الجيش السوري يقول كلمته في جنيف-3

 

الأردن العربي ( السبت ) 30/1/2016 م …

قررت التنظيمات الإرهابية في ريف حماة الشمالي، وريف درعا الجنوبي، شنّ ما وصفوه بـ”الهجوم المعاكس” على نقاط الجيش العربي السوري في مناطق انتشارها، وبعد ساعات من التطبيل والتزمير الإعلامي، عادت ذات التنظيمات إلى مواقعها الأساسية محمّلةً بعشرات القتلى والمصابين، وبدون “عتاد عسكري”، حيث تمكّنت وحدات الجيش السوري التي كانت تراقب التجهيزات الإرهابية عن كثب، من توجيه ضربات مؤلمة للقطعان المهاجمة، فلا تمكّنت تلك التنظيمات من إعادة السيطرة على مدينة “الشيخ مسكين”، ولا تمكّنت من خرق خطوط دفاع الجيش في ريف حماة الشمالي، لكنها خسرت عنصر المفاجأة الذي طالما كان سلاحها “الخفي” في وقت سابق..

فشل هجوم أمس الجمعة، جاء مع بدء وصول الوفود المدعوّة لحضور محادثات جنيف 3، بين وفد الحكومة السورية الذي يقوده الدكتور بشار الجعفري، و”مجموعة وفود” للمعارضة التي يجمعها شيء واحد فقط هو رئاسة “رياض حجاب” لهذا الإئتلاف الذي يعاني حتى اللحظة من تشققات بين مفصاله قد تستدعي بأي لحظة انسحابه “على صيغة الفشل” من المؤتمر، لذا جاءت هجمات أمس كمحاولة أخيرة لتدعيم موقف “المعارضة” أمام المجتمع الدولي الذي وعلى مايبدو بدأ التمهيد الجدي لـ”سحب يده من دعم هذه الفصائل المنقسمة على نفسها”، والتي توّجها وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” بتوجيه تهديد مباشر لـ”حجاب” باستثمار هذه الفرصة لأن القادم لن يكون بمصلحتهم، لكن ومع فشل هجمات أمس، بات غالب الظن أن هذه المعارضة فقدت آخر أوراقها على طاولة المفاوضات.

بالعودة للميدان السوري، فقد أكد مصدر عسكري لعربي برس، أن صد الجيش السوري أمس للهجوم “العنيف” الذي شنّته الميليشيات الإرهابية على نقاط الجيش في ريف حماة الشمالي خاصة على جبهة “المصاصنة – معان – الزلاقيات”، جاء بعد معلومات دقيقة حضرت على طاولة القادة العسكريين حول اعتزام التنظيمات الإرهابية لشن هجوم وتحقيق سيطرة على نقاط الجيش السوري المتقدّمة “بين ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي”، لذا اتخذ القادة العسكريين قراراً بانتظار القطعان المهاجمة للبدء بالهجوم، حيث قامت وحدات الجيش المتقدّمة بتشكيل “انسحاب وهمي” ترافق مع بدء الهجوم على نقاطها في “البويضة – الزلاقيات”، إلى الخطوط الخلفية، بهدف تدعيم حواجز الجيش الخلفية ومن ثم إعادة ترتيب الهجوم المعاكس.

وأضاف المصدر أنه وبعد انسحاب القوات المتقدّمة، استغل عناصر الإسناد من الجيش السوري تقدّم التنظيمات الإرهابية من “البويضة” باتجاه بلدة “المصاصنة” وبدأ سلاح الدفعية والصواريخ عمليات النسف الكامل، والذي ترافق مع غارات مشتركة لسلاح الجو السوري – الروسي على الخطوط الخلفية للميليشيات الإرهابية، بهدف حصرهم بين موجتي نيران، امتزجت مع اشتباكات مباشرة مع وحدات الجيش السوري التي بدأت هجومها المعاكس لاسترداد نقاط الانسحاب، حيث وصف المصدر المعركة بأن “قواتنا نفذت محرقة حقيقية بقوات العدو ومقتل مايزيد عن ثلاثين مهاجم و تدمير آليتين”.

