الزراعة في الأردن… بين إهمال الحكومة وأزمات الجوار
السبت 27/2/2016 م …
محمد شريف الجيوسي …
تعتبر الزراعة والتعليم إلى جانب الأمن والجيش الوطني في أي بلد من العالم، مؤشرات إستقراره وأمنه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي .
ولكن ركنين هامين في هذه المعادلة ما زالا خارج معادلة الاهتمام الكافي في الأردن ، وهما الزراعة والمزارعين والتعليم والمعلمين ، ..
وسأقصر هذه المقالة، على الزراعة والمزارعين في الأردن ، عبرالحديث عن اعتصام مزارعي الأغوار احتجاجا على أوضاعهم الاقتصادية ومعاناتهم ، حيث اعتبروا أن الحكومات الأردنية لا تولي قضاياهم ما تستحق من رعاية واهتمام ، وفي المقدمة تأمين الأسواق والمعابر الآمنة وبخاصة مع كل من سورية والعراق ، فهما أهم بلدان مستوردان للخضار والفواكه الأردنية، ومعبران لتصديرها إلى أوروبا ، كما تعتبر سورية اهم مصدر لبعض منتجات الخضار والفواكه التي تحتاجها السوق الأردنية .
إن إزدهار الزراعة في اي يلد من العالم ، يعني ضمانة الأمن الغذائي ، واستقرار الإنسان في ارضه وعدم الهجرة إلى المدن الكبرى؛ حيث تتسبب الهجرات من الأرياف للمدن الكبرى في تصحر الأراضي الزراعية ، وخلق مشكلات إجتماعية وديموغرافية وبطالة في المدن.
إن قطاع الزراعة لا يتعلق بالمزارعين فحسب،من زراعة للخضار والفواكه والحبوب بأنواعها، وإنما بكل أشكال الزراعة من تربية للأغنام والماعز والأبقار والجمال والخيول،ومزارع الأسماك والدجاج اللاحم والبيّاض..كما تتعلق بالمشاتل والغراس وزراعة الورود ونباتات الزينة ، والنباتات البرية والعلاجية .
والزراعة تتصل بالعديد من الأعمال والأنشطة المساعدة، أو المتولدة عنها ك: البذور ، والسماد الحيواني والكيماوي، والأعلاف،والمبيدات الحشرية،وأنظمة الري والحراثة والبيوت البلاستيكية ، والتخزين والتبريد والنقل .
كما يتصل بالزراعة التسويق المحلي والخارجي(المصدرون والمستوردون) والهندسة الزراعية والبيطرة،والعلاجات الزراعية والتقليم،والتشجير،والصناعات الزراعية كـ: المنسوجات والصناعات الغذائية والكونسروة والسكر والزيوت والمعجنات والفواكه المجففة .
وبهذه المعاني نجد أن المعنيين بقطاع الزراعة موضوعياً هم الأكثر عدداً (من وجهة مهنية وحرفية وفنية وعلمية وتجارية وصناعية ) فضلا عن ان كل مواطن في أي بلد في العالم ، في حاجة قصوى للتعامل مع منتج زراعي واحد على الأقل .
وإذا أضفنا الى ذلك مزايا استقرار المزارعين في مناطقهم ، سواء عليهم أوعلى اوطانهم، وهو ما أشرنا إليه في مقدمة هذه المقالة ،يتضح أن تولي الحكومات ؛ الزراعة في كل البلدان اهمية قصوى.
وإن امتلاك أي بلد في العالم ؛ الثروات والصناعات الثقيلة ، والقوة والنفوذ والعملات الصعبة ، لا يجعله في مأمن حقيقي وقرار مستقل، طالما لم يمتلك الأمن الغذائي على الأقل في مجال الزراعات الإستراتيجية من حبوب وبذار وزيوت ولحوم ومنتجات خضار وفواكه رئيسة وخبرات زراعية وبيطرية كافية؟ فكيف والحال في بلدان صغيرة كـ الأردن .
إن اهتمام الحكومات المتعاقبة (المفترض) بالزراعة يعني استقراراً اجتماعيا وديمغرافياً واقتصادياً ، ويعني إمتلاك القرار السياسي والإقتصادي أو الإقتراب منه ، ويعني امتلاك الأمن الاجتماعي ، وتكامل القطاعات الإقتصادية ، وإعلان حرب لا هوادة فيها على البطالة .
وحتى يكون الاهتمام متحققاً ، لا ينبغي النظر للزراعة وفق منظور الغرب الرأسمالي وفقر المياه جراء سرقة الكيان الصهيوني لمياه نهري اليرموك والأردن وسفوح الضفة الغربية ، وأحواض مياه أخرى عديدة (..)!؟ وإنما للنتائج البعيدة والقريبة للزراعة كمكون اقتصادي وديمغرافي واجتماعي وثقافة أردنية عربية عريقة .
إن العودة للزراعة بمفهومها الشامل الواسع وبخاصة الزراعات الإستراتيجية منها ، سينعكس إيجابيا في المدى المتوسط على مجمل الحياة في الأردن، مهما أنفق عليها من أموال حتى يتمكن المزارعون ( بكل انواع زراعاتهم ) من الصمود .
ولكي يكون الاهتمام في صلب الاستراتيجية الاقتصادية الأردنية، لا بد من أن تكون هناك مؤسسات لٌلإقراض والتسويق الزراعي، ونشرات تثقيفية وإرشادية للمزارعين وإنشاء غرفة زراعية ، وإقامة تعاونيات زراعية ، ومعامل لإستيعاب الفائض من المنتجات الزراعية ، وفتح الأسواق ومعابر التصدير، ودعم الشحن الجوي والبحري وانتهاج سياسة واضحة للتعويض عند حدوث عواصف أو حرائق وما أشبه والتعويض في حالة الحروب والزامية النمط الزراعي للمزارعين وربط العمالة الوافدة بوزارة الزراعة ووقف الملاحقات القضائية بحق المزارعين وجدولة قروضهم ، ووقف التعامل الزراعي مع الكيان الصهيوني من خلال تطوير الزراعة المحلية ، ، والإستيراد من بلدان عربية أخرى كمصر والسودان وسورية ولبنان وتونس والجزائر ، عند عدم كفاية المنتج المحلي ويمكن مبادلته بمنتجات أردنية زراعية متوفرة .
وسأحاول في مقالة قادمة الحديث عن المعلمين والتعليم .
عن ورقية البناء اللبنانية اليومية
التعليقات مغلقة.