العولمة و الشباب و المخدرات (٢-٢) / عشتار الفاعور

 

عشتار الفاعور ( الأردن ) الأحد 21/2/2016 م …

ذكرت في مقالتي السابقة التي سبق وأن نشرت في هذا الموقع عن المخدرات التي أصبحت بحق ظاهرة سلوكية واضحة المعالم ولا ينكرها إلا أعمى أو صاحب مصلحة و قمت بوضع تصورات لحجم هذه الظاهرة أشكالها و أبعادها في المجتمع الأردني و حاولتُ و لو بشكلٍ متواضع أن أوصفها وأن أضع يدي على هذا الدُمل الذي بحق أشعر بأنه بحاجةٍ الى عملية جراحية لعلاجه و تعقيمه….وفي هذه المقالة سأحاول أن أتحدث عن حلول من وجهة نظري كما أراها راجياً مما يوافقونني الرأي مشاركتي بأرائهم التي تثري وممن يخالفونني الرأي و بشكلٍ أخص إبداء أرائهم فهي تثري أيضاً و تزيد الحديث نوراً على نور .

ولعل قبل الحديث عن الحلول بشكل مباشر أود التطرق الى قضية مهمة و هي قضية “السقوط” وأقصد هنا السقوط في الأمة العربية كمرحلة إذ تعني كلمة السقوط الهبوط من مرتفع الى أدنى بغض النظر عن سرعة الهبوط ،طريقة الهبوط وعن زاوية الهبوط …..وهنا يجب التنويه على أنه قد يكون الهبوط في مختلف الزاويا أي يمكن أن يكون متعرج ،عامودي أو منحدر بغض النظر عن شدة الإنحدار أو زاوية الإنحدار وهكذا أعزائي القرّاء سقوط الأمم لا يأتي مرة واحدة أو بشكل عامودي بل يأتي متعرجاً منحدراً أي أنه منحدر نحو الهاوية بشكل تدريجي و بهذا نستنتج بأنه كلما طالت مدة السقوط كلما إزدادت سرعة السقوط وكلما كانت سرعة السقوط قوية كلما كانت نتائجه و خيمة جداً على الأمة بشكل عام و المجتمع نفسه بشكل خاص فبتالي يصبح السقوط بأشكاله المختلفة ” سياسية، إقتصادية، إجتماعية، ثقافية، أخلاقية، تعليمية، فنية، دينية، …..إلخ ” بحيث يمكن بهذه الحالة تسميتها ب (سقوط المرحلة) .

وعند التحدث عن نتائج السقوط الذي أصاب المجتمع العربي نجد أبرز هذه النتائج تكمن في :-

١- إنحدار في المستوى الأخلاقي

٢-تراجع المستوى الثقافي بشكل كبير و ملموس

٣-تغير إهتمامات المواطن العربي حيث تخلى عن القضايا الوطنية و العربية وأصبح منشغل بقضايا ثانوية  ” أي الإختلال في تحديد الأولويات “

٤-وبالتالي يصبح هناك تراجع كبير جداً في المستوى السياسي مما يؤدي إلى المنظومة الإقتصادية

٥-تراجع المستوى الفكري لدى المرأة وهنا يصبح خلل في الجانب الإجتماعي داخل المجتمع نفسه

٦-الفساد الكبير الذي نشاهده

٧-أخيراً وليس آخراً ظاهرة المخدرات

مما يقودنا الى الحديث عن المخدرات كظاهرة كما أسلفت سابقاً لأنها بالفعل أصبحت منتشرة بشكل كبير جداً في الوطن العربي بشكل عام و وطني الأردن بشكل خاص و سوف أقوم بسرد الحلول على مستوى الأردن ولكن لايعني هذا انه لا ينطبق على الوطن العربي .

