فهد الريماوي في افتتاحية المجد اليوم يستذكر مئوية ميلاد عبد الناصر ..
محمد شريف الجيوسي ( الإثنين ) 18/1/2016 م …
** الريماوي مخاطبا الرئيس المصري السيسي : خذلتنا بعد أن علقنا عليك أمالا ً بإعادتك السفير المصري الى تل أبيب بدلاً من إعادته إلى دمشق وبدلاً من ان تهب لنجدة قلب العروبة النابض، والنهوض بدور بلاده القومي..
** لم يندب عبد الناصر حظه عندما حالت واشنطن دون تمويل بناء السد بل رد بتأميم قناة السويس.. وحين شن ايدن وموليه وبن غوريون عدوانهم الثلاثي على ارض الكنانة، لم يستسلم ورد عليهم ”سنقاتل”.. وحين نجحت السعودية في فصم الوحدة المصرية- السورية، لم ينكفئ ، بل أشعل في جزيرة العرب ثورة اليمن وحين انتصرت اسرائيل في عدوان حزيران، لم تنكسر ارادة ”ابو خالد” ولم يقبل اعادة سيناء مقابل ادارة ظهره لفلسطين، بل غير تركيبة الجيش المصري، وانخرط في حرب الاستنزاف
** ماذا يمكن ان نقول في زمن عربي جاحد وفاسد، لا ينتج الا الدواعش والخيانات والجهالات والموساديات والمذهبيات التي ما فتئت تباعد بين الدم والوريد، وبين الوالد والوليد، وبين الخطوة والدرب، وبين النبضة والقلب، وبين الحرف والقلم، وبين الجرح والالم، وبين فريق ما زال يندب علياً وآخر ما زال يوالي معاوية...
استذكر رئيس تحرير جريدة “المجد” فهد الريماوي ؛ الاردنية القومية الناصرية في افتتاحية عددها الصادر اليوم ؛ الذكرى المئوية الأولى لميلاد الرئيس القومي المصري العروبي الراحل جمال عبد الناصر .. التي تصادف يوم 15 كانون ثاني الجاري .
وقال الريماوي في افتتاحية المجد بعنوان (سنة كبيسة وتعيسة لولا اشراقة عيد ميلاد أبي خالد) أن حال الأمة عندما تسلم ”ابو خالد” دفة القيادة المصرية عام 1952، لم يكن افضل مما هو عليه الآن مصرياً وعربياً.. فلم يكن التراب المصري قد تطهر من دنس القواعد البريطانية التي ضمت ثمانين الف عسكري، ولم تكن جراح نكبة فلسطين قد بردت او كفت عن النزف والالم، ولم تكن غالبية الاقطار العربية قد نالت حريتها وحققت استقلالها وتخلصت من الاستعمار، ولم تكن الملايين الشعبية العربية قد برئت من ثالوث الفقر والجهل والمرض الموروث من العهد العثماني المشؤوم.
لكن عبد الناصر شمّرعن ساعد الجد والجهاد والاستبسال، وأعاد للعرب وعيهم لذاتهم وثقتهم في انفسهم، وتقدم صفوف احرارهم لخوض اشرس المعارك على دروب تحقيق انبل اهداف الامة في الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية، ودحر أخطر واقذر اعداء العروبة في المعسكر الصهيوني-الامبريالي- الرجعي الوهابي.. الامر الذي اسبغ عليه هالة قومية اسطورية، واتاح له تسلم مقاليد الزعامة العربية دون منازع.
وبين الريماوي أنه حين حالت الولايات دون حصول مصر على قرض من البنك الدولي لتمويل السد العالي، لم يركع ”ابو خالد” او يندب حظه ويهرع للتمسح باعتاب البيت الابيض، بل رد على التحدي بالتحدي، وسارع من فوره الى تأميم قناة السويس.. وحين ركب ايدن وغي موليه وبن غوريون رؤوسهم وشنوا عدوانهم الثلاثي على ارض الكنانة، لم يرتجف ”ابو خالد” وترتعد فرائصه، بل رد على النار بالنار، واعلن من على منبر الازهر ”سنقاتل”.. وحين نجحت الرجعية السعودية في فصم عرى الوحدة المصرية- السورية، لم ينكفئ ”ابو خالد” داخل بلاده ويكفر بالقومية العربية، بل مد بصره ويده الى جزيرة العرب واشعل في جنوبها ثورة اليمن التي ما زالت تقض مضاجع السعودية وتأخذ بخناقها حتى الآن.. وحين انتصرت اسرائيل في عدوان حزيران، والقت القبض على الضفة وسيناء والجولان، لم تنكسر ارادة ”ابو خالد” او يسلم بالامر الواقع او يقبل اعادة سيناء مقابل ادارة ظهره لفلسطين، بل بادر الى تغيير تركيبة الجيش المصري، وباشر الانخراط في حرب الاستنزاف، ورفع على الملأ شعار ”ما اخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة”.
