في الشأن الداخلي اللبناني بعد خطاب السيد نصرالله

 

الأردن العربي ( السبت ) 3/1/2016 م …

كتب المحرّر السياسي لجريدة البناء اللبنانية …

معارضة «ببكي وبروح» قرّرت أن تبكي وتروح و… المشاركة في جنيف نصرالله: التزامنا مع عون نهائي حتى ينسحب… ولا يُربكنا ترشيح جعجع له فرنجية حليفنا والرئاسة لفريقنا دون السلة… والمطلوب التوافق لإنتاج رئيس.

مع الإعلان عن سير أعمال مسار جنيف للحلّ السياسي في سورية وفقاً للقرار الأممي 2254 دون مشاركة جماعة الرياض، تسارعت وتيرة المشاورات الأميركية السعودية مع جماعة الرياض التي سبق وأعلنت مقاطعة اللقاءات، وأسفرت عن إعلان تلقي الجماعة ضمانات كافية لاتخاذ قرار المشاركة، بينما قالت مصادر مطلعة إنّ الجماعة لم تتلقّ ما يتخطى ما كانت قد تبلّغته قبل يومين عن اعتبار المعارضين الآخرين المشاركين ضمن إطار مجموعة هيئات المجتمع المدني وممثلي شرائح الشعب السوري التي يستعين بها المبعوث الأممي لبلورة الأفكار والمقترحات، من جهة، وبأنّ قضايا الإغاثة ووقف إطلاق النار المنصوص عليها في القرار الأممي كانت وستبقى أهدافاً للأمم المتحدة ضمن العملية السياسية وقبلها وبعدها، ونفت المصادر أن تكون الجماعة قد تطرّقت من قريب أو بعيد إلى أنّ لقرارها بالمقاطعة أيّ صلة بما تبلّغته عن كون سقف العملية السياسية هو تشكيل حكومة وحدة وطنية في ظلّ رئاسة الرئيس السوري بشار الأسد، ولا أن تكون الضمانات التي يجري الحديث عنها تتصل بهذا الأمر من قريب أو بعيد، خصوصاً أنّ القرار الأممي حاسم لهذه الجهة، ويترك نافذة واحدة للدخول على خط الرئاسة وهي الانتخابات النيابية والرئاسية بعد انتهاء الحرب على الإرهاب ووضع دستور جديد.

إذن قرّرت معارضة «ببكي وبروح» أن تبكي وتروح، فكما قال بعض رموزها لقد تغيّرت موازين القوى وتغيّرت تعهّدات الحلفاء والواقعية السياسية تقتضي عدم تجاهل المتغيّرات، والتموضع حيث تتيح التوازنات الوقوف، ومن المتوقع أن ينضمّ وفد جماعة الرياض إلى الأماكن المخصصة له في مقرّ لقاءات جنيف اليوم ليتمّ تنسيق اللقاءات غير المباشرة التي ستجمع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ومستشاريه مع الوفد الحكومي ووفد جماعة الرياض وممثلي الأطراف المعارضة الأخرى، ولو دون آمال التوصل إلى نتائج في هذه الجولة التي يتوقع أن تستمرّ عشرة أيام فتلاقي موعد اجتماع ميونيح للمشاركين في مسار فيينا الذي تشارك في مستويات دولية وإقليمية معنية بما يجري في سورية أبرزها روسيا وأميركا والسعودية وإيران، وينتظر أن تنعقد جولة ثانية في آذار المقبل وثالثة في أيار، بانتظار تبلور شكل الحكومة المنشودة، مع تقدّم العمل العسكري في الميدان السوري لمصلحة الجيش السوري وتغيير الخارطة الداخلية للمشاركين في جماعة الرياض عبر النتائج المترتبة على تلقي الجماعات المسلحة التي ستصنّف إرهابية المزيد من الضربات ما يجعل وجودها عبئاً بلا مكاسب، فتتهيأ ظروف اللقاءات التي يمكن أن تؤسّس لتشكيل حكومة وحدة وطنية تقف وراء الجيش السوري في الحرب على الإرهاب، يمنحها الغرب والعرب وسائر الدول اعترافاً بشرعيتها ويبدأ مسار رفع العقوبات وإعادة السفارات وفك الحصار، ما يسهّل مقتضيات الحرب على الإرهاب.

