تل أبيب تُقوّي علاقاتها مع قبرص واليونان لتخفيض ثمن المُصالحة مع أنقرة

 

الأردن العربي ( الخميس ) 28/1/2016 م …

الناصرة – من زهير أندراوس:

 *تصريحات يعلون عن دعم أنقرة للإرهاب انتكاسة لمساعي تطبيع العلاقات بين البلدين

يبدو أنّ صنّاع القرار في تل أبيب، يعملون بدون كللٍ أوْ مللٍ على تخفيض “ثمن المُصالحة” مع تركيّا، بعد أنْ توصّلوا إلى نتيجةٍ بأنّها تُعاني من عزلةٍ دوليّةٍ-إقليميّةٍ، وتحديدًا في منطقة الشرق الأوسط. وفيما وُصف بأنّه انتكاسة للمساعي التركيّة باتجاه المصالحة مع إسرائيل، ربمّا تغلق الأبواب إلى أجل غير مسمى أمام التحرك التركيّ لعودة العلاقات الإستراتيجية مع الدولة العبريّة، أكّد مسؤولون في الحكومة الإسرائيليّة، على أنّ تركيّا تدعم تنظيم (داعش) ماديًا وبشريًا، من خلال بوابة بيع النفط المُهرّب من سوريّة والعراق، وتسهيل مرور العناصر الإرهابيّة الأجنبيّة إلى قواعد التنظيم.

وكشفت إسرائيل صراحةً، على لسان وزير أمنها، موشي يعلون، أنّ تركيا أغدقت على تنظيم داعش بالأموال، مقابل الحصول على النفط الذي يتم تهريبه بمساعدة تركية، نقلاً وشراءً وتصديرًا، وغنيٌ عن القول إنّ تصريح يعلون، لما كان ليصدر لولا الضوء الأخضر، الذي حصل عليه من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو. وقال يعلون، وفقًا لبيانٍ رسميٍّ صادرٍ عن وزارة الأمن الإسرائيليّة، إنّ تركيا سمحت للـ”جهاديين” بالسفر من أوروبا إلى سوريّة والعراق والعودة ضمن شبكة داعش الإرهابية، وآمل أنْ يتوقف هذا. وأضاف يعلون، عقب اجتماع مع نظيره اليوناني بانوس كامينوس في أثينا أمس الأوّل: كما تعلمون فإنّ داعش نعمت بالأموال التركيّة مقابل النفط لفترة طويلة جدًا، آمل أن ينتهي هذا أيضًا، على حدّ تعبيره.

وتزامنت تصريحات يعلون مع تقرير مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب،، وتضمن معلومات نسبت إلى مصادر أمنية، وصفها التقرير بأنّها مصادر عليمة، تناولت خط سير شاحنات النفط المهرب إلى تركيا، والكميات التقريبية شهريًا، والمبالغ التي حصل عليها تنظيم داعش عبر وسائط  تركية سريّة.  وبكلمات أخرى، يُمكن القول والفصل أيضًا إنّ تل أبيب بدت وكأنّها حزمت أمرها، وقررت عدم الرهان بالمطلق على الحصان التركيّ الخاسر.

فتصريحات يعلون، واتهاماته انقرة بأنها تؤيّد الإرهاب وتدعم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تثير تساؤلات حول إنْ كانت المسألة تتعلق ببدء طلاق لا رجعي بين الجانبين، أوْ أنّها في سياق الضغوط القاسية جدًا باتجاه انقرة، حول الشروط والشروط المقابلة، للمصالحة بين الجانبين.

