وفاق غربي على ليبيا / فادي عيد

 

فادي عيد ( مصر ) الجمعة 4/3/2016 م …

تتزايد كل يوم وتيرة التحركات العسكرية السرية و السياسية العلنية تجاه ليبيا، فبعد انشغال كامل من القوى الدولية و المراقبين و الشاشات بالملف السوري باتت ليبيا و بدون أي مقدمات تتصدر الصحف و التصريحات و باتت أغلب الدول الاوربية تصب كل أهتمامها بليبيا، فهل من المعقول ان اوربا و الولايات المتحدة تذكرت فجأة المآسي الانسانية التى يتعرض لها الشعب الليبي على يد التنظيمات الارهابية منذ سنوات و هي نفس الدول التى وقفت ضد تسليح الجيش الليبي نفسه، و هنا السؤال يطرح نفسه هل سبب تعجل الغرب فى ظهور حكومة وفاق وطني قبل بدء التحضيرات العسكرية من عمليات استطلاع و جمع معلومات حول القبائل و الجغرافية الليبية هو تفاقم ازمة اللاجئين على سواحل أوربا فقط، أم أن هناك سببا أخر هو الذى وضع لنا مشهد الهدنة بسوريا كي تعيد واشنطن ترتيب اوراقها و القطع المسلحة على رقعة الحرب السورية بعد أن تأكلت واحدة تلو الاخرى على يد الدب الروسي و اعادة النظر فى حلفائها الاقليميين و فى مقدمتهم اردوغان بجانب بدء الاستعداد لدخول المسرح الليبي، فى الوقت الذى تسحب فيه فرنسا حاملة طائراتها شارل ديغول من الخليج ( المخصصة لاثبات الحضور الفرنسي بالعراق و سوريا ) بالتزامن مع فشلها فى اخراج جبهة النصرة من قائمة التنظيمات الارهابية و هو اعتراف رسمي بخروجها من الحلبة السورية مثل غيرها بعد اتفاق الكبار ( روسيا و امريكا ) بأنهاء الازمة السورية دون صبيان الاقليم، قبل أن تندم فرنسا على ترك ليبيا منذ فترة لروما و الان تعود فرنسا فرنسوا هولاند الى ليبيا عبر بوابة جديدة غير بوابة الناتو التى دمرت البنية التحتية للدولة الليبية بعام 2011م .

فكما لعب مؤتمر بون 2001م بالمانيا دور بدء البوابة لمرحلة التدخل العسكري فى افغانستان بعد تنصيب حامد كرزاي كرئيس لأفغانستان ثم موافقة كرزاي على التدخل الاجنبي فى بلاده كذلك لعب مؤتمر ميونيخ الاخير دور مرحلة الانتقال من الملف السوري الى الليبي قبل أن يتعجل المبعوث الاممي مارتن كوبلر مدعوما من حكومات غربية بسرعة تنفيذ خطوة حكومة وفاق وطني بأي شكل و تحت أي مسمى حتى و لو لم يتفق الداخل الليبي نفسه عليها و ان تحفظت عليها القبائل و ان رفضها نواب البرلمان و أن لم يقتنع بها المؤتمر، فأي حالة وفاق تلك التى يسعى الغرب لتنفيذها فى ليبيا بتلك السرعة القصوى فى ظل عدم موافقة أي طرف داخل ليبيا نفسها على تلك الحكومة .

بكل تأكيد ضمير حلف الناتو الذي دمر ليبيا باشراف من الولايات المتحدة بعام 2011م لم يستيقظ الان تجاه ليبيا و شعبها، كما أن أزمة اللاجئين ليست الدافع الوحيد الذي جعل فرنسا و ايطاليا و المانيا و الولايات المتحدة يضعا ليبيا أولى اولوياتهم بالفترة الحالية فكان لتهديد التنظيمات الارهابية لمصالح اوربا فى حقول النفط الليبي خلال شركات استخراج و استكشاف النفط الاوربية المتواجدة بليبيا مثل أيني الايطالية و توتال الفرنسية و ريبسول الاسبانية و غيرها خطرا حقيقيا حتى طالبت تلك الشركات حكومات بلادهم بالتدخل المباشر، حتى باتت أعين الغرب تلتفت على أكبر دول القارة السمراء من أحتياطات النفط .

و على غرار ما حدث بافغانستان و العراق 2001م و 2003م دعونا نتذكر تصريحات حكومة جنوب افريقيا منذ عامين عندما قالت انها لن تسلم اموال ليبيا المجمدة لديها و المقدرة بـ 209 مليار دولار فى ظل ذكر مصادر اخرى ان تلك الاموال تتخطى 350 مليار دولار الا لحكومة متفق عليها فالودائع الليبية مخزنة في 7 مستودعات تحت حراسة مشددة بمخابئ سرية ما بين جوهانسبورغ و بريتوريا مودعة بطريقة قانونية في 4 بنوك هناك، بالاضافة إلى أصول أخرى قانونية تتمثل في فنادق في جوهانسبورغ و كيب تاون .

 و تلك هى ليست المحاولة الاولى من الولايات المتحدة لسرقة الاموال الليبية بجنوب افريقيا فقد كشفت صحيفة الاندبدنت أون ساندي البريطانية إن شركتين أمريكتين مقر إحداهما في تكساس والأخرى في مالطا حاولتا الاستيلاء علی هذه الأموال عبر الإدعاء بتمثيلهما للحكومة الليبية مستخدمة وثائق مزورة لارتكاب ما وصفته بأنه أكبر سرقة فى العالم قبل ان تقف جنوب افريقيا ضد ذلك الاحتيال . فمن الواضح أننا لسنا امام محاولة خلق حكومة وفاق وطني بليبيا و لكن امام حالة وفاق غربي على تقسيم الغنائم الليبية على غرار السيناريو العراقي .

الباحث السياسي و المحلل الاستراتيجي

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.