في حقيقة الامر و بعد سلسلة من القراءات و الإطلاع على العديد من البحوث و الجلوس مع العديد من الأشخاص الذين عانوا من هذه الظاهرة و جدت أن السبب وراء هذا الإنتشار الواسع لهذه الظاهرة هو ” إغتيال الطبقة الوسطى ” لأن إنهيار الطبقة الوسطى مقصود و مبرمج لتدمير الأمة حاضراً و مستقبلاً أدى إلى إنهيار المنظومة الأخلاقية لدى المجتمع بشكل عام والتي من أهم نتائجها الحتمية لهذا الإنهيار هو إنهيار المنظومة التعليمية و التي يؤدي إنهيارها الى النتائج التي نشاهدها الآن من جهل و فقر و سوء المعيشة و إزدياد الطبقى الفقيرة و تلاشي الطبقى الوسطى التي هي صِمَام الأمان للمجتمع وعندما يحدث كل ذالك لهذا الصمام يصبح الإنهيار و السقوط مرحلة

أي تم تدمير منجزات الطبقى الوسطى من خلال:-

١-خصخصة التعليم و رفع تكاليفه مما أثقل كاهل الطبقى الوسطى بتعليم أبناءها

٢تراجع الخدمات الصحية لمستوى دفع المواطن لأن يبحث عن العلاج في القطاع الخاص

٣-غياب الرقابة على الأسعار و تحريرها و إلغاء وزارة التمويل مما أطلق العنان للوحش الكامن في القطاع التجاري ….بإختصار تم تكسير القواعد الرافعة للطبقى الوسطى

وهذا بدوره أدى إلى تفكيك و تدمير الطبقى الوسطى بحيث أصبحنا في الأردن تمتلك ظاهرةً إجتماعية طبقية لا مثيل لها بالعالم وهي بروز ظاهرة الطبقية في الطبقة الفقيرة بحيث أصبحت الطبقى الوسطى هي بحق برجوازية الطبقة الفقيرة و الفقيرة أصبحت إما مسحوقةً أو في فقر مدقع ( مع إمكانية لفظها بالطاء كظاهرة أردنية بإمتياز).

ومن هنا أضع تصوراتي المتواضعة متناولاً بعض الحلول لا كلها كما أراها من وجهة نظري وهي تتلخص في النقاط التالية:-

١-إعادة بناء المجتمع من خلال إعادة بناء المنظومة التعليمية بدءاً من المراحل الأساسية أولاً

٢-إعادة إنتاج الثقافة الوطنية من خلال إحياء منظومة الأخلاق و المثل و القيم التي عاش عليها مجتمعاتنا سابقاً وفقدها حاضراً

٣-إعادة بناء الضمير الجمعي للأمة من حيث وحدة الهدف و المصير و القضية المركزية

٤-إعادة إنتاج المنظومة الأخلاقية

٥-ملء الفراغ لدى المواطن ولا أقصد هنا الفراغ فراغ الوقت بل الفراغ الفكري و الفراغ الوجداني (الوطني) لدى المواطن العربي بشكل عام والمواطن الأردني بشكل خاص حيث قديماً كان المواطن مليء في قضاياه من حيث القضية الفلسطينية ، مواجهة الإستعمار و حتى القضايا الوطنية على مستوى الوطن حتى المواطن البسيط غير المعني بالسياسة كانت تشغله القضية الفلسطينية .

وبعد أرجوا أن أكون قد و فقت فيما ذهبت إليه في مقالي الأول في وصف لهذه الظاهرة وفي هذا الجزء من حلولٍ لها إنني أعتقد أن هذه الحلول قد تؤدي إلى ملء هذا الخواء الذي أصاب مجتمعنا من كافة النواحي مما أدى إلى هذا السقوط الذي نراه و نعيشه يومياً مما يفتح أعمال للحديث عن الحلول المتخصصة طبياً ، أكاديمياً و أمنياً من التي يتحدثون عنها في أجهزة الإعلام لأن الحلول التي يقدمونها ستكون دائماً عواءّ في الصحراء لا تقدم ولا تؤخر إن لم يتغير شكل البناء الإجتماعي بحيث يرفض المجتمع ظاهرة المخدرات ذاتياً قبل أن يرفضونها قانونياً والله الموفق

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.