هل أصبح «أبو بكر البغدادي» على حدودنا؟! / د. رفعت سيّد أحمد

 

د. رفعت سيّد أحمد ( مصر ) الثلاثاء 26/1/2016 م …

المعلومات الجديدة الواردة من ليبيا تتحدّث عن وصول أبو بكر البغدادي وعدد من قيادات «داعش» إلى سرت وقيامهم بالتدريب المسلّح لعمليات طيران انتحارية ضدّ مصر والجزائر!

الوثائق تؤكد أنّ داعش المصرية تنوب عن أبي بكر البغدادي وجماعته الإرهابية في الوظيفة والدور القائم على استنزاف الجيش وضرب الاستقرار الوطني في مصر

الجماعات الإرهابية تحاول أن تشوّه ذكرى ثورة 25 يناير، بأحداث عنف متنقلة للإيحاء بأنّ الأمن في مصر مضطرب وأنها على أبواب ثورة جديدة

القصة الكاملة لأبي بكر البغدادي تؤكد أننا أمام إرهابي متنقل، من المحتمل جداً أن يأتي إلى حدود مصر ويهدّد استقرارها، ومن الواجب الانتباه لهذا الخطر القادم من ليبيا سواء عبر البغدادي أو الجماعات الإرهابية الأخرى وعددها 45 جماعة أشهرها جماعة فجر ليبيا الإخوانية المموّلة من قطر وتركيا!

تواترت في الأيام الأخيرة أنباء صحافية وسياسية مهمة من داخل العراق وليبيا عن وصول أبو بكر البغدادي، مصاباً، ومريضاً إلى ليبيا وتحديداً إلى مدينة سرت المقرّ الرئيسي الآن لجماعة داعش الليبية، وأنه قد بدأ يتعافى ويعيد ترتيب صفوف الجماعات المسلحة هناك، والتي وصل عددها إلى قرابة الـ45 جماعة أشهرها بالإضافة لداعش، جماعة فجر ليبيا الإخوانية التي تحكم طرابلس وتموّلها قطر وتركيا، وأنّ داعش الليبية قد بدأت إثر زيارة ثم إقامة البغدادي بعد سلسلة من التدريبات المسلحة على نماذج طائرات حديثة لاستخدامها في عمليات انتحارية وإرهابية ضدّ أهداف مصرية وجزائرية على الحدود، وفي روايات أخرى أنّ الذي تواجد الآن في ليبيا هم بعض القادة المتميّزين عسكرياً ومخابراتياً من قيادات داعش العراقية، وأنهم قد بدأوا في تدريب عناصر داعش الليبية على أعمال إرهاب جديدة ومنها ضرب مصافي النفط أو السيطرة عليها واستهداف المصالح والأهداف المصرية الممتدة عبر 1100كم2 هي طول الحدود المصرية/الليبية.

إنّ أنباء قدوم البغدادي إلى ليبيا تدعونا إلى البحث في طبيعة هذه الشخصية وتاريخها الدموي، والذي نرى بداية أنه هو الذي يؤهّلها لأن تتحوّل إلى أداة دموية متنقلة وأنه يرجح أن يدفعها إلى القدوم إلى ليبيا، وإلى توجيه عمليات إرهاب جديدة ضدّ مصر، لأنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا تزال تمتلك جيشاً متماسكاً وقادراً على إحباط مخططاتهم الإرهابية الهادفة للاستنزاف والتدمير لبنية الدولة المصرية.

إنّ شخصية أبو بكر البغدادي، وتاريخه الدموي يؤهله لأن يكون حاضراً ليس فحسب بتنظيمه ولكن بجسده ومخططاته الإرهابية المباشرة ضدّ مصر انطلاقاً من ليبيا التي تتحوّل الآن إلى دولة ممزّقة إلى عدّة دويلات أخطرها دولتي فجر ليبيا و داعش سرت ، فماذا عن تاريخ أبو بكر البغدادى وحقيقته؟

الدموي المتنقل!

يحدّثنا التاريخ أنّ اسمه الحقيقي هو إبراهيم عواد إبراهيم ، ولد عام 1971 في مدينة سامراء العراقية، وهو ينتمي إلى عشيرة البدري.

وينقل تقرير لصحيفة تلغراف البريطانية أنّ البغدادي انتقل إلى حيّ الطبجي في بغداد وهو في سنّ الـ18 حيث حصل على شهادته الجامعية الأولى والماجستير من جامعة العلوم الإسلامية ثم حصل على الدكتوراه في القانون الإسلامي من الجامعة ذاتها في العام 2000. وبقي البغدادي في الحيّ نفسه حتى عام 2004، وكان يسكن في غرفة ملاصقة لمسجد الحيّ الذي عمل فيه إماماً لنحو 14 عاماً، لكنه غادر المنطقة إثر خلاف مع باني المسجد وأهل الحيّ.

