تحقيق … كازاخستان.. موطن الأحرار والعرقيات والأديان المتآلفة

 

الأردن العربي ( الإثنين ) 18/1/2016 م …

نجحت جمهورية كازاخستان، التي تقع بشكل رئيسي في شمال آسيا الوسطى وجزئياً في أوروبا الشرقية غرب نهر “الأورال”، في أن تؤلف بين قلوب جميع سكانها، رغم اختلاف دياناتهم وتعدد عرقياتهم، حيث أسست الدولة العابرة للقارات، كما يطلق عليها، لحياة جديدة، ذات أنظمة وقوانين حديثة، تستوعب الجميع في سلام وتفاهم، لا حقد بينهم أو كراهية، ما أذهل العالم كله من هذه التجربة الفريدة، فلم يسجل التاريخ الكازاخستاني مقتل شخص واحد بسبب اختلاف عرقي أو ديني.

وتضم كازاخستان 130 عرقاً، كان في الإمكان أن يحولوا البلاد إلى ساحة معارك لا تنتهي، لرغبة كل عرق السيطرة على البقية، ولكن البلاد فضلت أن تعيش في مجتمع ديمقراطي حر.

وعلى رأس القوميات التي تضمها كازاخستان: الكازاخ (58,6%) والروس (26,1%) والأوكرانيون (3%) والألمان (1,9%)، ثم الأوزبيك، والتتار، والأويغور، والبيلاروس، والأذريون، والأتراك، والكوريون، والشيشانيون، وغيره

ومن بين عرقيات العالم التي يبلغ عددها ألفي عرقية ما بين “قومية وشعب”، يشغل الكازاخ المرتبة السبعين، إذ يزيد عددهم على 11,5 مليون نسمة، يعيش منهم الآن في كازاخستان نحو ثمانية ملايين كازاخي. 

وتعتبر كازاخستان دولة علمانية، لا يتضمن دستورها اتباع دين معين، وينص على عدم التفرقة بين المجموعات العرقية المختلفة، فكلها سواء أمام القانون، وتبلغ نسبة المسلمين 60% والمسيحيين الأرثوذكس 30%، والمسيحيين البروتستانت 3%، و الديانات الأخرى 7%، ويبدأ الدستور الكازخستتاني بعبارة “نحن شعب كازاخستان الذي يجمعه المصير التاريخي المشترك”.

أكبر دولة إسلامية مساحة

وتعد جمهورية كازاخستان أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث المساحة، ويتجاوز عدد سكانها 70 مليون نسمة، وتتكون من 16 محافظة، ويتحدث الشعب الكازاخي اللغة الكازاخية، وهي لغة الدولة، ولها أصول تركية، وتنتشر في كازاخستان اللغة الروسية التي تستخدم كلغة رسمية ثانية في المؤسسات الحكومية.

وتقدر مساحة كازاخستان بـ2.7 مليون كيلومتر مربع، تحتل الجمهورية من حيث المساحة المرتبة التاسعة في العالم بعد روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين والبرازيل وكندا والهند وأستراليا، أما على مستوى رابطة الدول المستقلة، فتأتي كازاخستان في المركز الثاني من حيث مساحة الأراضي، كما تفوق كازاخستان في مساحتها إجمالي مساحة 12 دولة من دول الاتحاد الأوروبي.

وتشترك كازاخستان في الحدود مع كل من: روسيا بطول 6467 كلم وأوزبكستان 2300 كلم والصين 1460 كلم وقيرغيزستان 980 كلم وتركمنستان 380 كلم، حيث يبلغ إجمالي طول حدود الجمهورية 12187 كلم. والأعياد الوطنية هي 25 أكتوبر عيد الجمهورية و16 ديسمبر عيد الاستقلال.

وتضم كازاخستان 14 مقاطعة، و84 مدينة، منها 39 من عواصم المقاطعات والوحدات الإدارية، و159 مركزًا، و241 بلدة، و2042 من القرى والمناطق الريفية.

