محاضرة الكاتب والمحلل السياسي الأردني محمد خروب في نادي ابن سينا حول الوضع في سورية
محمد شريف الجيوسي ( الأحد ) 28/2/2016 م …
*الظلاميون يريدون فضاءً عربياً معتماً ودموياً وفرصة لتمرير خطابهم التكفيري وإعلاء شأن نظرياتهم الإلغائية
*كل عربي تقدمي ووطني وقومي ومخلص ، مستقيم ونزيه، يرفض الهيمنة الامريكية ويقارع المشاريع الإستعمارية
*تركيا يسلطانها العثماني قوة ظلامية إرهابية تتوفر على اموال وقدرات وامكانات وحدود مع سورية
*القرار 2268 الذي صدر فجر السبت 27 شباط 2016 مليء بالثغرات والفجوات والغموض والمصطلحات
*الإنخراط الروسي في شِقه العسكري المُباشر والمُعلن، في سورية ستترتب عليه استحقاقات كثيرة على موازين القوى وشكل الصراع الذي سيكون بين واشنطن المنكفئة والمرتبكة وبين وبين القوى الصاعدة والمنخرطة في تجمعات اقتصادية كبيرة تقودها بفعالية وتصميم روسيا والصين
*الدور الروسي في المنطقة, مرتبط بمآلات الأزمة لسورية
*المعركة المحتدمة الان ستكون قاسية ومُكلِفة وقاصمة لأحد المعسكرين
*الربيع العربي إشهار جهنمي لخطط صهيواميركية اُخرِجت من جوارير غرف الأجهزة السوداء ووضِعت موضع التنفيذ ، عنوانها نشر الفوضى وبذر بذور الفرقة ووأد الفكرة القومية العربية ودحر القضية الفلسطينية
*روسيا باتت رقما صعبا في المنطقة .. وتركيا اطلقت النار على رأسها عندما اسقطت طائرة سلاح الجو الروسي
*موسكو وواشنطن تُشكلان “خندقان متقابلان” في قضايا وملفات جوهرية ” تشي بأن ثمة شبح في الأفق يقترب؛ اسمه الحرب الباردة
*من المستبعد وقوع خلاف روسي سوري ، بعد ان قطع الطرفان مرحلة يمكن وصفها بـ”مرحلة اللاعودة” ولأن هزيمة أحدهما, تعني انتصار المشروع الأميركي بغير جدال
*نتائج الأزمة السورية ، ستكون علامة فارقة في المعركة المفتوحة على اتساع ميادينها…
الظلاميون يريدون فضاءً عربياً معتماً ودموياً وفرصة لتمرير خطابهم التكفيري وإعلاء شأن نظرياتهم الإلغائية ، القائمة على سيل لا ينتهي من الفتاوى والتأويلات التي لا ترى في البشر الا وقودا لأحلامهم وكوابيسهم القائمة على نفي الآخر ورفض المنطق والتفكير السليم والغاء العقل واضطهاد المرأة واعادة البشرية الى القرون الوسطى, حيث الخضوع التام لولِي الأمر, الذي يُخبِرنا تاريخنا الحقيقي, غير المُزوّر وغير الدعِّي, انه ولي فاسد وفاسق لا يقيم العدل ولا يحفل بالصالح العام .
وأضاف خروب أن كل عربي تقدمي ووطني وقومي ومخلص، مستقيم ونزيه، يرفض الهيمنة الامريكية ويقارع المشاريع الإستعمارية ويقف في وجه القوى الظلامية والقوى الارهابية التي ليست تلك التي تخلع على نفسها فقط اسماء منظمات وكتائب وجبهات ومشاريع لدولة خلافة مزعومة،بل هي دول تتوفر على اموال وقدرات وامكانات وحدود مع سورية ، تعصف بها أفكار العظمة والغرور والإستعلاء, كتركيا وسلطانها العثماني الجديد الذي يطمع في تعديل حدود بلاده الراهنة وايصالها الى خط “الموصل ــ حمص” ثم استخدام الخط لجديد ( الذي يحلم به ) كي يقفز على ما تبقى من بلاد الشام والعراق .
واعتبر خروب القرار 2268 الذي صدر فجر السبت 27 شباط 2016 مليء بالثغرات والفجوات والغموض والمصطلحات, التي هي في صُلب الصياغات الدبلوماسية التي تُطْرَح, كي تُخفي طبيعة الصراع بين الأقوياء، وكي تُشْعِر كل طرف بأنه ” رابح ” ما يترك التفسيرات او الاختلافات لمرحلة لاحقة لصدور القرار ، وعندها تكون ( الميادين ) و موازين القوى المستجدة، هي التي تحدد الصياغات الواقعية سياسية ام دبلوماسية وخصوصا عسكرية.