لبنانياً، قطف الاستحقاق الرئاسي الأضواء مع الكلمة المتلفزة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الذي خصّص كلمته لهذه الغاية، مجدّداً بوضوح قرار الحزب بالوقوف وراء ترشيح العماد ميشال عون، رغم انضمام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مؤيداً لهذا الترشيح من جهة، ورغم ترشيح الرئيس سعد الحريري لـ«النائب الحليف والصديق سليمان فرنجية»، معلناً إعفاء الآخرين من المطالبة بسلة تفاهمات ترافق الرئاسة، لأنّ هدف السلة كان تثبيت الرئاسة للثامن من آذار، وقد تحقّق، ويبقى أنّ تحريك الرئاسة رهن بضمان انتخاب عون بحضور ومشاركة الرئيس الحريري، أو بأن يقرّر عون بدون تدخل حزب الله سحب ترشيحه، وهذا هو معنى رئاسة لا غالب ولا مغلوب فيها، تشكل مدخلاً لإقلاع مشروع الدولة لا مشروع فتنة، ولذلك المطلوب التروّي وعدم التسرّع ومنح الحوار والتوافق المزيد من الفرص والإقلاع عن «المزايدات السخيفة» والتوقف عن لعبة تسجيل النقاط، لأنّ المطلوب رئيس قادر على منح بناء الدولة شحنة دفع يستمدّها من شبه الإجماع الذي يحظى به وليس من لعبة مواجهة تراهن على كسر فريق لفريق.

نصرالله: مستمرّون بترشيح عون ما دام مرشحاً

أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس، في كلمة متلفزة على قناة «المنار»، خصصها للحديث عن الاستحقاق الرئاسي، حملت العديد من الرسائل في أكثر من اتجاه، حيث رد على كل التساؤلات والاتهامات وحملة التشكيك التي طاولت حزب الله، لا سيما في المرحلة الفاصلة بين مبادرتَيْ ترشيح الوزير سليمان فرنجية وترشيح العماد ميشال عون، شارحاً موقف الحزب من المبادرتين الرئاسيتين وحاسماً موقفه بالالتزام بترشيح العماد عون وتمسكه بالتحالف مع الوزير فرنجية، ومصوباً كلام البعض عن طبيعة علاقة الحزب بحلفائه، ومبيناً أن هناك ربحاً سياسياً كبيراً لفريقه السياسي في مقابل انقسام فريق 14 آذار على نفسه، ومنتقداً الطريقة التي تمّ فيها ترشيح فرنجية من قبل الرئيس سعد الحريري.

وشدد السيد نصر الله على أن «علاقتنا مع حلفائنا قائمة على الثقة والاحترام المتبادل وفريق 8 آذار يتحاور بكل محبة وصدق وحرص واحترام»، كاشفاً عن أنه «خلال اجتماع مع فرنجية بعد الحديث عن ترشيحه من قبل الحريري، قلنا له علينا الانتظار والانتباه، لأنه قد يكون الفريق الآخر يريد إيقاع خلاف مع عون أو بين حزب الله وعون». كما كشف عن «أنه في جلسة أخرى قال فرنجية إن المستقبل يريد ترشيحه بشكل جدي، وقلنا له إن ذلك معطى جديد وأنت أهل للرئاسة، ولكن علينا أن نذهب إلى النقاش مع عون».

ورأى أن «طريقة ترشيح المستقبل لفرنجية بالشكل من خلال ترشيحه وتسريب الموضوع، قطعت الطريق أمام الحوار وكانت الطريقة من باريس خطأ، وكان لها معطى سلبي لدى 8 و 14 آذار». وأوضح «أننا نثق بالعماد عون ولا نحزن بترشيح خصمنا السياسي القوات اللبنانية لعون، بل على العكس نؤيّد وندعم تقارب أي فريقين سياسيين».

وأكد السيد نصر الله أن «المشهد السياسي حتى هذه اللحظة يظهر أن هناك ربحاً سياسياً كبيراً لفريقنا السياسي في مقابل فريق 14 آذار المنقسم على نفسه ثمرته أن لا رئيس من 14 آذار، وأن الرئيس المقبل سيكون من 8 آذار». وشدّد على أننا «على التزامنا مع عون طالما أنه مستمر بترشحه، حتى لو تمّ ترشيح حليفي وصديقي ونور عيني الوزير فرنجية، إلا في حالة واحدة إذا أتى العماد عون وقال أنا تنازلت عن ترشيحي»، قائلاً «لو كان اتفاقنا والتزامنا مع فرنجية منذ سنة ونصف، وأتينا اليوم إلى هذا الموقف، نحن نقول إننا على التزامنا مع فرنجية والمخرج حالياً يكون من خلال الحوار والتواصل والنقاش وعدم الاستعجال».

