“حماس”: ننسّق مع “حزب الله” للتصدّي لأي عدوان
الأردن العربي ( الأربعاء ) 3/2/2016 م …
كتب عمّار نعمة …
لا تزال حركة “حماس” تصنّف نفسها كرأس حربة مشروع المقاومة في المنطقة، والذي ينطلق من فلسطين ويعود اليها. تقرّ الحركة بحراجة وضعها في «الوسط» اليوم بين مشروعَيْن يتنازعان المنطقة: محور «مقاومة» أو «ممانعة»، وآخر يُسمى بمحور «اعتدال». لكنها، برغم ذلك، ترى أنها لم تحد قيد أنملة عن المقاومة في فلسطين، وتقدّم الشهداء السبعة الذين سقطوا في غزة قبل أيام دليلاً جديداً على ذلك. كما أن الحركة تقدّم إسهاماتها في الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية دليلاً آخر على تصدّيها لقضية مقاومة الاحتلال.
في فلسطين، ترى الحركة ان الانتفاضة تتصدر أولوية الخيارات لكونها تشكل فرصة تاريخية لإعادة تصويب البندقية ولتحديد العدو من الصديق في ظلّ محاولات لتحويل «إسرائيل» من عدو الى كائن طبيعي في المنطقة. لذا، فإن الواجب يقتضي من العرب والمسلمين توفير وسائل الدعم كافة للحركة لكونها تقاتل «رأس الأفعى» وتمثل «الكتيبة المتقدّمة للأمة».
الانتفاضة التي قدمت حتى اليوم نحو 170 شهيداً وتمكنت من قتل 30 إسرائيلياً، حققت أهدافاً عديدة حتى اليوم، حسب الحركة. فهي وحّدت الشعب الفلسطيني في الميدان بعد أن انخرطت فيها جميع فئات الشعب الفلسطيني، وضربت نظرية الأمن الإسرائيلي، ما شكل فشلاً أمنياً للإسرائيلي. كما ان الانتفاضة عطلت مخطط الحكومة الإسرائيلية بتقسيم مدينة القدس زمانياً ومكانياً، وهي أعادت فلسطين مجدداً الى واجهة الاحداث. وإضافة الى كل ذلك، فقد تمكنت الانتفاضة من ضرب الاقتصاد الإسرائيلي وخاصة القطاع السياحي في منطقة القدس.
ثمة أولوية أخرى بالنسبة الى «حماس» تتمثل في رفع الحصار عن قطاع غزة المستمرّ منذ العام 2006. تصدّت الحركة خلال السنوات الماضية لحروب اسرائيلية عدة على غزة.. ولا تزال حتى اليوم تحضّر لمعركة مقبلة مع العدو.
ولعل أهم إنجازات المقاومة أنها أرغمت حركتي «فتح» و»حماس» على التقارب في حوار عميق لتحقيق المصالحة. وقد اجتمعت الحركتان قبل أسابيع في الدوحة واسطنبول، ومن المنتظر أن تعيدا الكرّة في السادس من الشهر الحالي عبر وفدين رفيعي المستوى للشروع في آليات تطبيق الاتفاقات السابقة.
أين أصبحت المقاومة في المنطقة؟
ماذا عن محور المقاومة الذي جمع «حماس» مع «حزب الله» وسوريا وإيران الى حين اندلاع الأحداث في سوريا في ربيع العام 2011؟
تقر «حماس» بتراجع علاقتها الاستراتيجية مع «حزب الله»، وتعيد ذلك الى اختلاف قراءة كل من الطرفين للأحداث السورية. لكنها تلفت النظر إلى أن تلك العلاقات تستعيد استراتيجيتها يوماً بعد الآخر نتيجة إدراك الطرفين للتحدي المتمثل في احتمال إقدام «إسرائيل» على العدوان على «الجبهتين الحيّتين للمقاومة في فلسطين ولبنان». احتمال تأخذه الحركة بجدية، وثمة تواصل عسكري بين «حماس» و «حزب الله» تحسباً لهذا الأمر.
