العولمة والشباب و المخدرات … الجزء الأول / عشتار الفاعور

 

عشتار الفاعور ( الأردن ) الجمعة 5/2/2016 م …

لعل الحديث في هذا الموضوع الشائك حديث متشعب و ذو شجون لا أدعي أنا الكاتبة أنني أمتلك عصا موسى لتغير الأمور إلى الأفضل ب لمسة سحرية لكنها محاولة متواضعة لوضع يدي على الجرح و نبدأ ب تعريف العولمة .

حيث تعرف أنها مجموعة من القواعد و السلوكيات التي تمارسها دولة عظمى كبيرة لتحويل هذه المفاهيم ‘السلوكيات’ الى سلوك أو لغة عالمية يمارسها العالم قاطبةً سواء إتفق معها أم لم يتفق متجاوزةً المفهوم التقليدي للدولة و الحدود و السيادة و من وجهة نظري الشخصية ،قد لا أجانب الحقيقة إذا قلت أن العولمة ما هي إلا أمركة العالم .

ولو عدنا الى الخلف قليلاً و طرحنا السؤال من أين جاءت العولمة ؟ و هل هي ظاهرة جديدة أم حدث قديم ولكن ظهر المصطلح مع ظهور مصطلح النظام العالمي الجديد ؟

في حقيقة الأمر إن العولمة ليست وليدة اليوم بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع الى بداية القرن الخامس عشر حيث نشأت المجتمعات القومية فبدأت هنا العولمة بالظهور مع بروز ظاهرة الدولة القومية التي حلت بدورها مكان الدولة الإقطاعية الذي جعل هذا الشئ بتوسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأكملها بعد أن كان محدود هذه وجهة نظر أما من وجهة النظر الأخرى

حيث تقول أن العولمة بدأت بالظهور في منتصف القرن التاسع عشر و النصف الأول من القرن العشرين إلا أنها في السنوات الأخيرة برزت بطريقة سريعة جداً وكانت الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية و نظام إقتصادي عالمي موحد و التخلص من السيادة الوطنية و بدأ هذا في الخطاب السياسي الغربي

و من هنا نحن ندخل على ما هي إيجابيات العولمة و ما سلبياتها ؟ لأننا نحن نعرف بأن كل شئ له وجهان و للعولمة مئة وجه ، و سوف نقوم بإسقاط هذه الايجابيات و السلبيات على الواقع العربي بشكل عام و الاردن بشكل خاص لنرى بعد ذالك نحن بأي جانب تمسكنا .

حيث من إيجابيات العولمة :

١- تطور العالم بشكل مذهل

٢-التواصل بين البشرية

٣-جعل العالم عبارة عن قرية صغيرة

٤- صعوبة تغيب المعلومة و صناعة رأي عام لتعدد مصادر المعلومة

٥-تطور مفهوم التجارة ‘التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت طبعاً’

أما من سلبيات العولمة :

١-العودة الى شريعة الغاب

٢- تراجع قدرة الدولة الضعيفة على التماسك والسير بإتجاه التحلل و التفتت إلى مجموعة دويلات … وهذا الواقع العربي

٣- وهنا أهم شئ وان أخطر ما أنتجت العولمة هو إعتداء الحضارة على الثقافة وهذا أكبر أذية سببتها العولمة حتى الدولة القوية و الكبرى لا تستطيع حماية نفسها من هذا الخطر لذالك عندما قلت أن العولمة هي ( أمركة العالم ) إستناداً على هذه النقطة

وبالتالي فإن المجتمعات الصغيرة و الضعيفة والتي لا تستطيع أن تحمي نفسها مع أنها تحمل ثقافة متجذرة و لكنها صغيرة أمام و حشية العولمة ( أقصد هنا دول العالم الثالث و خصوصاً الوطن العربي ) هي ضعيفة أمام الدول الكبرى التي لا تملك سوى الحضارة ( الولايات المتحدة الأمريكية )

تصبح هذه المجتمعات الضعيفة تفقد هويتها تدريجياً و يصبح هناك إزاحة للهوية الجامعة لمنظومة القيم و المثل و العادات و التقاليد لصالح الحضارة القادمة من الخارج ( التغريب ) هذا الحدث بمجرد حدث…… يُحدث فراغ داخل المجتمع سواء فراغ قيمي ، أخلاقي ، إجتماعي ، ثقافي ، ديني ، سياسي ، إقتصادي وهذا الفراغ يحدث حالة من عدم الإستقرار و الإحساس بالضياع وعدم التوازن وبالتالي هذا يؤدي إلى التوجه للسلوكيات السلبية و فقدان الضوابط و الروادع الأخلاقية التي تقود بدورها الى حالة من السقوط والضياع مع عدم وجود بديل وهذا ما يحدث في بلادنا العربية بشكل عام و وطني الاردن بشكل خاص

و ينتج عن هذا السقوط أشكال عديدة فيذهب المجتمع إما الى المخدرات قسم منه و قسم الى الفساد و قسم الى التطرّف و العنف أيضاً هذا الذي نشاهده منتشر في بلادنا العربية .

ولعل من نافلة القول و بما اننا في الاردن فإن الحديث سيكون عن الواقع الأردني الشبابي وهذا لا يعني أن ما نقوله هنا لا ينطبق على واقع الشباب العربي ، فـ لو أردنا أن نحصر الأسباب التي تقود شبابنا إلى المخدرات نجد أن الفراغ الذي يعيشه هذا الشباب و أسوء أنواع الفراغ هو ‘الفراغ الفكري’ و هذا يقود الى الضياع و يُرِيد أن يملأ هذا الفراغ بهذه الطريقة بالإضافة الى الأفق المسدود أمامه و شعوره بأن المستقبل مظلم أمامه لان الوضع الإقتصادي سئ جداً و بالتالي يشعر هنا بغياب العدالة و الإحساس بالظلم فيبدأ الشباب بالإنحراف لتعبئة حالة الفراغ التي يعيشها فتبدأ هنا الروادع الاخلاقية بالإنهيار و لأن الأسرة التي تعتبر هي نواة الشباب تكون منشغلة بـ لقمة العيش فهي بعيدة كل البعد عن معاناة أولادها و ملئ الفراغ الذي يعيشه ففي هذه الصورة يلجأ الشاب الى العنف و المخدرات و التطرّف و الفساد و بجود إنهيار الضوابط الأخلاقية و سقوط منظومة القيم تفقد بذالك الجيل روادعه

في الختام أعزائي إن الأردن يعيش في حالة من الخطر التي تهدد مستقبله ككيان و دولة و كمجتمع في ظل ضياع فرسانه و اتجاههم نحو شبح المخدرات لذالك يجب على الجميع بدأً من صانع القرار و إنتهاءً بالفلاسفة و المفكرين و طبقة المثقفين الإلتفاف إلى ما يحدث بالتحليل العلمي و فهم الظاهرة ليصار إلى و ضع الحلول لاحقاً .

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.