أما على محور “معان” أيضاً في ريف حماة الشمالي، وبعد أن حشدت التنظيمات الإرهابية أعداداً كبيرة في “سكيك وعطشان والتمانعة”، حاولت الدخول من شرقي بلدة “معان”، حيث وبحسب المصدر، ما أن تم رصدهم من قبل قوات الرصد المتقدمة، “حتى بدأت المدفعية بحصد رؤوسهم بكل الاتجاهات، واستطاعت قواتنا إجهاض هجوم العدو وتكبيده خسائر جمّة بالعناصر والآليات”، بحسب المصدر العسكري.

وعلى جبهة درعا، فقد حاولت التنظيمات المتشددة تنفيذ هجوم على نقاط الجيش السوري في وخربة غزالة وكفر شمس ومدينة الشيخ مسكين، التي سيطر عليها الجيش الأربعاء الفائت، حيث فشل الهجوم فشلاً ذريعاً قبل أن يبدأ، ولم تتمكن الميليشيات المهاجمة من التقدم خطوة واحدة باتجاه القوس الذي رسمه الجيش في محيط المدينة الاستراتيجية، فيما قال مصدر عسكري لعربي برس أن الهجوم الذي استهدف “الحي الغربي” للمدينة، أسفر عن مقتل عشرات المهاجمين وتدمير عدة آليات، دون تسجيل أي خسائر في صفوف الجيش السوري.

الجدير بالذكر أن 12 فصيلاً شارك بهجوم أمس على نقاط الجيش السوري في درعا وهي: “لواء نصر الإسلام ـ لواء المهاجرين والانصار ـ جيش الإسلام ـ تجمع احرار عشائر الجنوب ـ الجيش الحر ـ حركة المثنى ـ حركة أحرار الشام ـ فرقة شباب السنة ـ الجيش الحر ـ جيش اليرموك ـ الجيش الحر ـ لواء “رجال الحق” التابع لـ “فرقة فجر التوحيد” ـ “فرقة صلاح الدين” ـ الجيش الحر ـ جيش العشائر ـ جبهة النصرة”.

خطوط الدفاع التي رسمها الجيش السوري في محيط مناطق سيطرته، بدأت تُعطي مفعول عكسي على الميليشيات المهاجمة، وهو دليل على أن الجيش السوري بدأ بتكثيف عملياته حول نقاط “التثبيت” وتحصين مواقعه، بالوقت الذي تقوم وحدات متخصصة منه بعمليات الهجوم المعاكس واستعادة المناطق من أيدي الميليشيات الإرهابية خاصة في ريف اللاذقية الذي بات قاب قوسين من إعلانه منطقة آمنة، إضافة إلى مدينة ريف درعا الذي وعلى مايبدو يتحضر ليكون ساحة العمليات القادمة انطلاقاً من الشيخ مسكين، وهو ماتنتظره مدينة إدلب، وثبات قوات الجيش السوري في نقاطها، نستطيع أن نراه أيضاً في محيط تدمر والقريتين في ريف حمص الشرقي، حيث أجبرت عمليات الجيش هناك تنظيم داعش، على الاكتفاء بالدفاع عن مواقعه بعد فشله في تحقيق أي تقدم بالمنطقة بعد سلسلة هجمات “حاول” تنفيذها خاصة على المنطقة الفاصلة بين القريتين ومهين التي استعادها الجيش أواحر العام الماضي.

انطلاق فعاليات جنيف3 بوفد حكومي سوري واحد، وثبات القوات العسكرية وحفاظها على مسير عملها الميداني لاستعادة المناطق من سيطرة الميليشيات الإرهابية، يدل على عزم الدولة السورية على التنسيق بين العمل الديبلوماسي والميداني بآن واحد، وحرمات “المعارضة الأمريكية – السعودية المعتدلة” من أي ورقة لاستخدامها في المحادثات التي كان من المفروض أن تبدأ أمس الجمعة، لكن وحتى الآن، لم يبتّ القائمين الأمميين على المحادثات بوقت محدد لانطلاقها، نظراً للانقسامات التي تعاني منها وفود المعارضة، إضافةً إلى محاولتها “التذاكي” على اللاعبين الدوليين وتمرير شروط تفاوض، رفضها الجانب الأمريكي قبل أن أن يرفضها الجانب السوري، لكن من المؤكد، أن الرياض تحاول “المماطلة” علّ “مرتزقتها” يتمكّنون من تحقيق أي “تقدّم” يذكر تتمكن من خلاله “الضغط” على الجانب السوري… وهو على مايبدو لم ولن تحصل عليه حتى الآن.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.