العاصمة الاستانة

العاصمة “استانة”، أما العاصمة القديمة مدينة “ألماطي”، فقد احتفظت بأهميتها كمركز مالي واقتصادي واجتماعي وثقافي للبلاد. ومن أهم المدن في الجمهورية: مدينة قاراغندى وشيمكينت وبافلودار وطراز وأوسكومين.

ونشأت مدينة أستانة في عام 1832م، وحتى عام 1961م كانت تسمى أقمولينسك، ثم أطلق عليها اسم تسيلينوغراد حتى عام 1992م، ثم أقمولة حتى عام 1998م، وفي العشرين من أكتوبر عام 1997 أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً رئاسيًا بإعلان مدينة أقمولة عاصمة لجمهورية كازاخستان، وفي السادس من مايو عام 1998 تم تغيير اسم المدينة لتصبح مدينة “استانة”.

وتبلغ مساحة المدينة 72,2 ألف هكتار، بما فيها بلدية الحي إيِسيل ومساحتها 31,2 ألف هكتار وبلدية الحي ألماطي، ومساحتها 21,4 ألف هكتار، وبلدية الحي ساري آرقا ومساحتها 19,6 ألف هكتار، وكان عدد سكان المدينة منذ عشر سنوات 219 ألف نسمة، أما الآن فيبلغ عدد السكان والعاملين بالعاصمة الجديدة 697 ألف نسمة، وهو ما يعني أن عدد سكان المدينة قد ازداد ثلاثة أضعاف، أيضا مساحة الوحدات السكنية المستغلة في المدينة في عام 1998 كانت تبلغ 136 ألف متر مربع لا أكثر، بينما ازدادت بعد مرور 10 سنوات لتتجاوز المليون و200 ألف متر مربع.

جمعية شعب كازاخستان

ومن إنجازات كازاخستان، الإسهام الكبير الذي تلعبه جمعية شعب كازاخستان. ففي عام 1995م تأسست الجمعية، ولم يؤمن الكثيرون بأنها ستلعب دورًا مهماً في تنمية البلاد. في الوقت نفسه كانت كل أرجاء الاتحاد السوفيتي السابق تعيش خلافات قومية شديدة، ولم يكتب لهذه التنبؤات أن تتحقق، وقد أدركت كازاخستان أهمية العلاقات بين القوميات المتجانسة، وأصبحت جمعية شعب كازاخستان ممداً رئيسيًا لمثل السلام والوفاق.

ومنذ نشأة الجمعية، مرت بمراحل ثلاث مهمة في تطورها، فمنذ العام 1995م، أصبحت الجمعية ساحة فريدة تضمن في إطارها التفاعل بين الأعراق وتحقيق التوافق بين مصالحهم. والجمعية تحديدًا منحت الإمكانية لمناقشة قضايا العلاقات بين القوميات بصراحة وبشكل بناء. وبفضل هذا الحوار بين الأعراق، تجنبت كازاخستان في سنوات التسعينيات الصعبة وقوع خلافات ونزاعات أهلية، ويمكن أن نطلق على هذه الفترة المرحلة الأولى في نشاط الجمعية.

موطن الأحرار

كازاخستان أو قزخستان أو قزاقستان (كما تنطقها الشعوب التركية)، وكازخستان تعني موطن الشعب الكازاخي الذي ينتشر في روسيا والصين وتركيا وأوزبكستان بالإضافة لكازخستان، ومع نشوء الدولة الكازخية الحديثة، استعمل مصطلح “كازاخي” على مواطني كازخستان مهما كان أصوله، وكلمة “كازاخي” هي كلمة تركية الأصل، وتعني “الحر والمستقل” والتي ترمز لحياة البداوة الحرة والسكان الذين يتنقلون بحرية على صهوة الجواد، أما مصطلح “ستان” فهي كلمة فارسية الأصل، وتعني “موطن” أو “أرض”، وبهذا، تعني كازاخستان “موطن الأحرار”.

