كالعادة .. خصخصنا سوق الطقس ولم نضبطه / ماجدة المعايطة
ماجدة المعايطة ( الثلاثاء ) 26/1/2016 م …
قبل فتح “سوق” الرصد الجوي والترخيص للقطاع الخاص بأن يصدر نشرات طقس، كان يفترض تنظيم هذا القطاع وضبطه بشروط ومواصفات تضمن لهذه الخدمة أن تكون كما يجب ، وتتنافس فيما بينها على جودة الخدمة بالدقة والموضوعية وبالتالي على ثقة المستهلك ، الذي هو المواطن والمؤسسات.
هذه بديهيات، لكنها مثل بقية عمليات الخصخصة التي طبقناها خلال العقد الماضي: أعطينا التراخيص للقطاع الخاص ليدخل منافسا للحكومة ،بكل ما في المنافسة من طباع ضيق الصدر وشراسة عدم قبول الآخر، الى حدّ التراشق بالاتهامات والطعن بالصدقية والكفاءة. حتى إذا ارتفع صراخ الناس وشكاويهم عدنا وفكرنا بوضع ضوابط للاختصاص والجودة.
مناسبة الحديث في موضوع نشرات الطقس هي الثلجة التي لكثرة ما جرى التهويل فيها بالمزاودة والمناقصة، تحولت الى كابوس أربك الجميع ، ابتداء من الحكومة التي لم تستطع حتى اللحظة الاخيرة ان تحدد إن كانت ستعطل الدوائر، وانتهاء بالمخابز ومحطات البنزين. وهذه ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة ما دام الحال كما هو.
ربما لأن الكثيرين لا يعرفون فنيات الرصد والتنبؤ الجوي، فانه يسهل التلاعب بمعلوماتهم وقناعاتهم وأمزجتهم. فلدينا جهتان تقدمان نشرة الطقس المحلية وبأسليب متفاوتة : واحدة حكومية عمرها ستة عقود ، يعرفها الناس من ايام كوانين النار والتحلّق حول صوبات الكاز لمشاهدة التلفزيون ونشرة الطقس، والثانية قطاع خاص جرى الترخيص لها مؤخرا وسط حفاوة رسمية واعلامية . وزاد في تعقيد الصورة وازدحامها أن حاملي الهواتف الذكية يستطيعون الان الدخول بأي لحظة على تطبيقات هاتفية محلية ودولية تقدم نشرات طقس بالمجان، مع تشويق بالعناوين والتفاصيل والرسائل الاعلامية.
مصالح الارصاد الجوية في العالم نشأت اساسا لسلامة الملاحة الجوية ، المدنية منها والعسكرية، ثم توسعت باصدار نشرات للطقس والمناخ ، يومية واسبوعية وفصلية. ولشدة ما تتضمنه هذه المهنة من تقنيات ومصادر معلومات وتحليلات للخرائط والرياح والرطوبة، فانها اضحت بالضرورة صناعة كمبيوترية معقدة عالية التكاليف وكثيفة العمالة المتخصصة ، على نحو لا تتحمله سوى الحكومات. .وفي المقابل توسعت وسائط الاعلام في استقاء المعلومات من مصادرها العديدة المتخصصة وأضحت تقدمها للناس بكفاءة القطاع الخاص في استخدام طرق عرض الخرائط وتوفير المذيعين المحترفين الذين يستحوذون على ثقة الناس بالممارسة وهي مسائل ليس كل حكومات العالم تتقنها .
والحل ؟
كلا الخدمتين ضروري للناس. الحل هو أن تتعلم الحكومات المتعاقبة من أخطاء بعضها: تنهي الاحتكار وتفتح سوق الرصد والتنبؤ والاعلام الطقسي للقطاع الخاص لكن بعد أن تضع له الضوابط التي تحمي المستهلك (المواطن) بحيث لا يدخل هذه المهنة– كأي مهنة أخرى – الا المؤهلون علميا وفنيا .وستكون عندها للمجتمع المدني والاعلام أدوارهم الرقابية التي تمنع الشطط والسباق الاعلامي على حساب عقول الناس وجيوبهم .
الحكومة التي لم تفعل ذلك باستطاعتها الان ان تصحح خطأها وتعتذر، اذا كان هناك من تضرر.. وما أكثرهم
التعليقات مغلقة.