وطن في مضافة / احمد حسن الزعبي
احمد حسن الزعبي ( الأردن ) الأحد 10/1/2016 م …
لا أرى أكثر سطحية وجهلاً من الذين يحاولون أن ينكشوا «بابور» الفتنة «بمنكاش» الطائفية أو الإقليمية بين الحين والآخر ، إلا أولئك الذين يحاولون ان «يبرروا» التعايش او الوحدة الوطنية بكل ما أوتوا من قوة ..فانا أرى أجمل ردِّ على مثل هؤلاء عدم الردّ عليهم أصلاً..والمضي قدما بالفعل لا بالقول…وبغسيل القلوب من سناج الحقد والغل بفعل المحبة الموجود فينا أصلاً…
لسنا بحاجة أن نبرهن في كل مرة أننا أكبر من كل شيء ،فأصلنا وتربيتنا منذ ان رفع الله السماء وكوّر الأرض لا تتبدّل ولا تتغيّر…من يحاول أن يرمي «فتّاشة الطائفية» جهلاً لا قصداً، أو قصداً لا جهلاً ..لا نردّ عليه… البيوت الوادعة النائمة على أسوار بعضها بسلام تردّ عليه، «دواوين العشائر» العامرة بالمناسبات كل مساء ، المسيحي يعزّي المسلم ويهنئه ..والمسلم يعزّي المسيحي ويهنئه، الأردني كتفاً إلى كتف مع الفلسطيني ، السوري في ضيافة الأردني ،العراقي في شراكة مع الأردني ، الشركسي يتكئ على وسادة البدوي…البدوي يهدي فنجانه للفلاح ، الشيوعي مع الأخ المسلم..التحريري مع البعثي، المعارض يمازح رجل المخابرات ، ورجل الأمن يجالس معتقلا سابقا ..هذه هي مضايفنا المفتوحة على الحب والألفة والجيرة العزيزة والأخوة العتيقة هي التي تردّ على كل «تخبيص» أو «هفوة» صدرت هنا أو صدرت هناك…لا تردّوا ولا تكتبوا ولا تنشروا بيانات استنكار…فقط زوروا «مضايف» الأردنيين..تعرفون أن جذور المحبّة في قلوبنا أرسخ من جذور زيتونة رومانية…
أقسم بالله العظيم ، كلما دخلت ديواناً عشائريا أو جمعية تابعة لأهالي منطقة ورأيت هذه التشكيلة من كل الأطياف والطوائف والأفكار والمشارب السياسية..قلت في نفسي…يخافون على الوطن؟ والوطن كله هنا…والله لم أر بحياتي أجمل من هذا البلد ولا أطيب من أهل هذا البلد…أقسم بالله العظيم لو نتخلص من أدران الفساد ، وبعض اللصوص المزمنين..لأصبح وطني مرآة الفردوس على الأرض..يكفي أننا نمارس عباداتنا بحريّة ، وطقوس عاداتنا بحرية، يكفي اننا أبناء عائلة واحدة ، وعشيرة واحدة ، يكفي أننا لم نسمع يوماً عن شخص قتل لسبب طائفي ، او معتقل سياسي ذوّب بالأسيد على معتقد سياسي…نمارس معتقدنا و نقدنا ومعارضتنا ونحن مطمئنون أن هذا الوطن لا يظلم أبناءه أبداً…
من جانب آخر ، تؤرقني تنامي الطائفية الثنائية «السنة الشيعة» على صفحات مواقع التواصل العربية…وكأن الله حكراً على لون العمامة…وكأن عرش الرحمن معلّق بين إيران والخليج…نحن أبناء الوجع الواحد ، والقدر الواحد، والحرف الواحد ..نذبح كل نهار على سكّين التقسيم والفقر والتجهيل والتهميش …دون ان نُسأل عن موقفنا من عليّ ومعاوية…ان لم ننصر أنفسنا ، وننزع «جلاتين التاريخ الأسود» عن أدمغتنا ..فلا سيف عليّ ينصرنا ولن تنقذنا شعرة معاوية…
أيها السنة ، الشيعة، المسيحيون، الدروز، البهائيون، البوذيون ..حبكم لله وعبادته لا تأتي الا من خلال « أوتوستراد محبتنا لبعضنا»…أيها السنة ،الشيعة ،المسيحيون، الدروز ،البهائيون، ،البوذيون… أحبّوا الله كما شئتم وانّى شئتم ومهما شئتم واعبدوه كل على طريقته، لكن لا تكرهوا عياله …فمحبة الله لا تأتي من كراهية خلقه…
الرأي
التعليقات مغلقة.