منوهاً بأن نتائج هذه الأزمة بالغة التعقيد ، هي التي ستقرر طبيعة وشكل النظام الدولي الجديد ، بعد ان اظهرالإنخراط الروسي في شِقه العسكري المُباشر والمُعلن،ان استحقاقات كثيرة ستترتب على موازين القوى وشكل الصراع الذي سيكون بين واشنطن المنكفئة والمرتبكة وان كانت لم تفقد مخالبها القوية والجارحة بعد وتُعلن بصلف: انها ذاهبة لنقل الصراع الأساسي الى منطقة المحيط الهادئ وبخاصة بحر الصين الجنوبي، وبين القوى الصاعدة وتلك المنخرطة في تجمعات اقتصادية كبيرة تشارك بل تقودها بفعالية وتصميم روسيا والصين؟
وشدد خروب أنْ لا أحد بات يجادل في اهلية وفاعلية الدور الروسي او يحاول التقليل من أثره, ان لجهة قلب موازين القوى العسكرية على الأرض السورية .. ام لجهة قطع الطريق على المحاولات الأمريكية التي لم تنتهي لمحاصرة روسيا وعزلها واستنزاف قُواها.
ورأى أن فرصة غير مسبوقة اتاحها ما وُصِف ذات يوم اسود ، بأنه الربيع العربي, فإذا به إشهار جهنمي لخطط صهيواميركية اُخرِجت من جوارير غرف الأجهزة السوداء ووضِعت موضع التنفيذ, عنوانها نشر الفوضى وبذر بذور الفرقة ووأد الفكرة القومية العربية ودحر القضية الفلسطينية الى ( قاع ) جدول الاعمال العربي والدولي, وبخاصة في اندلاع حرب مذهبية سنية شيعية, تُقصي وتطمس في الأساس على الصراع الطبقي الذي تخوضه الغالبية العظمى من الجمهور العربي, ضد الكمومبرادور والرأسمالية غير الوطنية حليفة النيوليبرالية المتوحشة التي ” أممّت ” الفضاء العالمي الإقتصادي والمالي، وألغت سيادات الدول ودمرت اقتصاداتها المُنهَكة, عبر سياسات العولمة واشتراطات منظمة التجارة العالمية وقبلها ومنذ 6 عقود ونيف وَصَفات البنك والصندوق الدوليين, التي أمسكت بأعناق الدول وشعوبها المُفَقّْرة, عبر فتح قنوات الإستِدانة المُشروطة ببيع القطاع العام والخصخصة والإعفاءات الضريبية السخية لكل من يُوصفون زوراً بالمستثمرين .
ورأى خروب ، أن الدور الروسي في المنطقة, مرتبط تماما بمآلات الأزمة لسورية ، اذ كل ما سيكون في المنطقة في اليوم التالي لإنتهاء الأزمة, سيغدو بالتأكيد نِتاج المواجهة على ارض الشام ، ولهذا فإن المعركة المحتدمة الان, ستكون قاسية ومُكلِفة وقاصمة لأحد المعسكرين, ايا يقال وما يشاع, وما تفيض به تقارير اجهزة الإستخبارات التي تخوض حربا نفسية واسعة وشرسة تنهض على الاكاذيب والاختلاق, سلاحها الإشاعة وظهيرها رهط الطائفيين والمذهبيين وعبدة البترودولار, الذين يظهرون على الفضائيات والمواقع الإلكترونية والصحافة الورقية وغيرها من وسائل التواصل الإجتماعي .
التذكير بمنتدى ميونخ للأمن, الذي يُعقد سنويا منذ أكثر من نصف قرن, والذي بات يشكل ــ كما منتدى “فالداي” الروسي بنسخته الثالثة عشرة– فرصة لقراءة او طرح التصورات عن عالمنا بأبعاده المختلفة, التي لم تعد كما كانت في السابق, ذات بُعدَيْن, كما هي الحال قبل العام 1991, وان كانت موسكو وواشنطن ما تزالان تُشكلان “خندقان متقابلان” في قضايا وملفات جوهرية ” تشي بأن ثمة شبح في الأفق يقترب, اسمه الحرب الباردة .
واستذكر خروب مقولة رئيس الوزراء الروسي ميدفيدف في ميونخ هذا العام بان حربا باردة يمكن ان تندلع مجددا, مُذكِرا في شكل لا يخلو من دلالة, بأحداث اوائل الستينات الخطيرة, قاصِداً أزمة الصواريخ الروسية في كوبا … ومقولة بوتين في ميونخ عام 2007 يأن سقوط الإتحاد السوفياتي كان أكبر كارثة جيواستراتيجية في القرن الـ 20 .. معتبراَ بأنه بموجب القراءة الروسية المعلنة منذ 2007 ، تجري قواعد الصراع في سورية، وان كانت موسكو تُصِّر دائما على القول: ان خطواتها متسقة والقانون الدولي.
