إخفاقات المعارضة السورية / حمادة فراعنة

 

حمادة فراعنة ( الأردن ) الثلاثاء 2/2/2016 م …

لم تلتقط المعارضة السورية، نتائج ما تم التوصل اليه من تفاهمات اميركية روسية واتفاقات موقعة بين واشنطن وطهران، والتغيير الجوهري الذي طرأ على السياسة الاميركية نحو سوريا ومجمل اوضاع المنطقة، حصيلة هذه التفاهمات الثنائية والاتفاقات الدولية، فالاولويات الاميركية بقيت كما هي انعكاساً لمصالحها، ولكن ادوات التعامل تبدلت، واطراف التعاون توسعت، وفق المعطيات المستجدة وموازين القوى المتغيرة، ولم تعد العناصر التقليدية في النظام العربي هي خيار الرهان الاميركي لتثبيت الامن والاستقرار، وخدمة المصالح الاميركية،فالنظام العربي الذي خلفته نتائج الحرب الباردة لم يعد رهان الولايات المتحدة واولوياتها، اضافة الى ان الدور الروسي كان معطلاً خلال تجربتي التدخل العسكري الاميركي في اسقاط نظامي الحكم في العراق وليبيا، ولكن الدب الروسي استيقظ من سباته الشتوي وبات يقظاً حريصاً على مصالحه الامنية والاقتصادية والسياسية، ولهذا عجزت المعارضة السورية والدعم الاميركي والخليجي لها عن اسقاط النظام السوري .

لقد سعت الولايات المتحدة الاميركية للتوصل الى تفاهمات مع طرفين في المنطقة العربية اولهما ولاية الفقيه الايرانية، وثانيهما حركة الاخوان المسلمين، وقد نجحت نحو التفاهم مع ايران وتوصلت معها الى اتفاقات تعكس قدرة طهران الاقليمية ونفوذها الممتد في قلب العالم العربي، ولذلك وقع التفاهم معها ومن ثم اتفاق عكس نفسه على مجمل الوضع في المنطقة العربية .

واما  تفاهمها مع الاخوان المسلمين فقد اخفق في تحقيق اهدافه لسببين :

اولهما : نجاح مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وضع حد لبرنامج الاخوان المسلمين اعتماداً على حركة الشارع  وعلى قرار الجيش الذي قاده .

وثانيهما : فشل برنامج حركة الاخوان المسلمين في العديد من البلدان العربية، في الاردن وسوريا والعراق وليبيا وبلدان الخليج العربي، فالتفاهم الاميركي مع الاخوان المسلمين استفز الانظمة المحافظة في العالم العربي، فصابها النفور واليقظة فوضعت حركة الاخوان المسلمين في قائمة التنظيمات الارهابية لدى السعودية والامارات، واسالتا المليارات نحو الخزينة المصرية لمواصلة معركتها السياسية في احباط مشروع الاخوان المسلمين الذين فشلوا بعد نجاحهم الانتخابي في ادارة الدولة المصرية بشكل ديمقراطي تعددي فاستفزوا القضاء والاعلام والشارع والجيش الذي نفذ حركته ضدهم، واعتماداً على نتائج الربيع العربي، اخفقوا في تحقيق تقدم يُذكر في اي بلد عربي بل تراجع دورهم وصابهم الانحسار والتصادم . 

وقد سبق هذا كله الحسم العسكري الذي قامت به حركة حماس بدعم وتغطية من قبل حركة الاخوان المسلمين ضد منظمة التحرير وسلطتها الوطنية في قطاع غزة في حزيران 2007، وسيطرتها المنفردة على اهالي القطاع منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا، لاكثر من ثمانية سنوات، اخفقت خلالها حركة حماس وحاضنتها السياسية والفكرية والحزبية حركة االاخوان المسلمين من تحقيق ما يمكن المباهاة به، فلا هي استطاعت تقديم نموذجاً افضل من ادارة وسلطة حركة فتح للضفة الفلسطينية، في ظل هيمنة وتسلط الاحتلال، وحركة حماس في ظل بقاء الحصار للقطاع، ولا هي قدمت نموذجاً كفاحياً في استنزاف العدو الاسرائيلي وارغامه على التخلي عن حصاره الظالم القاسي ضد قطاع غزة .

 ولذلك شكلت ادارة حركة حماس نموذجاً حياً لوعي وفهم وادارة حركة الاخوان المسلمين لسلطة تُسيطر عليها، وهو الحال نفسه الذي اخفقت فيه وخلاله انظمة عبد الناصر في مصر، وصدام حسين في العراق، وحافظ الاسد في سوريا، وكذلك النظام اليساري في اليمن الجنوبي، فمضمون وادارة النظام هو اساس نجاحه، فالانظمة القومية ومن قبلها الانظمة اليسارية ومن بعدها الانظمة الاسلامية، يعود اخفاقها الى سبب التفرد والتسلط وغياب الديمقراطية، ونفي التعددية وعدم الاعتماد على نتائج صناديق الاقتراع في تداول السلطة وعدم الاحتكام الى قناعات الناخبين ورغباتهم وبالتالي عدم احترام مصالحهم .

المعارضة السورية المرتبطة بمصالح الممولين وسياساتهم انعكاساً لقوة واثر الاطراف الاقليمية اكثر من قوة ارتباط المعارضة بمصالح الشعب السوري إضافة لهذا ، فهي تحمل امراض اخفاقات النظام العربي، وقد دل على ذلك اخفاقهم في عدم التوصل الى مؤسسة تمثيلية واحدة تُدير حركتهم السياسية وتقودها، وعجزهم عن صياغة برنامج ديمقراطي جبهوي تعددي مشترك مما ادى الى فشلهم امام الطرفين الاول امام داعش والقاعدة، والثاني امام النظام السوري وتماسكه الداخلي وتحالفاته الدولية والاقليمية .

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.