إسرائيل.. وتكميم الأفواه / جيمس زغبي
جيمس زغبي ( عربي أمريكي ) الخميس 11/2/2016 م …
إسرائيل لا تقبل الانتقاد، سواء أكان من صديق أو من عدو. حتى الانتقادات الطفيفة تعتبر تهديداً وجودياً يدفع المسؤولين الإسرائيليين إلى إطلاق وابل من الانتهاكات في محاولة إلى تكميم أفواه المنتقدين ومعاقبتهم، وفي ضوء المبادرات الجديدة التي يجري الحديث عنها في إسرائيل والولايات المتحدة، من قبل الكونغرس وبعض المشرعين على مستوى الولايات، فإن محاولات إسكات المنتقدين، تهدّد حرية التعبير والبحث عن السلام. ظهر هذا الاتجاه المقلق عندما ردّ الإسرائيليون بعنف شديد على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والسفير الأميركي في إسرائيل دانييل شابيرو. ففي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، انتقد الأمين العام «المستويات غير المقبولة من العنف وسياق الاستقطاب الجماهيري» الذي ترسخ في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. ودان الهجمات الفلسطينية على الإسرائيليين، وأصر على «أن القوة الكاملة للقانون يجب أن تطبق على كل الذين يقترفون جرائم، على أن يطبق نظام العدالة بمساواة على الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء».
ولكن «بان» استطرد قائلاً: «إن التدابير الأمنية وحدها لن توقف العنف، ولا يمكنها معالجة الشعور الواضح بالتمييز واليأس». فالإحباط الفلسطيني يتزايد في ظل نصف قرن من الاحتلال، مثلما أظهرت الشعوب المقموعة على مرّ العصور، فهذه هي الطبيعة البشرية أن تردّ على الاحتلال، الذي يعتبر حاضنة نشطة للكراهية والتطرف».
وأعرب الأمين العام عن قلقه من الإعلانات الإسرائيلية الأخيرة حول التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، وحض الإسرائيليين على: وقف هدم منازل الفلسطينيين ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وطالبهم بمعالجة الوضع الإنساني في قطاع غزة، واتخاذ خطوات ملموسة من أجل تحسين الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن كل هذه السلوكيات صعّبت تحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي خطابه أمام «مركز أبحاث إسرائيلي»، كرر السفير شابيرو بعض مخاوف بان، قائلاً: «إننا نشعر بالقلق والإرباك بسبب الاستراتيجية الإسرائيلية بشأن المستوطنات»، وأضاف: «إن الحكومة الحالية والحكومات الإسرائيلية السابقة أعربت مراراً وتكراراً عن تأييدها لحل الدولتين من خلال المفاوضات، وهو حل يتضمن الانفصال والاعتراف المتبادل، وعلى رغم ذلك سيصبح الانفصال أكثر صعوبة بكثير إذا كانت إسرائيل تخطط لمزيد من التوسع والتمدد الاستيطاني». وانتقد «شابيرو» أيضاً الطريقة التي تحكم بها إسرائيل الأراضي المحتلة، مؤكداً أن «إسرائيل ذهبت بعيداً في حذرها في الضفة الغربية من دون رقابة، ومن دون إجراء تحقيقات، في وقت تبدو فيه السلطات الإسرائيلية تنتهج سياسة الكيل بمكيالين في الالتزام بحكم القانون داخل الضفة الغربية، واحد للإسرائيليين وآخر للفلسطينيين». وبالطبع كانت ردود الفعل الإسرائيلية حادّة متوقعة، وتم اتهام «بان» بأنه قدم «مبرراً للإرهاب».
وفي إسرائيل، تم اتخاذ إجراءات لمعاقبة المعلمين والفنانين، ويدرس الكنيست سلسلة من الإجراءات لتمرير قانون جديد يستهدف المنتقدين المحليين في محاولة لوضع قائمة سوداء لـ «الخائنين»!
أما في الولايات المتحدة، فقد أصدرت وزارة الخارجية إرشادات حول معاداة السامية، تتضمّن من بين أشياء أخرى «الكراهية ضد اليهود والمؤسسات اليهودية والمنشآت الدينية»، وتمضي أيضاً في طريق خطر، حيث تعرف معاداة السامية على أنها «تطبيق معايير مزدوجة بمطالبة إسرائيل بسلوك غير متوقع من أي دولة ديموقراطية أخرى». ومرر عدد من الحكومات أيضاً قوانين تمنع جهود المطالبة بالمقاطعة والمعاقبة وسحب الاستثمارات من إسرائيل بسبب معاملة السلطات الإسرائيلية للفلسطينيين.
وبالطبع سيكون تأثير كل هذه التدابير هو تكميم أفواه المنتقدين ومنعهم ليس فقط من التعبير بحرية عن آرائهم، ولكن أيضاً عن السعي إلى تغيير السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بصورة سلمية.
التعليقات مغلقة.