المقاومة هي العزة والشرف / جمال أيوب

 

جمال أيوب ( الأردن ) الأحد 31/1/2016 م …

لا يستطيع أحد منا أن يبوح بكل ما يريده في هذه الدنيا لكثرة الصعاب التي تحيط بنا من كل حدب وصوب ، خاصة عندما نبوح بحقيقة أمر ما ولا يستطيع أصحاب الحق أن يؤمًنوا على حياتهم ويحافظوا عليها من كيد الظالمين والعابثين فيها من سرقة ونهب وخداع وتزييف للحقائق ، أن الذين لا يعرفون معنى الحياة الكريمة ولا يريدون الأمن والأمان ويمارسون كل أنواع الشر لا نستطيع أن نوقفهم وأن نجبر قلوبهم المتحجرة بأن تتوقف عن القسوة والظلم الذي نشأت عليه وطغت وتجبرت على الضعفاء والبسطاء في هذه البلاد دونما حسيب أو رقيب عليهم ..

ولا نستطيع مساعدتهم ومساعدة حتى أنفسنا لحل مشاكلنا التي أوصلتنا إلى كل هذا ، وسوف نغرق فيها أن لم نستطع حلها بالحوار الراقي والبناء ، كما تناسينا الذين يصرخون صرخة ألم من هذا الظلم الواقع عليهم ولا يدرك أحد منا معنى لصراخهم ، فحين يتحدث الشرفاء في وطننا يكون مثلهم كمثل الذي يتحدث في دولة أخرى غير دولتنا ، والذي لا تفهمه هذه القلوب المتحجرة التي لا تعرف الرحمة والتي اقترفت ظلما كبيرا تجاه هذا الشعب الطيب والبسيط ولا تنتصر إلا لنفسها فقط ، فما أمامنا غير أن نتذكر شيئا واحدا في منتهى الأهمية ، هو أن الأيام تسير والتاريخ يكتب ويسجل والجراح تداوى والحقوق تعود إلى أهلها مهما طال الزمان والمكان ، فلا تغيبوا عنكم تلك الحقيقة وبإذن الله سوف تتجاوزون هذه المحنة في أقصر وقت ممكن ، ولابد من أن تحافظوا على إيمانكم بالله وبالرحمة داخل قلوبكم ليرحمنا الله جميعا.

لا تصدقوا المتشدقين من القادة والمسئولين ، ولا غيرهم ممن شابههم وكان مثلهم ، واقتفى أثرهم واتبع نهجهم ، ممن يدعون القداسة والطهر ، والنظافة والشرف ، والجهاد والمقاومة ، الذين يجعجعون بشعارات الأمانة والمسؤولية ، ويرددون الكلمات الطنانة الرنانة ، ويدعون أنهم يحرصون على مصالح شعوبهم ، وأنهم يعملون من أجل وطنهم ، وأنهم يسعون في خدمة أهلهم ، وفي التخفيف عنهم ، وأنهم على استعدادٍ للتضحية بأنفسهم فداءً لشعوبهم ، أو نصرةً لقضيتهم ، أو في سبيل أوطانهم ، رفعةً لها ، ووحدةً لترابها ، واصطفافاً لشعبها ، أو ازدهارا في حياتها ، ورخاءً في عيشها ، أو دفاعاً عنها ، وذوداً عن حياضها ، أو سعياً لنيل حقوقها ، واستعادة مظالمها من قويٍ تغلب ، أو من متغطرسٍ اعتدى ، أو من فاسدٍ بغى ، أو من كثيرٍ ممن يتآمرون عليها ، ويرومون بها سوءاً ، ويتمنون لها شراً ، ولا يحبون لها الخير.

إن المقاومة خيار أوحد في الظروف الحالية التي لم يبقَ فيها للواقعين تحت الاحتلال أمل في تحرك أقطار أو جيوش عربية لحمايتهم ، بل نصرتهم وتحريرهم والخروج بهم مما هم فيه ..

وذلك لكي يدافعوا عن أنفسهم ولا يذبحون ذبح النعاج ، ولكي تبقى قضيتهم العادلة حية ، وليرفعوا أمام الأجيال القادمة راية التحرير بمصداقية. والمقاومة تدخل في باب الدفاع عن النفس فضلًا عن كونها حقًّا مشروعًا لكل شعب يتعرض للاحتلال ، ولكل من يفترسه الظلم والقهر والتمييز العنصري بأشكاله وألوانه وظلال أشكاله وألوانه ..

أما قول من يقول اليوم بأسطورية المقاومة ، بالمعنى السلبي للكلام والمفاهيم والخيارات ، فهو ضال مضلل فتاك كالداء العضال في جسم الأمة ، وهو يخدم سياسات معادية لشعبه ووطنه الواقع تحت الاحتلال أو المستهَدين من قبله بكل أشكال التهديد والانتهاك ..

وأولئك يتصدرون منابر ويصدرون عنها وهي منابر في خدمة أعداء الأمة ولا تقوم إلا بالتشهير والكيد والافتراء والتضليل ، وتفتح أسواقًا فاسدة مفسدة لتجار الكلام والسياسة والنضال والمواقف والمبادئ,على اهل فلسطين المقاومة , لا قيمة لمن لا يقاوم ، أو لا يدعم المقاومة ، ولا يساند المقاومين ، ولا يمدهم بما يحتاجون ، ولا يقدم لهم ما يريدون ، مساندةً ومناصرة ، وإيواءاً ومساعدة ، ودعماً وعطاءاً ، فليس منا من لم يقاوم ، أو لم يحدث نفسه بالمقاومة ، ويحلم بها ، ويتوق إليها ويتمناها.

فالمقاومة هي الهوية ، وهي العزة والشرف ، وهي الكرامة والسؤدد ، وغيرها ذلٌ واستعباد ، وضعفٌ واستسلام ، وصغارٌ وهوانٌ لا يمنح هويةً ، ولا يجلب اعترافاً ، ولا يحقق هدفاً ، ولا يصل إلى غاية ، ولا يصنع مجداً ، ولا يعيد حقاً ، ولا يرغم عدواً ، ولا يجبره على كف العدوان ، ووقف الاعتداء ، والامتناع عن الظلم والقتل والإيذاء. فالمقاومة هي عدتنا وهي سلاحنا ، لا نفرط بها ولا نتنازل عنها ، فهي التي تفتح لنا الأبواب ، وتوسع علينا الدنيا ، إنها هي التي تدر علينا الأموال وتعطينا من فضل العزة والكرامة ، إنها المقاومة التي نشرف بها ونعتز ..

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.