وللتدليل على هذا التوجّه في السياسة الإسرائيليّة، كشفت وسائل الإعلام العبرية أمس، توجه إسرائيل إلى اليونان، الخصم اللدود لتركيا، لعقد تحالفات معها إلى جانب قبرص، والتي لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل تشمل أيضًا جوانب أمنية وسياسية واسعة جدًا. في هذا السياق، ذكرت أنباء تل أبيب عن تحرك إسرائيليّ يونانيّ مشترك، من شأنه إغضاب الأتراك وإثارة خشيتهم، ومن بينها عقد جلسة مشتركة للحكومة الإسرائيلية والحكومة اليونانية، بكامل أعضائهما في تل أبيب، برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، ونظيره اليوناني أليكسيس تسيبراس. علاوة على ذلك، أشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أنّ الجلسة المشتركة بين الجانبين، شهدت مراسم توقيع العديد من الاتفاقيات الرامية إلى تعزيز التعاون البيني في مختلف المجالات، الأمنية والسياسية والاقتصادية، وأيضًا مكافحة الإرهاب، مشدّدّة على أنّ  نتنياهو وتسيبراس سيتوجهان غدًا إلى نيقوسيا، للمشاركة في قمة ثلاثية إلى جانب الرئيس القبرصي، نيكوس اناستاسيادس، قد تشهد إعلان مشترك حول ائتلاف للتعاون بما يرتبط بالمصالح المشتركة للإطراف الثلاثة.

وفي هذا الإطار، قالت صحيفة (معاريف) إنّ الاتصالات الإسرائيلية مع الجانب اليوناني لم تتوقف في الفترة الأخيرة، برغم التحسن في الاتصالات التي كانت جارية في الموازاة مع الجانب التركي. كما لفتت الصحيفة، نقلاً عن مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب، إلى أنّه سُجّل في الأشهر الأخيرة تقارب كبير جدًا بين نتنياهو ونظيره اليوناني، وجلسة اليوم في القدس هي الثالثة بين الجانبين في هذه الفترة. وفصلت الصحيفة حول الاتفاقات التي جرى توقيعها في جلسة القدس المشتركة بين الحكومتين، وأشارت إلى أنّها شملت التعاون في شؤون السياسة الخارجية والأمن والاقتصاد والطاقة والبيئة والسياحة والنقل البحري والاتصالات.

جديرٌ بالذكر، أنّ القناة العاشرة في التلفزيون أوضحت بصورةٍ غيرُ مباشرةٍ، الأسباب التي دفعت تل أبيب إلى المقاربة الفجّة مؤخرًا مع أنقرة، بما يفهم أنّها نوع من شدّ حبال بين الجانبين، وضغط إسرائيلي قاسٍ على تركيا لتحقيق شروطها في اتفاق المصالحة التي بدأت تتبلور في الآونة الأخيرة.

وبحسب المصادر التي تحدثت للتلفزيون الإسرائيليّ، توصّل الطرفان إلى اتفاقٍ شفهيٍّ على تطبيع العلاقات، مشيرة إلى أنّ الأسبوع المقبل سينعقد اجتماع بين الدولتين لبحث الاتفاق الخطي الذي قد يفضي إلى استئناف العلاقات بين الجانبين، إلّا أنّ الأتراك قاموا بتقديم طلبًا جديدًا وإشكاليًا جدًا بالنسبة لإسرائيل، يتعلّق برفع الحصار عن قطاع غزة.

علاوة على ذلك، لفتت المصادر عينها، كما أفاد التلفزيون الإسرائيليّ، إلى أنّ تل أبيب نقلت إلى أنقرة مسودّة خطيّة حول أسس الاتفاق من وجهة نظرها، فيما الأتراك لم يردوا بعد عليها، ومن المتوقّع أنْ يعطوا ردهم في الاجتماع الذي سيُعقد الأسبوع المقبل. وخلُصت المصادر ذاتها إلى القول إنّ الطلب التركيّ برفع الحصار عن غزة، هو طلب تحدّث عنه الأتراك علنًا عدة مرات، لكنّهم لم يطرحوه في اللقاءات السابقة، الأمر الذي يعني أنّ الدولة العبريّة ستكون مضطرة لإيجاد صيغة تمنح الأتراك شعورًا بأنّهم حصلوا على مطلبهم، بموضوع الحصار، حسبما أكّدت.

يُشار إلى أنّ إسرائيل كانت قد أعلنت جهارًا نهارًا عن رفضها القاطع للاستجابة للطب التركيّ برفع الحصار عن قطاع غزّة، الأمر الذي يضع حجر عثرة آخر في الطريق إلى المُصالحة بين البلدين.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.