وجزم السيد نصر الله بأنه «إذا نزل النواب إلى المجلس النيابي لانتخاب عون لرئاسة الجمهورية، سننزل وننتخب ولا نريد مؤتمراً تأسيسياً ولا تعديلاً دستورياً وتحت الطائف ولا نريد سلّة».

فرنجية يغرّد: نصرالله سيّد الكل

وعلّق الوزير فرنجية على مواقف السيد نصرالله في تغريدة على تويتر بالقول: «السيد نصرالله سيّد الكل».

رسائل في كلام نصرالله…

وأكدت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» أن «السيد نصرالله أراد أن يوضح نقاطاً عدة في كلمته، لعل أبرزها كانت إلى جمهور التيار الوطني الحر الذي حاول جعجع ولا يزال اللعب عليه بالإيحاء أن حزب الله لا يبذل الجهد الكافي لإيصال عون إلى الرئاسة بعد لقاء معراب، فالسيد أوضح أنه ليس مَن يستطيع إلزام جميع الأطراف التوجه إلى المجلس النيابي وانتخاب عون»، أما الرسالة الثانية بحسب المصادر فكانت موجهة إلى جمهور تيار «المردة» بأن «موقفنا الداعم لعون لا يعني أننا نقف ضد فرنجية، بل هو حليفنا، ولكن ملتزمون مع عون قبل ترشيح فرنجية، خصوصاً أن الحريري حتى الآن لم يعلن ترشيح فرنجية رسمياً».

وأضافت: «أما الأهم فكان تأكيد السيد وحدة وتماسك فريق 8 آذار وارتياحه لمعطى جديد في المشهد السياسي بعد سنة ونصف على الشغور وتمسك 14 آذار بترشيح جعجع، بأننا أمام مرشحَيْن من 8 آذار وأن مسالة الرئيس من 14 آذار قد ولّت».

واستبعدت المصادر أن تترك مواقف السيد نصرالله تداعيات أو تغييرات في مواقف الأطراف، مرجّحة استمرار الانقسام الداخلي حول الملف الرئاسي، وتعزو المصادر ذلك إلى التعقيدات الإقليمية واستمرار الفيتو السعودي على وصول عون، لافتة أن «توضيح السيد نصرالله بأن إيران لا علاقة لها بتعطيل الانتخاب كان غمزاً من قناة النائب وليد جنبلاط الذي وصف طاولة الحوار بمصلحة تشخيص النظام في إيران».

عون لن يخرج من الساحة

وأبدت مصادر مقربة من الرابية لـ«البناء» ارتياحها لمواقف السيد نصرالله، مشيرة إلى أنه «لا يمكن أن يمر اتفاق على رئيس من دون تغطية حزب الله». وأشارت إلى أن ما قاله السيد نصرالله يعبر عن احتضان لثقافة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر.

وجزمت المصادر بأن «العماد عون لن يخرج من الساحة، مهما كانت الظروف، لأن حيثيته ووزنه على الساحتين المسيحية والوطنية غير موجودة في أي مرشح آخر»، مؤكدة أن لا انتخابات رئاسية خارج معادلة عون. وأوضحت أن «الرئيس التوافقي والوفاقي هو الذي يمثل الأكثرية الساحقة التي لا يرقى إليها الشك في بيئته».

ورأت المصادر في تعليق فرنجية على السيد نصرالله بأنه «إعلان عن استعداده للحوار بما يتطلّب الموقف الذي أعلنه السيد نصرالله، لأن فرنجية لم يتردّد يوماً بالإعلان عن أن عون مرشحنا طالما مستمرّ بترشيحه، وإنني المرشح البديل إذا عزف عون عن ترشيحه».

نادر الحريري زار باسيل

وزار أمس، مستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري وزير الخارجية جبران باسيل وتمّ البحث في الملف الرئاسي إثر لقاء معراب. وأوضح باسيل في مؤتمر صحافي «أنّ عمل الحكومة أعيد تفعيله على قاعدة التوافق وبعد إقرار التعيينات العسكرية، حيث سجِّل تصحيح جزئي لها»، وأسف إلى «عدم تعيين قائد الجيش، لكن هذا الأمر قد يتحقق لاحقاً».

