سورية بوصلة الكرامة العربية / د. يحيى محمد ركاج

 

د. يحيى محمد ركاج * ( سورية ) الإثنين 7/3/2016 م …

* باحث في السياسة والاقتصاد …

خمس سنوات عجاف حلت بالمنطقة العربية انعكست آثارها على المنطقة المسماة شرق المتوسط أو الشرق الأوسط، فاكتوت بنارها القارة العجوز، وسقط ضحيتها سياسيون وفلاسفة ومفكرون، وسقطت معها الإنسانية جمعاء أمام مكر المدبرين لها وقذارة أدواتهم التي شملت الشرف والكرامة وحتى دماء الأطفال والأبرياء.

خمس سنوات ولا تزال موجة هذه السنوات العجاف في تزايد رغم تباطؤ وتيرة هذا التزايد مقارنة بالسنوات الأولى لها، ولا تزال دماء السوريين خاصة والمسلمين والعرب على وجه العموم هي من يلون راية هذه السنوات وتواريخها.

خمس سنوات ولا تزال عقول البعض مغيبة في دهاليز الفتاوى الدينية والتحريض المذهبي والليبرالية المتوحشة فلم تعد هذه العقول ترى سوى ثراء فاحش يقوم على سرقة الشعوب واستغلالها، أو على غريزة يتم إشباعها بالسبي وملك اليمين، أو حورية تنتظرهم تحت راية الدين ,فلم تعد الوقائع طبيعية أو حتى منطقية، كما لم تعد الموازين والمقاييس دقيقة، فالمنطقة برمتها خاسرة، وكل من تورط وانصاع للأوامر الصهيوأمريكية خاسر، وان اختلفت مظاهر الخسارة وشدتها ارتباطاً بدرجة القرب أو البعد عن مركز الأحداث الدائرة، أو ارتباطاً بمفهوم عسكري أو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو مفهومات مخترعه، فأوروبا المنتصرة بمكاسب الديموغرافية خاسرة باستنزاف المهاجرين لقوتها.

وتركيا المنتشية بتدمير البنية التحتية السورية وسرقة مصانعها وجهد أبنائها وسمسرة تهجيرهم، والمنتشية أيضاً برواج تجارة الأعضاء البشرية وارتفاع مساهمة القطاع الصحي وتجارة السلاح بالناتج المحلي الإجمالي لها نتيجة الحرب السورية خاسرة أيضاً بسبب تآكل بنيتها القومية وإعادة عداواتها السابقة إلى العلن، ولعل خسارتها الأكبر في افتضاح نواياها غير النزيهة تجاه جيرانها وحلفائها وحذرهم منها.

 كذلك حكام الخليج المنتشين بتحقيق مكاسب الظهور السياسي العالمي الذين قادوا بلادهم لخسائر في الثروة والسيادة والكرامة، وهم أنفسهم في طريقهم لخسارة عروشهم التي ترعاها المخابرات الغربية.

ولعل المفارقة الكبرى في موازين الربح والخسارة هو مركز الثقل للأحداث الدائرة، فسورية المقاومة رغم ما ألم بها من تدمير لبنيتها التحتية وسفك لدماء أبنائها وتهجيرهم وتشريدهم وتفكيك بنيتهم المجتمعية إلا أنها في ميزان الربح والخسارة والانجازات القادمة لا يستطيع أحد أن يعتبرها خاسرة.

 فسورية بشخصيتها الاعتبارية وبتحالفاتها السياسية وبمفهوم الدولة والعقد الاجتماعي ومفهوم الإنسانية والشرف والكرامة وتطلعات الشباب العربي واستثمار موقعها الجيوستراتيجي وحدها المنتصرة، وإن لم تكتمل صورة النصر للآن إلا أنها في خطاً أصبحت متسارعة جداً نحو بيارق النصر.

حيث تحالفاتها الاستراتيجية قد أثمرت توازنات جديدة فرضت إيقاعها في الميادين العالمية ولا تزال نتائجها الإيجابية مرتبطة بصدى الانتصار السوري المتزايد.

وحلف المقاومة الذي مثلت عصبه الرئيس في السنوات السابقة أدى غايته خارجياً وداخلياً بنجاح، بل إن قائمة أهدافه الخارجية أصبحت بعد سنوات الربيع العجاف في تزايد سيادي بارز.

فميزان الربح والخسارة في سورية تديره عناية سماوية تفوق كل اعتبارات العدالة الوضعية، فالظاهر قتل وتدمير وتهجير وتشريد ووأد للعقول والأفكار والقيم الإنسانية، والواقع يقوله لنا أعداؤنا دون إدراكنا بأهميته، فوضع حزب الله المقاوم على لائحة الإرهاب من قبل مجلس المتآمرين العرب بعد سنوات يدّعون فيها إضعافه وتدميره وتفكيكه وحصاره ليس إلا تقليلاً من المكاسب التي سوف تحققها سورية المقاومة في الأيام القادمة.

واعتراف من يدعون تمثيل السوريين بأن حراكهم كان في توقيت خاطئ لأنه توقيت اندلاع حروب الغاز والطاقة العالميين ليس إلا تقليلاً للمكاسب التي سوف تحصدها سورية من التفاوض على عقودها النفطية في المنطقة.

وإجراء انتخابات مجلس الشعب السوري في موعده رغم الدجل والزيف السياسي الموجه ضد سورية ليس إلا انتصارا لسيادة الدولة السورية وانتصاراً لعقدها الاجتماعي رغم أنياب الكلاب التي استمرت لسنوات تنهش بها.

وما الإقبال المتزايد على الترشح لهذه الانتخابات إلا رسالة بالغة الوضوح بأن سورية المقاومة بما تمثله من حلف مقاوم شريف صامد هي باقية مستمرة كدولة واحدة متماسكة، توجه تحالفاتها بما يحقق أهدافها، تميل مع الريح ولا تنكسر، تتباطأ ولا تتراجع، تقف مكانها برهة أو تتراجع خطوة تحفزاً لانطلاقة سيل عرمرم نحو الأمام، فهي كانت ولا زالت قبلة وبوصلة لمن يريد الانتصار والشرف والعزة والكرامة.

عشتم وعاشت الجمهورية العربية السورية

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.