الحل الفلسطيني بالداخل ومن الداخل / حمادة فراعنة

 

حمادة فراعنة ( الأردن ) الجمعة 5/2/2016 م …

لم يكن نجاح نتنياهو في رئاسة حزب الليكود يوم الاحد 10/1/2016 بلا منافس مجرد انتصار سياسي لشخصه، بل اعتبره السفير الاسرائيلي السابق اوري سفير على انه انتصار ايديولوجي لما يمثله نتنياهو من مفاهيم وتوجهات وسلوك سياسي انعكاساً لثورة اليمين المتطرف الذي يتعمق دوره في حياة المجتمع الاستيطاني التوسعي الاسرائيلي، وتتسع فلسفته وتصبح رؤيته هي السائدة في ادارة المشروع الاستعماري الصهيوني .

ويرى سافير ان المعسكرين الاسرائيليين المعسكر الليبرالي والمعسكر اليساري الصهيوني، قد سلما بالنتائج ورفعا الراية البيضاء تعبيراً عن الاستسلام لقوة اليمين المتطرف ونفوذه وهيمنته على الحياة السياسية الاسرائيلية، غامزاً نحو رئيس المعسكر الصهيوني اسحق هيرتسوك الذي اعلن يوم الاربعاء 20/1/2016  ان “ الوقت غير مهياً لدولة فلسطينية “، وهو تعبير عن هزيمة اليسار الصهيوني الذي مثله حزب العمل، نحو شعار او برنامج حل الدولتين الذي بداه الحزب في عهدي اسحق رابين وشمعون بيرس، وتسليمه ان هذا البرنامج في عهد ورؤية نتنياهو وما خلفته سياساته واجراءاته على الارض ينسف حل الدولتين . 

ووصف سافير هذه النتائج على انها “ ثورة نحو نظام غير ديمقراطي، قومي عنصري متطرف “، اي ان نتائج ازياد نفوذ اليمين الاسرائيلي المتطرف وشيوع سياسته وانها الخيار الاقوى في مؤسسات صنع القرار السياسي والامني الاسرائيلي ليس فقط نحو الفلسطينيين، بل ان تاثير هذه السياسة تشمل الضرر الواقع على الاتجاهات السياسية الليبرالية واليسارية الاسرائيلية، وهو “ كابوس لكل شخص ليبرالي ديمقراطي محب للسلام “ كما وصف ذلك في مقالته في معاريف العبرية يوم 1/2/2016،  والسؤال اذا كان اوري سافير يصل الى هذا الاستخلاص، فماذا بشان الشعب العربي الفلسطيني، وقياداته وفصائله وقواه الحية ؟؟ .

الاتجاه الذي يُعبر عنه اوري سافير، يرى حجم التراجع في خيارات المجتمع الاسرائيلي واغلبيته عن حل الدولتين، ومثلما يرى حجم التراجع الاسرائيلي واكثريته عن الخيارات الليبرالية واليسارية، وتعميق الخيارات العنصرية المتزمتة، واندفاع الاتجاهات الدينية الرجعية، وانعكاس ذلك نحو القطاعات الثلاثة التي تتاثر بخيارات المجتمع الاسرائيلي نحو التطرف وازدياد العنصرية اولها فلسطينيي مناطق 48 ابناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وثانيها اليهود الليبراليين واليساريين، وثالثها الفلسطينيون في مناطق الاحتلال عام 1967 ابناء القدس والضفة الفلسطينية والقطاع، كل حسب دوره  ووفق برامج وتوجهات تصعيدية مختلفة ضده، ويرغب اوري سافير ان يقول ان قطاعاً من الاسرائيليين يتاثرون سلباً من سياسة نتنياهو وسلوكه فما بالكم بالفلسطينيين سواء ابناء مناطق 48 او ابناء مناطق 67 .

التراجع والتطرف الذي يجتاح المجتمع الاسرائيلي لا يقابله تطور سياسي نوعي ملموس لدى الشعب العربي الفلسطيني وقواه الحية، ولا يوجد تفسير او اجابات لدى قادة الراي العام الفلسطيني، حول كيفية مواجهة التحديات التي يُخلفها سلوك المجتمع الاسرائيلي وخياراته السياسية، فعلى صعيد ابناء مناطق 48 فهموا واستوعبوا التطور النوعي الذي طرا على المجتمع الاسرائيلي وتاثيراته السلبية عليهم، فكان ردهم بقرارهم يوم 22/1/2015، عبر تشكيل القائمة العربية اليهودية المشتركة، والتي ادت نتائجها يوم 17/3/2015 في نجاحها في الانتخابات البرلمانية، وانتخاب القائد الفلسطيني محمد بركة يوم 24/10/2015  رئيساً للجنة المتابعة، واقرار يوم 30/1/2016، وكل عام، يوماً تضامنياً لهم يُوحدهم في مواجهة العنصرية والتطرف، ومن اجل تحقيق المساواة على ارض بلادهم .

ولكن الفلسطينيين في مناطق 67، شكلت احتجاجاتهم على شجاعتها الفردية  وتضحيات المبادرين لها من الشباب، شكلت حالة نزف وانفعال ثوري مخلص يعكس التفاني، ولكنه لن يؤدي الى النتيجة المرجوة المطلوبة بالنهوض الوطني، والتحول الى ثورة شعبية تقودها فتح وحماس واليسار الفلسطيني والاتجاه القومي، والشخصيات الاجتماعية، فالاتفاقات مكبلة للفصيلين عبر التنسيق الامني بين رام الله وتل ابيب، والتفاهم الامني بين غزة وتل ابيب، مما يعكس الفجوة بين تطلعات الشباب واندفاعهم الثوري، وبين تكلس القيادات وعجزها عن تحقيق وبلورة برنامج وحدوي يضم الجميع . 

الرفض الشخصي لدى الفلسطينيين، المعبر عنه بضربات السكاكين او الانفعالات المؤداة عبر ادوات بدائية، تعبير عن المازق الفلسطيني بقدر ما هو فشل لخيارات الاسرائيليين حول كيفية تعاملهم مع الفلسطينين، خاصة وانها تشمل مشاريع ضربات السكاكين من قبل الصبايا والشابات فهذا تطور غير مسبوق بحجمه وكميته، وان يشمل الفلسطينين من مناطق 48 لهو الفشل الاسرائيلي بعينه .

الفلسطينيون على غير عاداتهم بعد النكبة، يفتقدون لروح المبادرة السياسية، ومكبلون بسياسات لم تثمر عن تحقيق تقدم يلبي تطلعاتهم نحو المساواة في مناطق ،48 والاستقلال في مناطق 67، والعودة للاجئين، وهو مازق صنعوه لانفسهم وباتوا اسرى التخلف والاصولية التي صابت المجتمع العربي عموماً فصابتهم، مع انهم كانوا مبادرين رغم التخلف العربي، وكانوا يعبرون عن الشرائح المتقدمة التعددية التي كانوا يتفوقون بها على اقرانهم واشقائهم العرب .

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.