واعتبر باسيل، «أنّ القول إنّ هناك محاصصة سياسية في التعيينات العسكرية خاطئ، بل إنّها تمت على أساس الكفاءة ووفق الأصول»، وقال: «حققنا جزءاً من مطالبنا، لكننا نصر على تحقيق الباقي».

وتناول باسيل مؤتمر لندن، معتبراً أنّه «محطة دولية جديدة للإقرار الدولي بالغبن الواقع على لبنان جراء النزوح السوري»، وأعلن أنّه «سيحمل معه إلى المؤتمر مشروعاً اسمه «خطوة» للمساهمة في عودة النازحين إلى بلادهم».

اسمان جديدان على لائحة العقوبات الأميركية

وفي إطار سياستها الانتقامية ضد حزب الله، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية لبنانيين اثنين على لائحتها للعقوبات بزعم القيام بتبييض أموال لحساب حزب الله. وقالت وزارة الخزانة إن «محمد نور الدين وحمدي زهر الدين عملا عبر شركة نور الدين في بيروت «تريد بوينت انترناشيونال» بتحويل أموال مرتبطة بصفقات لحزب الله وأفراد مدرجين على اللائحة السوداء من قبل».

وأكدت مصادر مطلعة على هذا الملف لـ«البناء» «أن حزب الله ليس واهماً أن الولايات المتحدة الأميركية بعد الاتفاق النووي تبدّلت»، مشيرة إلى «أن الصراع سيأخذ أشكالاً جديدة وغير مألوفة وقد تكون مبتدعة منحى جديداً وتتطور سياقات السياسة الأميركية التي تحفز قواعد لتطويق حزب الله بالتنسيق مع «إسرائيل» وبعض دول الخليج التي تعوّض فشلها بتحجيم الدور الإقليمي والداخلي لحزب الله». ولفتت إلى «أن ما يحصل هو إجراءات انتقامية من رجال أعمال على أساس طائفي بحت عبر عقوبات جماعية لفرض العزلة على حزب الله في بيئته المباشرة».

اشتباكات «داعش» والنصرة» تتوسّع

أمنياً، تجددت الاشتباكات بين تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» في جرود عرسال على مختلف النقاط العسكرية التابعة لهما، وقد امتدت إلى معبر الزمراني، وادي الخيل، خربة الحصن، قرنة العويني، والملاهي، وضهر اللزابه وجرود الجراجير في القلمون، حيث سيطر «داعش» على معسكر لـ«النصرة» يقع ما بين «الملاهي» و«خربة حمام» في جرود بلدة عرسال وقد احتدمت الاشتباكات وأسفرت عن مقتل 5 مسلحين من «النصرة» وأسر 6 آخرين. فيما تشهد بلدة عرسال حالاً من التوتر بين أهالي البلدة والمسلحين واستنفاراً للجيش الذي يستهدف بشكلٍ متقطع تحركات المسلحين في جرود رأس بعلبك.

استراتيجية «داعش» الوصول للمتوسط

وتحدثت مصادر عسكرية لـ«البناء» عن محاولة من قبل تنظيم «داعش» لربط المنطقة الشمالية من وادي خالد امتداداً حتى طرابلس ضمناً، تأكيداً على استراتيجيتها السابقة التي فشلت في تحقيقها في السابق، أو محاولة إيجاد منفذ بحري على الشاطئ اللبناني بعدما استهدفت المراكز التي تنقل منها البترول إلى تركيا بعدما أصبحت مراكز التهريب تحت المراقبة والسيطرة الروسية السورية». ولفتت المصادر إلى «أن هذه المحاولة جزء من استراتيجية داعش الداعية إلى الوصول إلى البحر المتوسط عبر لبنان أو إلى البحر الأحمر عبر الأردن لميناء العقبة، وهذا يعيد صياغة المعركة من جديد، فيما لو نجحت داعش في استراتيجيتها الجديدة». ولفتت المصادر إلى «أن تحرك الجيش رهن بالاتفاق السياسي على تغطية تحركه لأداء مهماته بتحرير عرسال التي أبدت استعدادها للتعاون مع الجيش لصدّ داعش ومنعه من الدخول إلى البلدة بعدما أصبح هذا التنظيم على بعد 2 كيلومتر من البلدة وسيطر على المعابر التي تربط عرسال بمناطق تواجده».

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.