وقف إطلاق النار في سوريا.. بين إيجابيات القرار وسلبياته / عمر معربوني
عمر معربوني ( سورية ) الأربعاء 24/2/2016 م …
إن استطاع الجانبان الأميركي والروسي أن يتوصّلا الى اتفاق لوقف الأعمال العدائية، فإنّ آلية واضحة ونهائية لم يُعلن عنها بعد خصوصاً الخلاف الروسي الأميركي حول حركة أحرار الشام وجيش الإسلام، مقابل رفض ثلاثة فصائل مسلحة حتى الآن لهذا الإتفاق وهي حركة أحرار الشام وألوية الفرقان وحزب التحرير، ليأتي اعلان حركة احرار الشام عن عدم قدرتها على الإلتزام بمثابة إحراج للجانب الأميركي، حيث اعلن كيري قبل مدّة ان الضربات الأميركية ستُوجّه على اي فصيل مسلح لا يلتزم الإتفاق. ورفض هذه الفصائل للإتفاق يعني ان مناطق إدلب واريافها وحلب واريافها لن تشهد توقفاً للأعمال العسكرية اضافة الى مناطق شرق حماه التي يتمركز فيها داعش وشمال حماه التي يتواجد فيها تنظيم جبهة النصرة وحركة احرار الشام وتنظيمات اخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لشرق حمص الذي يتواجد فيه تنظيم داعش وكامل محافظة الرقة.
هذا الوضع سينطبق على الغوطتين الشرقية والغربية لدمشق التي يتواجد فيها تنظيم جبهة النصرة وجيش الإسلام الذي سيلتزم الموقف السعودي القاضي بالعرقلة وعدم التزام الإتفاق، وهو الأمر الذي سيحصل في الجنوب حيث تتواجد النصرة وألوية الفرقان ولواء المثنى وغيرها من التنظيمات.
اهم ما جاء في بنود الإتفاق هو القوات المسلحة للجمهورية العربية السورية، وهو مصطلح يدل على أنّ الأميركيين باتوا مقتنعين بمسار مختلف عن المسار السابق الذي سلكوه رغم انهم لا زالوا حتى اللحظة يحاولون فرض مفاهيمهم، وهو أمر طبيعي يتماهى مع الرغبة الأميركية بالإستثمار في الفوضى اكبر وقت ممكن، إلّا ان توجهاً اميركياً نحو إنهاء الصراع في سوريا قبل موعد الإنتخابات الأميركية.
هذا البند هو انجاز سياسي هام جداً سيؤثر على سير العمليات في الميدان السوري ويؤدي لاحقاً الى متغيرات كبيرة في موقف اميركا التي ستكون محرجة ازاء الخروقات التي ستحصل، ويبرز عدم قدرة اميركا على السيطرة على شركائها السعودي والتركي ما سيفسح المجال امام تناقضات اضافية.
المسألة الأولى هي ان الجانب الروسي سيكون مسؤولاً عن ابلاغ الدولة السورية التي ستبلغ قواتها المسلحة والقوات التي تقاتل الى جانبها بمضمون الإتفاق بما فيها القوات الجوية الروسية، كما ستكون اميركا مسؤولة عن تبلغ موافقة الجماعات المسلحة وتلقي الردود منها، وهذا يعني ان اميركا وروسيا ستشهدان كرئيسين مشتركين للمجموعة الدولية لدعم سوريا على موافقة كل الأطراف او رفضها في موعد لا يتعدى الساعة 12 ليلاً بتاريخ 26 شباط، ما يعني ان كل من لا يلتزم مفاعيل هذا الإتفاق سيكون بمواجهة اميركا وروسيا بحسب مضمون الإتفاق.
في الجانب السلبي ربما سيتيح هذا الإتفاق للجماعات المسلحة اعادة تنظيم صفوفها وتعويض خسائرها في الأفراد والمعدات عبر المعابر وخطوط الإمداد تحت حجة مرور المواد الإغاثية، إلّا اذا وضِع لذلك آليات دقيقة للمتابعة والمعالجة، خصوصاً ان الإتفاق يتضمن بنوداً واضحة في هذا الشأن لجهة امكانية استخدام الضروري من القوة في حالة الدفاع عن النفس، وهو امر لا يمكن التأكد منه وقد يشكل احد الثغرات الكبيرة في اقدام الجماعات المسلحة على استغلال وضع ما للإندفاع مستفيدةً من حالة وقف الأعمال العدائية.
في الجانب الإيجابي سيكون هناك نقطتان:
1- الجانب الإنساني والذي سيتضمن وصول المعونات والمساعدات الإغاثية بكل اشكالها، اضافة الى العمل على تسهيل وصول المنظمات الدولية والمحلية الى كل مناطق الصراع دون اية اعاقات والعمل على اطلاق سراح الأسرى والمخطوفين برعاية الأمم المتحدة، وربما تسهيل عمليات التواصل مع الفصائل التي ستلتزم الإتفاق لإجراء تسويات معها، وهو امر سينعكس ايجابياً على بعض المناطق.
2- الجانب العسكري حيث سيتيح وقف الأعمال العدائية في بعض المناطق من تركيز جهد الجيش السوري وحلفائه على مناطق داعش والنصرة والتنظيمات المتعاونة معهما، وخصوصاً في ارياف ادلب وريف حلب الشرقي وريف حماه الشرقي وريف حمص الشرقي. واذا ما كانت ارياف ادلب لا ترتبط بعلاقة مباشرة بالجبهة الشرقية اي الرقة ودير الزور، فإنّ باقي الأرياف سيكون ضرورياً تطوير العمليات الهجومية للجيش السوري فيها باتجاه الرقّة، وهو امر بات اولوية للدولة السورية من الناحيتين العسكرية والسياسية ويرتبط بالكثير من التعقيدات الإقليمية والدولية.
ورغم اننا قمنا بتبيان الجانبين السلبي والإيجابي لموضوع وقف الأعمال العدائية، فإنّ تنفيذ مضمون الإتفاق لن يكون سهلاً وربما سينهار سريعاً لعدم رغبة السعودية وتركيا بالأمر واعتباره ضمن حدود الحد الأدنى من طموحاتهما ومشاريعهما، وهو ما سيشكل برأيي العامل الساسي لإنهيار الإتفاق.
*ضابط سابق – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
التعليقات مغلقة.