ونقلت الصحيفة عن أبي أحمد أحد المصلين في المسجد في تلك الفترة أنّ البغدادي كان أفضل لاعب كرة قدم ضمن فريق المسجد، وكانت هي الرياضة الوحيدة التي يمارسها.

وتنقل صحيفة عربية تصدر في لندن عن أستاذ درس البغدادي على يديه أنّ الشاب لم يكن سلفياً، وتخصّص في التجويد، ولا علاقة له بغير التلاوة، في حين تشير مواقع جهادية إلى حصوله على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية.

التحق البغدادي بجماعة التوحيد والجهاد التي تستلهم نهج تنظيم «القاعدة»، وكان يقودها الأردني أبو مصعب الزرقاوي، وكانت تقاتل في محافظة الأنبار. وقد اعتقلته قوات الاحتلال أواخر عام 2005 وسجن لمدة أربعة أعوام في سجن بوكا في البصرة حيث تعرّف إلى أعضاء معتقلين من تنظيم «القاعدة» وانضمّ إليهم. وحيث يتردّد أنه قد تمّ تجنيده من قِبَل المخابرات الأميركية وقتها والتي كانت تحتلّ العراق.

وتقول معلومات وزارة الداخلية العراقية بهذا الصدد إنّ الدكتور إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي «كان يُعرف بأبي براء وتشرّب الفكر التكفيري من قادة التنظيم الذين كانوا معتقلين معه وقتذاك».

أبو بكر البغدادي وفقاً لمؤرّخي سيرته – هو المسؤول عن كافة النشاطات العسكرية لتنظيم «القاعدة» في العراق في تلك الفترة، ووجه وأدار مجموعة كبيرة من الهجمات والعمليات كهجوم 28 أغسطس/آب 2011 على جامع أم القرى الذي أدّى إلى مقتل 6 أشخاص من بينهم خالد الفهداوي. وبعد مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في 2/5/2011 هدّد أبو بكر بالانتقام العنيف بسبب وفاته. وأعلن في 5 مايو/أيار 2011 عن مسؤولية تنظيمه عن الهجوم الذي وقع في مدينة الحلة والذي نتج عنه مقتل 24 عسكري وإصابة 72 آخرين. يعني قتل عراقيين مسلمين بدلاً من أن يقتل الأميركان الذين قتلوا أسامة بن لادن، وهو الأمر الذي يثير الريبة في دور وشخصية وعلاقات أبو بكر البغدادي بالأميركان! وتحدّثنا الوقائع التاريخية الدامية لتاريخه أنه في شهرين فقط بين مارس/آذار وأبريل/نيسان 2011 أعلن التنظيم عن مسؤوليته عن 23 عملية هجومية في جنوب بغداد بناءً على أوامر أبو بكر.

في 15 أغسطس/آب 2011 تمّ تنفيذ مجموعة من العمليات الانتحارية من النتظيم الذي يديره البغدادي، وبدأت مجموعة العمليات في مدينة الموصل ونتج عنها وفاة 70 شخصاً. وتعهّد التنظيم بتنفيذ 100 عملية انتحارية انتقامًا لمقتل ابن لادن.

في 22 ديسمبر/كانون الأول 2011 وقعت سلسلة انفجارات بالعبوات الناسفة والسيارات الملغّمة ضربت كثير من أحياء بغداد نتج عنها مقتل 63 شخص وإصابة 180 آخرين. وجاء الهجوم بعد أيام قليلة من انسحاب القوات الأميركية من المنطقة.

عميل بدرجة شيخ معمّم!

هذا… ولقد ذكرت صحيفة «راديكال» أنّ المستشار السابق بوكالة الأمن القومي وعميل جهاز الاستخبارات بالولايات المتحدة، إدوارد سنودن، ادّعى أنّ قادة ومسؤولي تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» تلقوا تدريبات خاصة من قِبل أجهزة استخبارات الولايات المتحدة و«إسرائيل» وبريطانيا، وذلك في وقت سابق من بدء عملياتها المسلحة بالعراق وسورية.

وأضافت «راديكال» أنّ اللاجئ السياسي في روسيا، سنودن، أوضح أنّ أجهزة الاستخبارات «الإسرائيلية» والبريطانية متورّطة في تأسيس ورعاية كافة التنظيمات الإرهابية بالعالم، وذلك في إطار الاستراتيجية السياسية التي تسمّى «عش الدبابير»، التي تتبناها عدة دول غربية.

