تعالت الأصوات المطالبة بوقف التنسيق الأمني مع الصهاينة ، وبعد أن قام الإحتلال بانتهاك كل الاتفاقيات مع سلطة اوسلو ، وبعد أن نفذ وينفذ الإعدامات بحق الشباب والأطفال الفلسطينيين دون رحمة وبلا محاكمة ، وبعد أن اكتظت معتقلات وسجون الاحتلال بالمناضلين الفلسطينيين رجالاً ونساءً وأطفالاً ، وبعد أن سقط الشهداء وكثر عدد الجرحى الذين قدموا دماءهم ثمناً للحرية ، وبعد ، وبعد ، وبعد … جاء خطاب الرئيس محمود عباس قبل يومين في ظل انتظار جماهيري غير مسبوق من قبل الشعب الفلسطيني ومن قبل كل المهتمين بقضية العرب المركزية المؤمنين بأن بوصلة النضال العربي يجب ان تتوجه لفلسطين وليس لأي مكان آخر ، جاء الخطاب المذكور واستمعت له لعلي أجد فيه ما يلبي القليل من نبض الشارع العربي والفلسطيني ،، ولكن هيهات ،، فبعد الاستماع للخطاب استوقفتني عدة نقاط أرى من واجبي التعرض لها على عجالة :
• قال الرئيس عباس ان السلطة إنجاز وطني وهي باقية ، فهل تناسى الرئيس بأن هذه السلطة ما هي الا نتاج لاتفاقية اوسلو سيئة الذكر والتي نصت على انشاء سلطة للحكم الذاتي تم تحويرها بقدرة قادر لتصبح سلطة وطنية فلسطينية ، وهل تناسى الرئيس أن اتفاقية اوسلو قسمت أراضي الضفة الغربية فلم تبق تحت سيطرة السلطة الفلسطينية الفعلية ولو بصفة شكلية إلا 18% من اراضي الضفة أو ما سمي بمناطق – أ – فيما اعتبرت نسبة 61 % تحت الادارة والسلطة الصهيونية أو ما يسمى مناطق – ج – فيما كان ما تبقى من المناطق بين هذا وذاك ، في الوقت التي قضت فيه اتفاقية اوسلو بتخلي السلطة وممثلي الفلسطينيين عن 78 % من أراضي فلسطين التاريخية معترفين بأنها – دولة اسرائيل – ، فأي إنجاز وطني ذلك!!! الذي يتحدث عنه السيد الرئيس ، وأي إنجاز وطني ذلك الذي جعل من قوات الأمن الفلسطينية تعمل بهدف المحافظة على أمن اسرائيل ومنع انطلاق اي اعمال مقاومة للاحتلال على اعتبار ان تلك الأعمال – إرهاباً – وفق اتفاقية اوسلو الأمر الذي اصبح معه الاحتلال الصهيوني أقل احتلال كلفة في التاريخ الحديث كل ذلك بالإضافة إلى إعفاء الاحتلال من كافة التزاماته أمام العالم كسلطة محتلة ، فأي انجاز وطني هذا!!! ، وهل تناسى السيد الرئيس خطابه من على منصة الجمعية العامة للامم المتحدة والذي هدد فيه بوقف التنسيق الامني مع الكيان الصهيوني ، وتخليه عن اي التزام بتنفيذ اتفاقات اوسلو ما لم يلتزم الكيان الصهيوني به ، واصفاً سلطته بأنها سلطة بلا أي سلطات ، واوحى حينها للجميع بأنه سيحل هذه السلطة وسيسلم مفاتيحها الى الحكومة الاسرائيلية ، وأتساءل هنا هل جاء حديث الرئيس وقوله بأن السلطة هي إنجاز وطني كرد على ما تناقلته وسائل الإعلام الصهيونية والتي أفادت بأن حكومة نتنياهو تعمل على وضع خطة طوارىء في حال انهيار السلطة بحيث تتمحور هذه الخطة على منع هذا انهيار السلطة ومن أجل المحافظة عليها ، فأي توافق هذا … لقد اصبحت السلطة إنجازا وطنيا ًهنا وامراً يجب المحافظة عليه هناك !!!!