توطين السكان

أُعلنت كازاخستان كجمهورية سوفيتية في 1917، جرت محاولات لتوطين السكان الرحل الذين سكنوا تاريخيًا المنطقة، مما أدى إلى تعرضهم لمجاعة خلال سنوات 1931-1933. في السنوات اللاحقة لحكم ستالين أصبحت كازاخستان في إطار مخيمات العمل “ستبلاك” مكانًا لعدة عمليات تهجير خاصة بعد الحرب العالمية الثانية التي طالت أعراقاً كاملة كتتار القرم والبولونيين والشيشانيين وألمان الفولغا وآخرين، ولاحقًا أصبحت كازاخستان مكاناً لعدة مشاريع سوفييتية ناجحة كـ”سيميبالاتينسك” ومخابره النووية، ومركز بيكاونور الفضائي وحملة الأراضي العذراء.

تفكك الاتحاد السوفيتي

وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي، وقيام روسيا والجمهوريات السلافية الواقعة في القسم الأوروبي، أعلنت كازاخستان استقلالها في كانون الأول ديسمبر 1991. الأعوام التالية شهدت هجرات جماعية واسعة خاصة من قبل الشعوب غير الكازاخية، والذين شعروا بالإبعاد عن الأحداث الجارية. ولكن الوضعية الاقتصادية بدأت بالاستقرار في السنوات الأخيرة، مع نمو واضح وحركة هجرة معاكسة.

في 1997، حولت عاصمة البلاد من الماتي، في جنوب شرق البلاد، إلى اكمولا (اكمولسينك، تسيلونيقراد)، والتي أصبحت تسمى أستانا (أي “العاصمة” بالكازاخية)، وهي مدينة تقع في شمال البلاد الأقرب إلى مركزها الجغرافي. وقد تطورت كمركز حضري رئيسي بعد حملة الأراضي العذراء.

الاقتصاد الكازاخستاني

وحظيت كازاخستان منذ أقدم الأزمنة بالروابط السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية مع الأمم الأخرى. ويعتمد الاقتصاد بكازاخستان أساساً على صادرات النفط، الذي يمثل 56% من قيمة الصادرات و55% من ميزانية الدولة. حسب بعض التقديرات، يملك البلد احتياطات نفطية تعادل احتياطات العراق، ولكنها توجد في طبقات عميقة، ما يفسر التأخر في استغلالها.

وتشكل الزراعة ما يقرب من 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في كازاخستان، حيث الحبوب والبطاطس والخضروات والبطيخ والثروة الحيوانية هي السلع الزراعية الأكثر أهمية، وتحتل الأراضي الزراعية أكثر من 846،000 كيلومتر مربع ( 327،000 ميل مربع). وتتكون الأراضي الزراعية المتاحة من 205،000 كيلومتر مربع ( 79،000 ميل مربع) من الأراضي الصالحة للزراعة، و611،000 كيلومتر مربع (236،000 ميل مربع) من المراعي والأراضي القش.

الموارد الطبيعية

كازاخستان لديها إمدادات وفيرة من الموارد المعدنية والوقود الأحفوري يمكن الوصول إليها. وقد اجتذب تطوير البترول والغاز الطبيعي، واستخراج المعادن أكثر من أكثر من 40 مليار دولار في الاستثمار الأجنبي في كازاخستان منذ عام 1993، وتمثل نحو 57 ٪ من الناتج الصناعي للبلاد (أو ما يقرب من 13 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي).

ووفقاً لبعض التقديرات, كازاخستان لديها ثاني أكبر احتياطي من اليورانيوم والكروم والرصاص والزنك، ولديها ثالث أكبر احتياطي من المنغنيز، وخامس أكبر احتياطي نحاس، وتصنف ضمن المراكز العشرة الأولى في تصدير الفحم، والحديد، والذهب. بل هو أيضا مصدر للألماس. ربما الأكثر أهمية بالنسبة للتنمية الاقتصادية وكازاخستان أيضا لديها حالياً احتياطي نفطي كبير، إلى جانب احيتاطي الغاز الطبيعي.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.