انتصار ايران المخرز في عين الطاغوت الامريكي الاسرائيلي / تميم منصور

 

تميم منصور ( الخميس ) 21/1/2016 م …

رغم الكثير من التحفظات على سياسة ايران الداخلية ، لكن هذا لا يحجب حقيقة هامة ، وهي أن ايران اتخذت الدين نهجاً للعبادة ، وهذا من شأنها ، لكنها امسكت بالجانب الايجابي من الاسلام السياسي ، وهو المواجهة ورفض التفريط بمقدرات الشعوب وثرواتها ، ورفض الاستسلام والانحراف عن الثوابت الداعية الى محاربة كل محاولات الهيمنة الامبريالية ، ودعم الشعوب التي تناضل لانتزاع حقها في الحرية والاستقلال .

نعم ها هي ايران تتوج سياستها خلال عقود الثورة ، بالانضمام الى مجموعة الدول التي نجحت في تطويق المشروع الامريكي الامبريالي في الشرق الأوسط ، رغم ان القواعد الامريكية واساطيلها تحيط بها ، انتصرت بفضل صمودها ، وبفضل حكمة قيادتها السياسية ، وبفضل تماسك أبناء شعبها ، فقد فشلت امريكا وحلفائها من اختراق صفوف هذا الشعب ، حتى في ايام حصاره وتجويعه ، بقي الدرع الذي زاد من صلابة عود النظام الحاكم ، الذي اكثر ما يهمنا فيه موقفه من سياسة امريكا وحلفائها ، لقد اثبتت ايران للعالم بأنها ليست دولة ارهابية.

على قاعدة هذا الصمود والعقلانية ومحاربة التطرف والهوس حققت ايران انتصارا تاريخياً ، سوف يمنحها قفزة في كافة المجالات ، في مقدمتها الاستقرار والنمو الاقتصادي ، ومن حق وزير خارجيتها محمد جواد ظريف أن يعتبر أن اليوم الذي تقرر فيه رفع الحصار عن كاهل بلاده يوماً تاريخياً ، وسوف يكون مفصلاً وعهداً جديداً أمام ايران أكثر قوة وتطوراً .

لم يعد انتصار الشعوب المكافحة والمناضلة أمرأ مستغرباً ، فقبل الانتصار الايراني ببضعة أشهر ، شهد العالم انتصاراً لشعب آخر عانى أكثر من الشعب الايراني ، وهو الشعب الكوبي ، فقد حطم بفضل صموده شوكة العنجهية  الامريكية التي تنكرت عشرات السنين لحق الشعب الكوبي بتقرير مصيره ، وقبل كوبا ضربت مصر عبد الناصر مثالاً بالصمود والوقوف في وجه قوى الطغيان ، لكن الفرق بين مصر وكل من كوبا وايران ومن ثم فيتنام وانغولا وجنوب افريقيا ، أن الثورة في مصر ارتبطت بشخص قائدها عبد الناصر ، لأن خليفته السادات تآمر عليها ، وأعاد مصر الى عهد التبعية والفوضى ، وقد اكمل مبارك هذه المؤامرة ، فغابت الثورة وانجازاتها في زمنه عن الوجود .اذا من حق الشعب الايراني أن يعتبر بداية تنفيذ الاتفاقية مع مجموعة الدول

 الدول خمسة +واحد خطوة سليمة وانتصاراً سياسياً واقتصادياً ومعنوياً ، لكن هذا لا يعني بأن امريكا سوف تسير في الاتجاه الصحيح ، لأن استعباد الشعوب يعتبر من اولويات طاغوت العصر هذا . انها تدعم الظلم في كل مكان ، وهل يوجد كيان ظالم اكثر من اسرائيل التي تحظى بغطاء السياسة الامريكية في كل زمان ومكان ، لا يمكن ابداء أي نوع من الثقة بالسياسة الامريكية ما دامت تجاري وتداري الاحتلال ، وتحاول الوقوف في وجه المقاومة خدمة لأكبر دولة عنصرية لا زالت قائمة حنى اليوم .

تستمر واشنطن بهذه السياسة رغم تطاول حكومة الابرتهايد في تل أبيب على قراراتها السيادية الخاصة بقضايا عالمية كثيرة ، وفي مقدمتها رفض حكومة نتنياهو حتى اليوم اتفاق فينا ، الذي وقع بين الدول خمسة + واحد وبين ايران .

الرفض الاسرائيلي يأتي من باب رفض اسرائيل لأي مشروع للسلام ، فهي تريد أن يبقى الشرق الأوسط دائماً فوق برميل من البارود ، لأن الصهيونية والاحتلال والعنصرية وسفك الدماء بمثابة العصارة الحياتية التي تتحرك في شرايين اسرائيل الدولة والحكومة والفكر والسياسة والماضي والحاضر والمستقبل .

فإسرائيل شاذة في كل شيء ، فهي نقيض لأي تهدئة أو اتفاق أو وضع حد للصراعات الدامية ، والدليل على ذلك أن جميع دول العالم رحبت ببوادر الانفراج بعد أن بدأت الدول المشاركة بالتوقيع على اتفاق فينا بتطبيق بنود هذا الاتفاق ، وما تريده اسرائيل ان ترى ايران دولة محاصرة ، وتريد استمرار فرض العقوبات على شعبها ، ترفض عودة ايران الى الاسرة الدولية ، حتى تحت مظلة السلام والتفاهم ، والسبب ان ايران في عهد الثورة تختلف عن ايران في عصر الشاه .

ان اخراج ايران من دائرة الحصار الامريكي الاوروبي ، يعني مضاعفة قوة ايران الاقتصادية ، ويزيد من ثقلها السياسي شرق اوسطياً وعالمياً ، اذا اخذنا جانب واحد من مردود انهاء المقاطعة وفك الحصار عن ايران وهو اعادة المستحقات واموال ايران التي كانت مجمدة في البنوك العالمية ، وتقدر هذه المستحقات بمائة مليار دولار ، هذا المبلغ وحده يزيد عن ميزانية اسرائيل السنوية ، ان وصول هذا المبلغ الكبير من السيولة المالية الى الخزينة الايرانية ، سوف ينعش وضعها المالي المتأزم ، بسبب انخفاض اسعار النفط العالمية ، فق تدنى سعر البرميل الواحد الى 30 دولار لا غير .

بالإضافة الى المردود الاقتصادي والسياسي لتطبيق اتفاقية فينا ، هناك مردود اكثر اهمية أهمية ، انعكس على ايران وعلى المنطقة كافة وربما اكثر من ذلك ، انه المردود الاستراتيجي العسكري فبداية سير عجلة الاتفاق تعني الانفراج ونزع فتيل التوتر والتهديد بإشعال حرب في الشرق الوسط ، وربما في مناطق اخرى ، لا أحد يعرف نتائجها ، وكيف ومتى يوضع لها حد ، وهذا ما لا تريده اسرائيل لأنها استخدمت بشكل دائم مشروع ايران النووي ورقة تلوح بها امام شعبها وامام العالم ، بأن هذا المشروع يهدد وجودها وأمنها ، واسرائيل تدرك الآن أن عليها البحث عن ورقة تهديد جديدة كي تتذرع بها ولكي تغطي على جرائمها .

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.