• يطالب الرئيس عباس بلجنة دولية أو مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية لتثبيت حل الدوليتين ، وفي ذلك أقول ، ألم تخرج قيادة منظمة التحرير عن مؤتمر مدريد وفاوضت الصهاينة وبشكل مستقل عن كافة الوفود العربية المشاركة في المؤتمر للوصول إلى اتفاقية أوسلو التي أذهلت بها كل متابع من العرب والفلسطينين ، وكان الرئيس عباس حينذاك على رأس من فاوض وصادق ووقع على تلك الاتفاقية ، أولم تتفاخر السلطة باعتراف العالم بدولة فلسطين !!! حين اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بها كدولة / عضو مراقب ، فكيف يدعو الآن للجنة دولية أم أنها محاولة لمد المفاوضات لعشرين سنة أخرى .
• يقول الرئيس بأنه يمد يده للإسرائيليين بالسلام والعودة للمفاوضات لتحقيق حل الدولتين كل ذلك مع اعترافه بأن الكيان الصهيوني يتنصل من كل التزاماته وبأن المفاوضات معه لما يزيد عن عشرين عاماً لتثبيت حل الدولتين الذي اقرته ما تسمى بالشرعية الدولية والقوى العظمى في العالم لم تجد نفعاً ولم تحقق شيئاً ، فهل بدعوته تلك سيقنع الصهاينة وداعميهم بقبول ذلك الحل رغم أن كل ما صدر ويصدر عن الصهاينة يثبت بالدليل القطعي أن حل الدولتين هو أمر غير قابل للتطبيق وأنهم يريدون للفلسطينيين حكماً ذاتياً تحت سيطرتهم ، حكماً ذاتيا للشعب الفلسطيني دون أي سيطرة فعلية على الأرض.
• لم يأت الرئيس عباس بأي موقف أو جملة يتعاطف فيها مع الإنتفاضة أو( الهبة الشعبية ) ومع الشبان المنتفضين والمطالبين برحيل الاحتلال وكأنه بذلك يتنصل من أعمال هؤلاء المناضلين الذين ما خرجوا إلا ليعبروا عن طلبهم للحرية وحقهم بالعيش بكرامة ، في وقت تمارس فيه القوات الصهيونية إعدام الشبان العزل في القدس والضفة الغربية المحتلة ، وفي الوقت الذي تختطف فيه تلك القوات المناضلين من على أسرة الشفاء في المستشفيات وتقتل الشبان والأطفال بدم بارد، ضمن سياسة إرهاب ليس لها مثيل ، فيما لم يبد الرئيس أي رفض لما تخرج به وسائل الإعلام الصهيونية على العالم قائلةً بأن التنسيق الامني مع السلطة في افضل ايامه ، أما كان الأمر يقتضي من الرئيس طلب استراتيجية واضحة ومحددة للوقوف ضد الإرهاب الصهيوني وعلى كافة المستويات وطنياً وعربياً ودولياً فإرهاب الصهاينة لا يماثله أي إرهاب آخر .
• وفي الوقت الذي يعرف به الرئيس عباس جيداً بأن طلبه بوضع الفلسطينيين تحت الحماية الدولية هو أمر غير قابل للتحقيق لما يقتضيه الأمر من موافقة من مجلس الأمن المحكوم بالفيتو من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والتي ستعارض ذلك بشدة حتى لو وافق على ذلك كل الأعضاء الآخرين في المجلس ، إلا أنه ما زال مستمراً في طلبه وذلك على الرغم من أن الحماية الدولية أيضاً تمنع السكان تحت الحماية الدولية من مقاومة الاحتلال .
كم كنت انتظر من الرئيس أن ينتصر للانتفاضة بدعمها وشحذ الهمم لمقاومة الاحتلال بكافة الصور وكم كنت اتمنى لو قام الرئيس بتسليم مفاتيح السلطة – كما قال هو سابقا – لسلطة الاحتلال لبدء مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني في طريقه لتثبيت الحق وتحقيق الاستقلال المنشود .
التعليقات مغلقة.