وأجرى الريماوي مقارنة بين عبد الناصر المعروفة مواقفه ومعاركه ومحطاته التاريخية وبين السيسي ؛ الذي خيّب الامال واسقط الرهانات عليه، حين تشبه بادئ الامر بجمال عبدالناصر، ولكنه تشبث- فيما يبدو- بنهج انور السادات ونفط آل سعود.
ودعا الريماوي؛ السيسي لإعادة السفير المصري الى دمشق، وان تهب مصر لنجدة قلب العروبة النابض، وتنهض بدورها القومي وتلقي بثقلها المادي والمعنوي ”لفرض” مصالحة وطنية بين طرفي الازمة السورية، مثلما سبق لعبد الناصر ان ”فرض” المصالحة وأوقف اطلاق النار على الاردن ومنظمة التحرير ابان احداث ايلول الدامية.
وقال الريماوي ، كنا نحمد للرئيس السيسي اطاحة مرسي العياط وحكم جماعة الاخوان المجرمين، وكنا نشكر له تصالحه مع المشروع الناصري وانفتاحه على القوى العروبية، وكنا نأمل ان يستعيد لمصر دورها الريادي في امتها، وان يحطم بالتدريج اغلال تبعيتها لامريكا وارتهانها لمعاهدة كامب ديفد، وكنا ندعو الله ان يوفقه ويأخذ بيده لاشعال حماس الشعب المصري للعمل والابداع والانتاج والاعتماد على الذات، شأن الحاصل في الهند والصين وكوريا وماليزيا واندونيسيا التي نفضت عن شعوبها غبار الكسل، واستخرجت المال الوفير من ”قوة العمل”.
ولكن الظاهر يتابع الريماوي ، ان رياح السيسي لم تأت بما تشتهي سفننا، وان حسابات بيدره لم تتطابق مع حسابات حقولنا وعقولنا.. فالرجل قد يكون حسن النية وشديد الاخلاص لوطنه وامته، غير انه اضعف من آمالنا التي انعقدت عليه، واصغر من الاقتداء بتجربة عبدالناصر والالتزام بنهجه، واعجز من التصدي الواعي والحازم لمشكلات مصر وازماتها التي لا يمكن حلها بالتقسيط والترقيع، بل وفق مشروع وطني وقومي واستراتيجي شامل ومتكامل.. ولا نقول اكثر حتى لا تصب انتقاداتنا في طاحونة اعدائه واعدائنا من زبانية قطر وتركيا واثيوبيا وداعش والاخوان المجرمين.
مشدداً : كنا نربأ بمصر الشقيقة ان ترسل سفيرها الى تل ابيب في هذا الوقت بالذات، وبما يشكل طعنة مؤلمة في ظهر ”انتفاضة القدس” التي تقاتل باللحم الحي.. كنا نربأ بمصر القائدة والرائدة ان تفصّل دورها الراهن على المقاس السعودي، وتسمح لازهرها بالارتواء من آبار الوهابية، وترسل “ابو الهول” لحراسة المواخير الاماراتية، وتمتنع عن البصق في جبين قطر القرضاوية.. وذلك خلافاً لكل حقائق التاريخ، وطبائع الامور، وموازين القوى، وعلامات الفتح والضم والجر والسكون.
وأعرب الريماوي في افتتاحية المجد ، عن معرفته بحجم المصاعب والازمات الاقتصادية المصرية، ومدى حاجتها للعون المالي الخليجي، غير ان الفرق واسع والبون شاسع بين تحصيل العون من موقع الالتحاق والتخديم، وبينه من موقع الاحترام والتكريم.. فلو ان القاهرة ارسلت ابتسامة واحدة الى طهران، لغشيت مشخيات الخليج موجة عاتية من الذعر والفزع، ولكان نصف حكامها قد قضى نحبه ”بالجلطة السيسية” فوراً، ولكان النصف الباقي قد هرع حاسر الرأس، حافي القدم، الى قصر القبة لكي يدفع الجزية عن يد وهو صاغر.
وختم الريماوي افتتاحيته بالإعتذار لعبد الناصر ، ”ابا خالد”، اثرنا شجونك ونغصنا عليك عيد ميلادك، ولكن ماذا يمكن ان نقول في زمن عربي جاحد وفاسد، لا ينتج الا الدواعش والخيانات والجهالات والموساديات والمذهبيات التي ما فتئت تباعد بين الدم والوريد، وبين الوالد والوليد، وبين الخطوة والدرب، وبين النبضة والقلب، وبين الحرف والقلم، وبين الجرح والالم، وبين فريق ما زال يندب علياً وآخر ما زال يوالي معاوية.. ولا حول ولا قوة الا بالله.
التعليقات مغلقة.