هل تسلم السلطة المفاتيح للاحتلال…؟ / د.هاني العقاد
د.هانى العقاد ( فلسطين ) الأحد 25/1/2015 م …
تشتد الهجمات على السلطة الفلسطينية والقيادة من كل صوب واخطرها واصعبها تلك التي تستهدف بقاء السلطة الفلسطينية واقفة على قدميها وتستهدف تمكنها من اداء دوها الوطني تجاه الارض والانسان وتنميته والتخطيط لرسم مستقبل للأجيال القادمة , اليوم وبعد ان سطت اسرائيل على اموال السلطة الفلسطينية من عائدات الضرائب وبعد التهديد بوقف المنحة والدعم الامريكي السنوي عبر الضغط على الكونغرس وتطبيق قانون العقوبات ,اصبحت السلطة غير قادرة على صرف رواتب موظفيها وقد لا تستطيع الحكومة بعد اشهر توفير النفقات التشغيلية للوزارات والمؤسسات المختلفة من مستشفيات ومدارس وسفارات وبالطبع لن تستطيع توفير متطلبات قوي الامن الداخلي , وقد تكون هذه الامور بالفعل ناتجة عن الحصار المالي والاقتصادي المفروض منذ اكثر من شهر حتى الان على السلطة بهدف ابتزاز القيادة الفلسطينية واجبارها على الركوع امام المحتل والاستسلام له مقابل الحصول على لقمة العيش لمواطنيها دون ادنى طموح سياسي و دون قدرة قيادة السلطة محاسبة المحتل على جرائمه التي ارتكبها ومازال يرتكبها بقذارة منقطعة النظير لم يسبق ان مارسها أي احتلال على سطح هذه الارض منذ ان نشأت البشرية حتى الان.
امام كل هذا يبقي السؤال الهام , هل تستسلم السلطة وتتراجع عن كل استراتيجيتها النضالية الحالية والتي تخوض فيها معركتين هامتين وحاسمتين الاولى هي التوجه لمجلس الامن لاستصدار قرار اممي لإنهاء الاحتلال والاقرار بأحقية شعب فلسطين في تقرير مصيره والمعركة الأخرى هي المعركة القانونية امام المحاكم الدولية و خاصة المحكمة الجنائية وهي من اهم المعارك التي من شانها ان تضغط على مجلس الامن ليستجيب للطلب العربي والفلسطيني ويصوت بالإيجاب لصالح مشروع انهاء الاحتلال بقرار دولي يناضل الجميع من اجله باعتبار الاحتلال قائم على القوة وتسخير موارد الشعب ومصادرة حرياته السياسية , إن المعركة القانونية من شانها ان تحقق للفلسطينيين نوع من العدالة وتقدم الجلاد الى المحاكمة القانونية ليدفع ثمن جرائمه التي ارتكبها منذ اليوم الاول للاحتلال الغاشم . وامام صلف وغطرسة المحتل وانكار حق الفلسطينيين في العيش على اقل من قوتهم وحرمانهم من اموالهم وحصارهم للتراجع عن مقاضاة هذا الاحتلال يبقي السؤال الاهم في النهاية هل تسلم السلطة المفاتح للاحتلال وتحمله مسؤولية احتلاله لتدفع تكلفة الاحتلال وتتولى الانفاق على المدنيين الفلسطينيين ؟ عند الاجابة على هذا السؤال لابد وان نحقق فيما اذا بات بقاء السلطة الفلسطينية قوية مصلحة اقليمية ام لا…؟ وهنا نستطيع ان نجيب هي بالفعل مصلحة اقليمية ليس كسلطة بل دولة كاملة السيادة لان سيادة الدولة الفلسطينية واستقلاليتها وانهاء الصراع من شانه ان يوفر الامن والاستقرار لكثير من الدول العربية المحيطة وينزع الزريعة للتطرف , الا أن اسرائيل تريدها اقل من سلطة حكم ذاتي موسع وبالتالي تعيق اقامة هذه الدولة دون الاكتراث بحالة الامن والاستقرار لمواطنها ولدول المنطقة لأنها تتغذي على حالة عدم الاستقرار وتجد ضالتها في انقسام وتقسيم العالم العربي وضعفة .
قد لا ترغب بعض القوي الدولية في انهيار السلطة تماما وقد لا ترغب في تحولها الى دولة لكن هذا من شانه ان يفجر ثورة كبيرة في وجه أولئك الذين يتجاهلوا حق الفلسطينيين في تقرير المصير وينكروا ان السلطة الفلسطينية ماهي الا جسر يوصل الى الدولة و دون هذا فان السلطة لن تستمر في عملها الى الابد , لذا فان بقاء السلطة يعتبر في حد نظري مصلحة إقليمه وتحولها الى دولة من شانه ان يرسى كل دعائم الامن والاستقرار بالشرق الاوسط , وهذه المعادلة اصبحت مفهومة كثيرا بمعني ان اسرائيل لا تريد للسلطة الانهيار ولا تريد للسلطة ان تتحول الى دولة ولا تريد للسلطة ان تستقل في نضالها السياسي وتعمل خارج هيمنة اسرائيل و واشنطن , لكن اذا كانت اسرائيل تحاصر السلطة وتمنع الاموال عنها وبقيت واشنطن تحاصر السلطة وتمنع عنها الاموال وتعيق وصول الاموال من بعض الدول التي تهيمن عليها واشنطن , فان هذا اصبح كل المثل القائل هذا هو الماء وعليك السباحة ويداك مقيدتان خلف ظهرك , لا اعتقد ان القيادة الفلسطينية امام كل هذا تستطيع الاستمرار مع كل تلك المخططات التصفوية , وهنا لابد وان تتخذ السلطة اجراءات هامة و متدرجة لتحديد العلاقة مع المحتل تبدأ بوقف أي لقاءات او تنسيقات على المستوي السياسي والأمني و تنتهي بالطبع الى حل السلطة بالكامل و اعادة ادارة المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الى اسرائيل , وكن ثم رحيل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لتناضل سياسيا خارج الارض الفلسطينية وتواصل كشف مخططات اسرائيل القذرة امام العالم وتسعي لرفع الظلم عن ابناء الشعب الفلسطيني ونيل الاستقلال .
ان الحصار الاقتصادي والمالي واعاقة كافة مشاريع الاستقلال واقامة الدولة والوقوف امام طموح الفلسطينيين في انهاء الاحتلال واقامة دولتهم ومنعهم من الانضمام لكل المؤسسات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية يعني ان تبقي السلطة تحت الوصاية الاسرائيلية والامريكية وهم وحدهم من يقرروا مستقبل الفلسطينيين السياسي ,وهذا بالطبع لن يقبله أي فلسطيني مهما كان انتمائه السياسي لان الاحتلال لن يتخلى عن احتلاله بإرادته و لن يعطي وطن الا من خلال الضغط الدولي والاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية ,ومن خلال المقاومة الشعبية المستمرة والمتعددة الاشكال والاساليب والنضال السياسي كاستراتيجية متوازية ,وهذا يتطلب الاستمرار بقوة في المعركة السياسية والقانونية وعدم التوقف عن محاسبة اسرائيل على كل جرائمها عبر عشرات السنوات ومنها الاستيطان المجرم الذي يسرق الارض ويهود المقدسات ويستولي على كل املاك المسلمين والمسيحين بالقدس ويحرم الفلسطينيين من ارضهم وارض ابائهم واجدادهم.
التعليقات مغلقة.