بيوت ليست للبيع ! / خيري منصور
خيري منصور ( الأردن ) الأحد 7/2/2016 م …
لو خافت عكا لما وقفت على الشاطىء، تلك مقولة مأثورة في الذاكرة الفلسطينية، وهي شأن كل الثغور البحرية في تاريخنا العربي شهدت غزوات وحصارات لا آخر لها، ولأنها كذلك فإن الاحتلال ضمن استراتيجية التهويد والعبْرَنة يخترع ذرائع وأساليب تحقق هذا الهدف، بدءا من هدم البيوت القديمة التي تختزن في جدرانها وصرير ابوابها ذكريات اهلها الاصليين الى محاولة اغراء بعض مالكي البيوت ببيعها مقابل اثمان عالية، وبواسطة سماسرة طالما كانوا الحلقة السوداء في مسلسل بيع الاراضي، واهل عكا كمن تبقى من اهل حيفا ويافا والقدس وسائر الشقيقات الشقيات في تلك الجغرافيا الجريحة والمقدسة يدركون جيدا ما يهدف اليه الاحتلال، لهذا يؤمنون بأن البيوت الجديدة ليست مستوطنات بل هي حجارة البيوت القديمة، فالبيوت تلد من بعضها كما تلد اجيال البشر.
وقد جرّب الاحتلال من خلال العبرنة اي اطلاق اسماء هجينة وطارئة على قرى ومدن واثار واطلال ان يحقق مشروعا غريبا هو الترجمة الوجودية، لكن تلك كسواها ايضا تحولت الى قصة فشل، فالاسم المستعار للابن لا يحذف منه اباه وتسمية القدس وعكا وحيفا ونابلس بغير اسمائها لن يغيّر شيئا من التاريخ والجغرافيا معا، لأن التاريخ لم يبدأ عام 1948 ولن ينتهي غدا، انه مجال بلا حدود لصراع بين ارادات وهويات، منها ما هو جذري وعضوي واصيل ومنها ما هو مستولد بأنابيب الاساطير والمرجعيات الغيبية، والجغرافيا التوراتية كما وصفها المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري مَرِنة ومطاطة ولا تضاريس لها لأنها محكومة بميزان القوى، وبالتالي مؤقتة!
لقد بُحِّت اصوات المقادسة وهم يناشدون ذوي القربى لانقاذ ما تبقى، تماما كما بُحِّت من قبل اصوات الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948 ولا حياة لمن تٌنادي، لأنه ما من حيّ يسمع !!!
شعار عكا هو بيوت ليست للبيع وجغرافيا رسولية ليست للتهويد وأبجدية خالدة ليست للعبرنة او التّعجيم، فكل حجر له ذاكرة وتاريخ، وكل زيتونة يروي حفيفها شجون من زرعها، لهذا يكرهون البيوت القديمة لأنها شاهد على السّطو، ويكرهون اشجار الزيتون لأنها اقدم منهم بكثير وهي الطّاعنة في الصبر والعمر والاخضرار!
التعليقات مغلقة.