كما أكد سنودن، أنّ «إسرائيل» تستهدف من تشكيل تلك الجماعات والتنظيمات المسلحة، استغلالها في إشعال الصراعات الداخلية بمنطقة الشرق الأوسط، والذي من شأنه حماية المصالح «الإسرائيلية» في المنطقة.

وأوضح عميل وكالة الأمن القومي الأميركية السابق، أنّ زعيم تنظيم «داعش»، أبو بكر البغدادي، تلقى تدريبات عسكرية مكثفة على مدار عام كامل على يد جهاز الاستخبارات «الإسرائيلي ـ الموساد»، فيما تلقى خلال تلك الفترة بعض الدورات الخاصة بالتعاليم الدينية واكتساب مهارات الخطابة، مضيفاً أنّ البغدادي التقى في العاصمة الأميركية واشنطن في وقت سابق بعد الاحتلال الأميركي للعراق أي خلال الفترة من 2004 2010 السيناتور الجمهوري، جون ماكين، وذلك قبل لقائه في ما بعد في منطقة حدودية جنوب تركيا.

إنّ هذه الشخصية الدموية والصديقة للأميركيين، يحتمل جداً أن تنتقل إلى أي مكان تريده الأجهزة المخابراتية التي تحركها، وليبيا هي أحد الأماكن المرشحة للدور الجديد للبغدادي في تفكيك ما تبقى من الدول العربية وتحديداً مصر والجزائر.

دلالات حضور البغدادي

سواء صدقت المعلومات وكان البغدادي الآن في ليبيا، أو لم تصدق، وأنه لا يزال في العراق، فإننا نؤكد الآتي:

أولاً: «تنظيم داعش ولاية سيناء» ينوب الآن عن البغدادي ومخططاته الدامية وتحالفاته التاريخية المريبة مع الموساد والـ C.I.A ، وذلك عبر سلسلة عملياته الدامية في سيناء أو في الغردقة، والآن في المنيب بالقاهرة وأنّ ذات الفلسفة الإجرامية التي تستحلّ الدماء، وتكفّر الآخر، والتي دعا إليها البغدادي منذ العام 2004 منذ أيام أبو مصعب الزرقاوي، هي ذاتها الأفكار والسياسات التي يتبعها تنظيم داعش ولاية سيناء وبالتالي سواء حضر البغدادي بجسده أو لم يحضر فإنّ مجرمي داعش في مصر وليبيا يحلون محله، وينوبون عنه، ومن المهمّ جداً الانتباه إلى أنهم بمخططاتهم القادمة الدامية امتداد طبيعي لأبي بكر البغدادي وجماعته في العراق وسورية، وأنّ هذا يستدعي من مصر أن تنحاز وبوضوح إلى الدولة العراقية وحشدها الشعبي، والدولة السورية وجيشها العربي، في مواجهة داعش دون تردّد أو مجاملة للسعودية ودول الخليج تحديداً. فأمن مصر القومي أوْلى وأهمّ من اعتبارات المال والنفط!

ثانياً: مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير، على أجهزة الأمن وجيشنا الوطني المضحّي وباقي قوى المجتمع المصري السياسية والدينية، أن ننتبه جيداً إلى أنّ ثمة أعمال عنف وإرهاب كبيرة ستحدث من أتباع أبو بكر البغدادي في مصر، وذلك لكي يشوّهوا هذه الثورة العظيمة ولكي ينسبوا لها ولذكراها هذا الإرهاب الدامي، وهي بريئة منه تماماً ومن هؤلاء الإرهابيين ومن يؤيدهم من العناصر الشاذة التي تحاول أن تنسب نفسها إلى ثورة 25 يناير.

ثالثاً: لقد سبق، ونصحنا، ونعيد الآن النصيحة بضرورة الضربات الاستباقية مصرياً وعالمياً وعربياً لهذه الجماعات الداعشية الموجودة في ليبيا والتي يبعد بعضها حوالى 60 كم فقط عن الحدود مع مصر. هذه الجماعات سوف تتحوّل إنْ لم يتمّ ضربها مبكراً وعبر مخططات دولية واضحة وليس منتقاة كما يتمّ الآن فإنها ستتحوّل إلى خطر كبير على أمن مصر القومي وسوف تحوّل الساحل الشمالي أحد المصادر السياحية المصرية المهمة والمتبقية إلى أرض مخترقة وسوف تستنزف الجيش والقرى السياحية هناك بطريقة دامية، فلنحذر ولنبدأ المواجهة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.