لذا، يؤكد المسؤولون في الحركة أن الاتصالات قائمة بين قيادتي الطرفين، ويشيرون الى ان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله كان قد بادر الى الاتصال برئيس المكتب السياسي لـ «حماس» خلال العدوان على غزة في صيف العام 2014، ما شكّل الاتصال الأول من نوعه منذ خروج حماس من سوريا العام 2011. كما أن نصر الله تلقى برقية تعزية من مشعل عند اغتيال قياديي الحزب في الجولان أوائل العام الماضي. إضافة الى ذلك، اتصل مشعل بنصر الله، كما أرسلت قيادة «حماس» برقية تعزية إثر تفجيرات برج البراجنة قبل نحو ثلاثة أشهر.
ويشير قياديو «حماس» الى انه عند اغتيال الشهيد سمير القنطار، أدانت الحركة الجريمة الإسرائيلية وقامت بواجب التعزية لدى «حزب الله».. أما بالنسبة الى النقطة المثيرة للجدل والمتمثلة بإدانة «حماس» لاغتيال زعيم «جيش الإسلام» زهران علوش، فإن قياديي الحركة ينفون جملة وتفصيلاً صدور بيان عن الحركة بذلك، أما ما صدر عن «حركة المقاومة الإسلامية حماس ـ سوريا»، فإن «حماس» تنفي وجود هذا الفصيل أصلاً، ناهيك عن بيانه الذي يحوي أخطاء لا تقترفها بيانات الحركة، وتدعو الى مراجعة البيانات الرسمية للحركة التي تصدر عن «حركة المقاومة الإسلامية حماس ـ فلسطين»، وهو الشعار الرسمي للبيانات، أما غير ذلك فهو ملفّق.
من هنا، ترى الحركة أن العلاقة مع قيادة «حزب الله» على طريق العودة إلى دفئها، وتستشهد بتعزية نصر الله في خطابه الأخير بشهداء أنفاق غزة. ويشير مسؤولون في الحركة إلى أن زيارات قيادات الحركة الى إيران لم تنقطع، وثمّة تحضير لزيارة رفيعة المستوى الى إيران في الفترة المقبلة برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق الذي يشغل أيضاً رئاسة مكتب الشؤون السياسية.
«مشروع المقاومة يجمعنا إضافة الى تاريخ طويل وثقة كبيرة». بهذه العبارات يلخص قياديو الحركة العلاقة مع «حزب الله». وهم يسألون: إذا عادت الأمور في سوريا الى طبيعتها، ماذا يبقى من الخلاف مع «حزب الله»؟
لكن المسرح السوري يبقى محطّ الخلاف الأساسي بين الطرفين، ويشير البعض إلى ان لا مصلحة لـ «حماس» بانهيار النظام السياسي في سوريا، اذ ان الاستقرار في هذا البلد يفيد مشروع المقاومة للحركة التي تريد استقرار المنطقة ككل وحفظ أنظمتها.
على أن للبنان حصة كبيرة من اهتمام الحركة، ومن المؤكد أن استقراره ضرورة لها في ظل معطيات ينقلها البعض عن نية تنظيمات تكفيرية، على رأسها «داعش»، التمدد خارج سوريا، نحو لبنان كما نحو بلدان في المنطقة، على أثر الضربات الكبيرة التي تعرّض لها التنظيم في سوريا والعراق.
وتأمل الحركة بعلاقة استراتيجية ثابتة مع «حزب الله» والإفادة من ذلك في مواجهة تلك المساعي لتفجير لبنان. يأتي ذلك في ظل تحوّل موضوع اللاجئين في لبنان الى هدف سهل للأموال التكفيرية. لذا، تطلب الحركة اهتماماً لبنانياً بموضوع اللاجئين في المخيمات، كي لا يتحول العامل الديموغرافي الفلسطيني الى عامل تفجير في ظل مسعى دولي لحرمان اللاجئين من حقوقهم الاجتماعية والإنسانية والطبية، مؤدّاه نفض اليد من أية مسؤولية تجاه اللاجئين، وبالتالي تحميل لبنان مسؤولية إعانة نحو نصف مليون فلسطيني على أراضيه. وثمّة أسف لدى الحركة نتيجة اللامبالاة اللبنانية تجاه هذا الموضوع الخطير الذي سيترجم «توطيناً إجبارياً» للفلسطينيين على أرضه، ولا سبيل لمواجهة ذلك إلا في استراتيجية فلسطينية ـ لبنانية مشتركة للحفاظ على السلم الأهلي في لبنان.
التعليقات مغلقة.