واستعاد خروب ما حدث في أبخازيا واوسيتيا الجنوبية سنة 2008 وقبل عامين من الان , في شبه جزيرة القرم, بعد الإنقلاب الفاشي الذي قاده عملاء مخابرات أميركية في كييف ضد الرئيس المنتخب يانوكوفيتش, بعد ساعات من إتفاق رباعي تنكّرت له لاحقا المانيا وفرنسا والإتحاد الأوروبي .
واعتبر خروب ، ان روسيا باتت رقما صعبا في المنطقة .. وان تركيا اطلقت النار على رأسها عندما اسقطت طائرة سلاح الجو الفضائي الروسي سو 34 في 24 تشرين الثاني الماضي، منهية بذلك دورها, وان كانت ما تزال تلعب دورا تخريبيا وعدوانيا, يخفي اطماعاً عثمانية استعمارية ، فضلا عما يحدث في العراق من مؤامرة اقليمية ودولية باتت مُعلنة, تقودها من أسف, نُخَب سياسية وحزبية عراقية ,تسعى بلا كلل تحت يافطات مذهبية, الى تقسيم العراق عبر صيغة الأقاليم التي لن تصمد طويلا وسيغدو العراق 3 دول وربما أكثر .
ورأى خروب أن مستقبل الأزمة لسورية هو الذي سيُحدَّد خطوات موسكو المستقبلية ( في العراق ) وفي قدرة ” الحلفاء ” في الأزمة السورية الراهنة ، على البقاء في دائرة الإلتقاء عند المصالح ,دون ان تُفرِّق بينهم الإختلافات او تعصف بهم الأطماع او الشكوك .
ورأى خروب أن الأزمة السورية مفتوحة المفآجآت والنهايات, اذ بدون حدث مفصلي يُحدث تغييراً وأثراً جوهريين، لا يمكن التكهن بالمدى الذي ستستغرقه المواجهة العسكرية ، فضلاً عن الصراع السياسي والدبلوماسي الذي لا يقل ضراوة ؟
واستبعد خروب وقوع خلاف روسي سوري ، بعد ان قطع الطرفان مرحلة يمكن وصفها بـ”مرحلة اللاعودة” لأن اي هزيمة لأحدهما, تعني انتصار المشروع الأميركي بغير جدال . ما بالك ان الغرب ذاته, بما فيه الإتحاد الأوروبي وعلى رأسه المانيا قد اقتنع بأنه فشل في ” فرض الطاعة ” على الرئيس بوتين عن طريق العقوبات الإقتصادية او محاولة عزل روسيا سياسيا ودبلوماسيا, فموسكو لم تتراجع في اوكرانيا بل ” هبطت ” في براعة ورشاقة وقدرة ماثلة في سوريا والبحر الأبيض المتوسط, فهل تُدرِك اوروبا الآن, معنى المُضِي قدما في “تدليل” أنقرة,حيث الأخيرة لا تُخفي رغبتها في تقسيم سورية عبر اقامة منطقة حظر جوي بزعم اقامة مخيمات للاجئين السوريين, فيما هي تريدها مقرا لحكومة الدُمى التابعة للإئتلاف وهيئة رياض حجاب .
واستهجن خروب تأييد ميركل للمطلب التركي, نفاقاً لإنقاذ مستقبلها السياسي من هجوم القوى اليمنية والفاشية المتطرفة التي ترفض “اسلمة اوروبا” والتي تقودها حركة بيغيدا في درسدن وباقي المدن الالمانية وبعض الاوروبية. وبخاصة الجبهة الوطنية في فرنسا .. ونتائج الإنتخابات البلدية والبرلمانية الاخيرة في بعض الدول الاوروبية … تؤكد ذلك .
وأعاد خروب التأكيد على أن نتائج الأزمة السورية ، ستكون علامة فارقة في المعركة المفتوحة على اتساع ميادينها ,سواء على مستوى انهيار اسعار النفط الذي بدأ كمؤامرة لاستهداف روسيا فبل ان يرتد خسارات لاتتوقف على الاشرار والمتآمِرين.. مستعيراً ما قاله رئيس المخابرات المركزية الأميركية الأسبق مايكل هايدن ،بان تغييرات “تكتونية” تحدث في العالم بخاصة في الشرق الأوسط, وتتجلى في انهيار أساسي للقانون الدولي,وانهيار الاتفاقيات التي تلت الحرب العالمية الثانية, وانهيار الحدود التي تم ترسيمها في فيرساي وسايكس بيكو .
يذكر أن حديث الكاتب والمحلل السياسي الأردني محمد خروب الصحفي في ورقية الرأي الأردنية اليومية كان في سياق محاضرة له في نادي ابن سينا بالعاصمة عمان بعنوان ( مستقبل الأزمة السورية والدور الروسي في المنطقة ).
التعليقات مغلقة.